ادارة النظام صعبة

ليس الحائط المسدود الذي وصل اليه النواب سوى حائط ساهموا في بنائه حجراً حجراً كما صممه أمراء الطوائف وأشرف عليه أمراء فوقهم، فما كنا في حاجة اليه بالفعل هو حائط يفصل أزمة لبنان عن حرب سوريا، بدل ربط الأزمة بالحرب والذهاب اليها وفتح ملحق لها في طرابلس وأماكن أخرى. وما صنعته التركيبة السياسية هو تركيز الجدران في النفوس وإقامة جدار يفصل لبنان عن الدستور، ويسدّ الطريق الى الانتخابات والحكومة ومعالجة الوضع الاقتصادي المتردّي والوضع الاجتماعي المتشظي بالعصبيات الطائفية والمذهبية.

وليس الكلام على رفض قانون الستين والتمديد للمجلس النيابي سوى غبار سياسي لتغطية العجز الذي جاء بالخيار لا بالاضطرار. فمن يرفض قانون الستين لا يقفل كل الأبواب أمام التفاهم على قانون انتخاب. ومن يرفض التمديد للمجلس لا يتصرّف كأن ربح الانتخابات معركة الكون وخسارتها نهاية العالم، ولا يفعل كل ما يمكن لكي يصبح التمديد قدراً لا يردّ خوفاً من الفراغ.

والكل يعرف ان التمديد للمجلس المقصّر هو الوجه الآخر للفراغ. وهما معاً تسليم بأن لبنان بلد فاشل. لكن ما يهمّ أمراء الطوائف هو التحكّم ببلد فاشل بدل المشاركة في حكم يبني مشروع دولة. فلا هم خائفون من فقدان التابعين لهم بسبب العصبيات. ولا هم في الخيار بين الحلّ الممكن والأزمة الصعبة والخطيرة ترددوا في اختيار الأزمة.

صحيح ان اللعبة أكبر من الحكومة والانتخابات وان حراس الازمة يتصورون أنهم أكبر من البلد. لكن الصحيح أيضاً أن ما تقود اليه معاددلة رابح – خاسر هو معادلة خاسر – خاسر. فلا قصة التمثيل المسيحي سوى عرض جانبي في تراجيديا صراع مذهبي ممتد من لبنان الى افغانستان، وله مراكز اقليمية تدعم هذا المذهب أو ذاك، ومراكز دولية توظفه في صراع المصالح الاستراتيجية. ولا التركيبة السياسية قادرة على ادارة النظام الطائفي المفلس الذي وصل الى أعلى مراحل الأزمة. والأسباب تبدأ بكون هذه التركيبة دون مستوى الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية ولا تنتهي بالديموغرافيا والمتغيرات في المنطقة، حيث يسقط النظام الاقليمي الذي دام نصف قرن، ولا تزال ملامح النظام الجديد غائمة.

والمشكلة الأكبر ان البديل من النظام الطائفي ليس ممكناً. فالطريق الذي فتحه اتفاق الطائف نظرياً، وهو الدولة المدنية، مسدود. والطريق الذي يتحدث عنه البعض عبر مؤتمر تأسيسي مسدود ومملوء بالخوف من العودة الى ما هو أسوأ من الوضع الحالي.

والمخفي أعظم.

السابق
حبيش: تحضير ترشيحاتنا لدفع خطر إعلان فوز البعض بالتزكية
التالي
حمادة: ليطلب سليمان من حزب الله الخروج من مغامرته في سوريا