هل نجحت موسكو في لجم إسرائيل؟

 أتت الزيارة العاجلة التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لروسيا، في ظل التطورات المتلاحقة التي اعقبت الغارتين اللتين شنتهما إسرائيل بالقرب من دمشق، والتهديدات السورية والإيرانية بالرد بعنف على أي هجوم إسرائيلي جديد، واعلان روسيا نيتها تزويد سوريا صواريخ"S-300” المضادة للطائرات. وكان قد سبق ذلك وضع إسرائيل خطوطاً حمراً ضد تهريب السلاح المتطور من سوريا الى "حزب الله" في لبنان، وتهديدها بالهجوم ثانية اذا تبين لها ان هذه الخطوط قد خرقت. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد زيارة نتنياهو لموسكو: الا تزال إسرائيل قادرة على مهاجمة اهداف داخل سوريا؟

الواقع ان الغارتين الإسرائيليتين الأخيرتين قد احدثتا تغييراً نوعياً في صورة الصراع الدائر في سوريا حتى اليوم، وذلك على رغم أن دخول إسرائيل على خط المواجهة مع النظام السوري لم يكن لا دفاعاً عن المدنيين السوريين الذين يقتلون يومياً بالعشرات، ولا دعماً لمقاتلي المعارضة السورية الذين ترى إسرائيل انهم لا يقلون سوءاً عن نظام بشار الأسد، وإنما جاء في سياق الاستراتيجية التي تنتهجها منذ حرب تموز 2006 والهادفة الى الحؤول دون حصول "حزب الله" على منظومات للسلاح المتطور. وقد استغلت إسرائيل انشغال الجيش السوري بالاقتتال الداخلي، وضعف السلطة المركزية، وتورط "حزب الله" في القتال الى جانب نظام بشار الأسد وكذلك إيران، من اجل توجيه ضربة الى مخازن السلاح الإيراني التي تدعي انها كانت ستنتقل الى مقاتلي الحزب في لبنان.

ويبدو ان اصرار المسؤولين الإسرائيليين على التهديد بتجدد الغارات على سوريا في حال تجاوز "الخطوط الحمر" التي وضعوها، لم يفتح الباب واسعاً امام مرحلة جديدة خطرة من حرب الاستنزاف بين إسرائيل و"حزب الله"، وانما دفع روسيا الحامي الأكبر لنظام الأسد الى الاعتقاد ان الغارات الإسرائيلية هي مقدمة لتدخل عسكري أجنبي لا يمكن ان تقبل به. وهكذا اتى الاعلان الروسي عن تزويد سوريا الصورايخ الحديثة، والهلع الإسرائيلي الذي دفع نتنياهو الى القيام بزيارته العاجلة لروسيا للتحادث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الشأن.

واستناد إلى ما رشح من المصادر الإسرائيلية، لم ينجح نتنياهو في اقناع بوتين بالتزام عدم تزويد سوريا الصواريخ المتطورة، لكنه اطلع منه من قرب على المساعي التي تبذلها روسيا لايجاد تسوية للنزاع الاهلي الدائر في سوريا، وضرورة عدم عرقلة إسرائيل الخطط التي توضع اليوم لهذه التسوية من طريق تصعيد عسكري جديد. يبقى ان ننتظر لمعرفة ردة الفعل الإسرائيلية.

 

 

السابق
زهرا لباسيل: لم يدفعنا الى الطائف سوى حرب التحرير
التالي
سليمان: لانجاز قانون انتخابي بدل اهدار الفرص بالمهاترات والتخوين المتبادل