المستقبل: الحريري يؤكد أن نصرالله أنهى المقاومة بيديه وبإرادته

جاءت الرسالة الصاروخية الإرهابية التي سقطت على الضاحية الجنوبية لبيروت صبيحة أمس الأحد، لتزيد مخاوف اللبنانيين الذين قبضوا على قلوبهم جزعاً مما تخبئه لهم الأيام الآتية، وخشية انتقال شرارة الفتنة التي يعمل النظام السوري على تصديرها إلى لبنان من بوابة طرابلس وصولاً إلى باقي المناطق اللبنانية، ولتثير موجة واسعة من الاعتراضات والاستنكار أبرزها كان للرئيس سعد الحريري الذي اعتبر أن هذه الرسالة "عمل إرهابي وإجرامي مدان كائناً من قام به وخطّط له، بخاصة وأنه استهدف منطقة آهلة بالسكان الآمنين" مشدّداً على أنه "لا يكفي أمام حوادث من هذا النوع أن نلعن الفتنة فقط، بل إن المسؤولية الوطنية تتطلّب من كل القيادات والجهات المعنية بسلامة لبنان واللبنانيين، ان تتنادى لتحذير القائمين على إشعالها ووقف مسلسل إضعاف الدولة والتباهي بالحلول مكانها في كل المجالات".

وعلى رغم الانتقادات المحلية والتحذيرات العربية والدولية لمخاطر تورّط "حزب الله" في القتال إلى جانب النظام السوري والنتائج السلبية التي قد تترّتب على لبنان نتيجة ذلك، إلا أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وجه خطاباً في الذكرى الثالثة عشرة لعيد "التحرير والمقاومة" حمل لهجة تصعيدية ألغى بمضمونها كل اعتبار للدولة ومؤسساتها وشرّع لنفسه ولحزبه مسؤولية الحلول مكانها، وتضمّن تبريرات لما يعتبر أنه يدخل في إطار "بداية مرحلة حماية ظهر المقاومة" من خلال الانغماس والمساهمة في المجزرة التي يرتكبها نظام الأسد بحق شعبه.

وقد ردّ الرئيس الحريري على خطاب نصرالله مؤكداً أن "خطابك الأخير يا سيد حسن يساوي بالنسبة لنا ولأكثرية اللبنانيين وحتماً بالنسبة للشعب السوري صفراً مكعّباً بكل المقاييس السياسية والوطنية والأخلاقية والشرعية والدينية والإنسانية. لقد أعلنت بفمك يا سيد حسن نهاية المقاومة في عيد المقاومة. المقاومة تنتهي على يديك وبإرادتك. لقد حفرت في سوريا وبدماء الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء الشعب السوري، حفرت هاوية أردت للمقاومة أن تسقط فيها. خطابك إعلان صريح عن السقوط في الهاوية".

ومع تفلّت الوضع الأمني سجّل أمس تطوّر لافت برز في دعوة وزارة الخارجية الكويتية لمواطنيها إلى عدم التوجه إلى لبنان والموجودين فيه إلى المغادرة بالسرعة الممكنة. وقد نقلت وكالة الأنباء "كونا" عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أنه "في ضوء الأوضاع غير المستقرة في لبنان والتداعيات المحتملة لهذه الأوضاع، تهيب الوزارة بالمواطنين توخي الحيطة والحذر وعدم السفر إلى لبنان في الظروف الراهنة، كما تهيب المواطنين المتواجدين على الأراضي اللبنانية بمغادرتها بالسرعة الممكنة".

تزامناً، وبعد انتشار موجة من الشائعات حول طلب الاتحاد الأوروبي من مواطنيه مغادرة لبنان، أصدر الاتحاد بياناً مساء أمس تضمّن "نفياً قاطعاً لأي معلومات عن إجلاء رعاياه من لبنان"، فيما نفى مصدر مسؤول في السفارة الفرنسية لموقع "ناو ليبانون" أن تكون الأخيرة قد دعت رعاياها لمغادرة لبنان.

الانتخابات
إلى ذلك، تنتهي اليوم مهلة تقديم الترشيحات إلى الانتخابات النيابية، وقد كشف مصدر كتائبي لـ "المستقبل" أن اتجاه الحزب كان "حتى مساء أمس عدم ترشيح أي من أعضائه إلى الانتخابات النيابية مع العلم أن هناك اجتماعاً للمكتب السياسي يعقد ظهر اليوم لاتخاذ القرار النهائي في هذا الموضوع".

وقد رأى عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت إن "المشروع المختلط الذي قدّمه الاشتراكي والقوات والمستقبل والمستقلون يعتمد الغموض البناء في نتائجه التي ستكون بين فريقي 8 و14 آذار نائباً واحداً فقط" مجدداً المطالبة "بعقد جلسة نيابية عامة للتصويت على مشاريع القوانين والأغلبية مؤمنة لإقرار المختلط، لذلك يرفض الرئيس نبيه بري الدعوة لعقد جلسة عامة".

من جهته، أشار عضو جبهة "النضال الوطني" النائب أكرم شهيب إلى أن "همّ الحزب الاشتراكي عدم الدخول في الفراغ، وعليه فقد قدّم الترشيحات وفقاً للقانون المعمول به حالياً" موضحاً أنه "لم نصل إلى نتيجة في موضوع القانون المختلط والجميع ذاهبون إلى الانتخابات ولا أحد مقتنع بالقانون ولا بالشكليات، والحرب دائرة في طرابلس والقصير وبالتالي فإن الحل هو بالتمديد لمجلس النواب لمدة سنتين لحفظ البلد من الرياح الساخنة".

وحول انعقاد جلسة لمجلس الوزراء مساء اليوم في قصر بعبدا، أوضح وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل لـ "المستقبل" إن "هناك 30 اسماً اقترحتهم وزارة الداخلية ليتم اختيار 10 أسماء من بينهم يشكلون الهيئة المشرفة على الانتخابات وسوف يتم ذلك اليوم".

غير أن مصادر وزارية أخرى أوضحت لـ "المستقبل" أن تنفيذ "كل المستلزمات التنفيذية بما في ذلك تشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات وإقرار المسائل المالية في جلسة اليوم، لا يعني أن هناك انتخابات نيابية في موعدها، إذ إن المباحثات الدائرة خارج مجلس الوزراء بين القيادات السياسية تدور حول احتمال التمديد للمجلس النيابي حتى خريف العام 2014".

إلى ذلك أعلن رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط حول الجلسة المقررة للحكومة اليوم "لن نقاطع والمقاطعة موضوع سلبي سنحضر ونعطي رأي جبهة النضال على قاعدة نعم للتمديد لا لقانون الستين ولا للقانون الارثوذكسي" كاشفاً أنه اتصل "بالرئيس الحريري نهار الاحد وتناقشنا حول مدة التمديد" بعدما كان زاره الوزير محمد شطح والاستاذ نادر الحريري "واتفقنا على كيفية الوصول الى مهلة مقبولة زمنيا للتمديد. الامن والاستقرار اهم من كل شيء".

رسالة صاروخية
وكانت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني أصدرت بياناً قالت فيه "صباح اليوم، سقط صاروخان احدهما في معرض سيارات بالقرب من كنيسة مار مخايل، والاخر في حي مارون مسك، اديا الى اصابة اربعة اشخاص بجروح مختلفة وحصول اضرار مادية في الممتلكات، وقد فرضت قوى الجيش طوقا امنيا حول المنطقة وعملت بالاشتراك مع الاجهزة المختصة على نقل المصابين الى المستشفيات للمعالجة، فيما حضر عدد من الخبراء العسكريين الى المكان، وبوشر التحقيق لتحديد نوع الصاروخين ومصدر اطلاقهما وكشف هوية الفاعلين".
ثم أصدرت المديرية لاحقاً بياناً أشارت فيه إلى أنه "الحاقا لبيانها السابق حول سقوط صاروخين في منطقة الشياح صباح اليوم، وبنتيجة التحقيقات الميدانية التي قامت بها مديرية المخابرات والاجهزة المختصة في الجيش، تم العثور في الاحراج الواقعة في خراج بلدة عيتات على منصتي اطلاق الصاروخين، وتستمر التحقيقات باشراف القضاء المختص لتحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم".

ودان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عملية اطلاق الصاروخين، ووصف من قام بذلك "بالإرهابيين المخربين الذين لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين" وطلب سلمان من الأجهزة المعنية تكثيف تحرياتها وتحقيقاتها لملاحقة المرتكبين بأقصى سرعة واحالتهم الى القضاء المختص، داعياً المواطنين الى ان يكونوا في "أقصى درجة من اليقظة والوعي والمساعدة المدنية حيال اي مشتبه او تحرك مشبوه والابلاغ عنه، وذلك لقطع دابر اي محاولة لإثارة الفتنة والتوتير الامني، حفاظا على الامن الوطني والسلم الاهلي".

من جهته، اتصل رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة بالرئيس نبيه بري مستنكراً "إطلاق الصواريخ على الضاحية الجنوبية ومديناً هذا الاعتداء الآثم".
وتفقّد الوزير شربل موقع سقوط الصاروخين في موقف السيارات قرب كنيسة مار مخائيل في الشياح والشقة السكنية في شارع مارون مسك وقال لـ "المستقبل" إن "الأجهزة الأمنية تحقق في إطلاق الصاروخين وليس هناك من تخوّف من تطورات أمنية، وطالما أن الجميع واعٍ للخطر فأنا لست خائفاً والمهم أن نكون عقلانيين وألا يصار إلى ردّة فعل مهما حصل، لأن أي ردة فعل من شأنها أن تحقق حلم من ارتكب الاعتداء ومن يرتكب كل الاعتداءات ضد لبنان".

وتوقّع الوزير شربل أن "تبقى القضية محصورة مع أنه يبقى هناك الخوف من وجود طابور خامس".
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر نيابية لـ "المستقبل" إن "الهم الوحيد هو أن يبقى لبنان بمنأى عما يجري في سوريا وأن الهدف من هذه الرسالة هو نقل الفوضى وجرّ البلد إلى المجهول" مضيفة "لا يزال همّنا الأول هو الحفاظ على العيش المشترك وسلامته وعدم الانجرار إلى الفتنة".

الجيش الحر
إلى ذلك، أكّدت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر أن "لا علاقة للجيش الحر أو أي فصيل مسلّح سوري معارض على الإطلاق بالعمليات الإرهابية التي وقعت في لبنان باستهداف الضاحية الجنوبية بصاروخين".
وقال فهد المصري المتحدث الإعلامي باسم القيادة المشتركة إن "القيادة المشتركة تدين وبأشد العبارات العملية الإرهابية التي استهدفت مناطق مأهولة بالمدنيين" مؤكداً أن "من يقف وراء هذه العملية هو حزب الله".
  

السابق
السفير: استهداف الضاحية يجمع الخائفين من الفتنة
التالي
الأنوار: سرعة اكتشاف الجيش لمنصات الصواريخ تمهد لمعرفة مطلقيها