14 آذار ربحت نفسها

ماذا ينفع 14 آذار إذا ربحت الإنتخابات وخسرت نفسها؟
أليس الأفضل أن تخسر الإنتخابات وهي موحَّدة من أن تربحها وهي مشرذمة؟
إذا كانت 14 آذار موحَّدة فإنها قد تخسر معركةً لكنها ستربح الحرب، لكنها إذا كانت مشرذمة فإنها ستربح معركةً لكنها ستخسر الحرب.

كل ما حققته 14 آذار، من آذار 2005 وحتى اليوم، هو لأنها كانت موحَّدة، ولو لم تكن كذلك لَما كان تحقق شيء.

حتى بعد ظهر الثلاثاء، أول من أمس، كان جمهور 14 آذار يضع الأيدي على القلوب، وكان الشامتون كثراً، وكان الخبثاء يضعون تاريخ 15 أيار موعِداً لتأريخ انهيار حركة 14 آذار، لكن شيئاً ما فعل فعله وبُعِثَت 14 آذار من تحت الرماد لتؤكد مرةً جديدة انها وفية للشهداء وللأحياء الذين عاشوا على أعصابهم طوال هذه الفترة العصيبة من التجاذب بين اقتراح قانون اللقاء الأرثوذكسي وبين مشروع القانون المختلط.

تَحقَّق هذا الأمر لأن هناك عيناً ساهرة على وحدة 14 آذار وتعتبر ان هذه الوحدة هي الأساس للصمود والبقاء وتحقيق أمنيات الشهداء، هذه العين الساهرة بعيدةٌ قسراً عن البلد لكنها تعيش معه لحظةً بلحظة، وقد أثبتت في الأيام الأخيرة مدى حرصها على 14 آذار، وهي أم الصبي بالنسبة إليها.
هذه العين الساهرة هي الزعيم الشاب الرئيس سعد الحريري الذي تحوَّل مقره في المملكة العربية السعودية إلى خلية نحل للتواصل مع كل أطياف 14 آذار، كما ان هواتفه شكَّلت غرفة عمليات سياسية متنقِّلة إلى أن انبعث الدخان الأبيض من مدخنة المشاريع الإنتخابية.

بتوصُّل قوى 14 آذار إلى نظرة واحدة إلى قانون الإنتخابات، تكون قد أعادت خلط الأوراق لجهة النصاب في جلسة مجلس النواب، فالرهان على تأمين خمسة وستين نائباً للتصويت على اقتراح اللقاء الأرثوذكسي، لم يعُد رهاناً في محله، فبعض الذين كانوا سيؤمّنون النصاب لتمرير الإقتراح الأرثوذكسي انتقلوا إلى ضفة تأييد مشروع القانون المختلط، وهذا التحوُّل ليس نقلاً للبارودة من كتف إلى كتف، ألم يُفضي اللقاء الأخير في بكركي للزعماء الموارنة إلى الإتفاق على تعليق الإقتراح الأرثوذكسي شهراً للبحث في مشروع آخر؟
هذا ما حصل وتم الإتفاق على مشروع آخر فلماذا الإبقاء على الأرثوذكسي؟

مع ذلك فإن دروساً كثيرة وعبراً أكثر يُفتَرض أن تكون قد استُخرِجَت من الأزمة الأخيرة، ومنها:
التفاهم والتشاور وأخذ الوقت في الدرس والتمحيص وتبادل الآراء كي لا نصل في كل مرة إلى أي استحقاق وقد دهمنا الوقت.
مع ذلك فإن ما تحقَّق ليس نهاية التحدي بل بدايته لكن لا مشكلة ما دامت القوى السيادية موحَّدة.

السابق
عزل مندوب الطاغية!
التالي
مسنّة تتعرّض للضرب والحرق على يد خادمتها الإثيوبية