كما دائما.. وعد بالحرب مجددا

"وكما كنت اعدكم بالنصر دائما، أعدكم بالنصر مجددا"… وصفق الجمهور والتهب وعلت صرخات الابتهاج والتكبير. وبما ان الموضوع لا يتعلق بلعبة كرة قدم او سلة فان نوع النصر الذي وعدنا به امين عام حزب الله حسن نصرالله في خطابه بالذكرى الـ13 لتحرير جنوب لبنان هو من فئة الذي لا يستجد الا بعد حروب ودمار وقتل ومآس. لذلك فان العبارة الاصح المختبئة في طيات هذا الشعار الرنان والمدغدغ لمشاعر المندفعين ليس الا "وكما وعدتكم بالحرب سابقا اعدكم بالحرب مجددًا".

ولم تكن الفترة السابقة والتي امتدت لأشهر عديدة الا تمهيدا ممنهجا لاعداد الجمهور اللبناني لاسيما الشيعي على تقبل واقع انخراط الحزب رسميا كرأس حربة الى جانب النظام في الداخل السوري، لكن ما سمعناه يوم السبت هو اعلان حرب سنعيش على ايقاع قرع طبولها لأشهر قادمة.

وهناك حاجة للتوقف على ما هو غير معتاد في خطابات نصرالله وتحديدا الافراط في "الديماغوجية والدعاية السياسيتين" حين يعلن ان "سورية اذا سقطت في يد الاميركي والاسرائيلي والتكفيري وأدوات اميركا في المنطقة فستحاصر المقاومة وستدخل اسرائيل الى لبنان لتفرض شروطها على اللبناني وتحيي اهدافها من جديد، واذا سقطت سورية ضاعت فلسطين وضاعت المقاومة في فلسطين وغزة والضفة الغربية والقدس الشريف وشعوب منطقتنا قادمة على عصر مظلم وقاس". وضع نصرالله الجميع (ما عدا ايران وروسيا) في خانة الاعداء وربط مصيره ومصير القضية الفلسطينية بمصير النظام حتى ان الدكتور اسعد ابي خليل وهو من اكبر المناصرين الاكاديميين لحزب الله ومحور الممانعة عارض هذا الموقف وعقب عليه بـ"ستاتوس" عبر فيسبوك قائلا: "اختلف مع نصرالله حيال مقولة ان سقوط النظام في سورية ضياع لفلسطين…".

لكن كل ذلك يبقى في سياق الافكار والنظريات لأن الواقع امر مختلف وهو اكثر قساوة مما شهدنا حتى اليوم. ففي هذه المرحلة الجديدة نقل فعلي للصراع الى الساحة اللبنانية وقد يكون في لبنان من يؤيد الانخراط في النزاع لصالح النظام، لكن الترجمة الفعلية لهذا التأييد تعني حكما تشريع نقل الطرف الآخر ايضا (اي التكفيريين المفترضين) معركته الى لبنان وضرب حلفاء سورية وعلى رأسهم حزب الله، وهنا يكمن خطر حقيقي لقدرة التكفيريين على القيام بتفجيرات وزرع سيارات مفخخة في الضاحية الجنوبية (مثلا)، وقد وهددوا بذلك منذ اشهر في حال انخرط حزب الله رسميا في الصراع.

الامين العام على حق وعلى قدر كبير من الصراحة في رده على رئيس الجمهورية دون ان يسميه واعلانه ان المعركة حاصلة شاء من شاء وابى من ابى، ويثبت خطابه وكل ما سيتبع ان لا مكان اطلاقا للحياد والنأي بالنفس في لبنان، وان كل مبادرة لبنانية من شأنها ان تخفف من وطأة انعكاس الحرب في سورية على لبنان كالانتخابات او قانون انتخاب يصنع محليا ينتج عنه واقع سياسي ايجابي يجنب المواجهات ممنوع منعا باتا بانتظار اتضاح ميزان قوى سيفرض المعادلة الجديدة التي، وعلى الرغم من الوعود بالنصر، لا يمكن لأحد بأن يتنبأ لصالح من ستكون.  

السابق
نجوى سلطان: عرس الأحلام
التالي
إقبال الأسعد أصغر طبيبة