روسيا لن تسلّم بسهولة بتنحّي الأسد

حين طلب وزير الخارجية الاميركي جون كيري من نظيره الروسي سيرغي لافروف لدى زيارة رئيس الديبلوماسية الاميركية لموسكو الاسبوع الماضي تعهدا بالا يترشح الرئيس السوري بشار الاسد لولاية جديدة في 2014، رفض رئيس الديبلوماسية الروسية تقديم هذا التعهد، على ذمة ما تروي مصادر ديبلوماسية تقول ان موسكو لا تسلم بسهولة بالاوراق التي تملك في الموضوع السوري. اذ ان روسيا حتى لو غدت مقتنعة بعدم امكان بقاء الاسد او صعوبته في موقعه فانها لن تسلم بذلك بسهولة في حين واصلت "الحرتقة" على الاميركيين، وفق ما رأى متابعون في سحب ورقة جاسوس اميركي في السفارة الاميركية في روسيا كون التوقيت ملتبسا في رأي هؤلاء ولا ينفصل عن الاستعدادات الروسية للمرحلة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن. وساهم هذا الموقف الروسي في تأكيد المعلومات ان روسيا لم تغير موقفها، كما ان الولايات المتحدة لم تفعل ايضا اذ بقي كل من الطرفين على رؤيته وموقفه من الازمة. كما ساهم رد الفعل الذي ابدته الدول الاوروبية في شكل خاص وفي مقدمها فرنسا وبريطانيا على موضوع المؤتمر الدولي في تعزيز المعلومات التي افادت ان اتفاقا اميركيا روسيا لم يحصل وان كان هناك اتفاق على اولوية الحل السلمي واستبعاد الحل العسكري. فما حصل هو اتفاق الطرفين الاميركي والروسي على العمل معا على بلورة اتفاق المرحلة الانتقالية. لكن لا اتفاق على التفاصيل لجهة من يمكن ان يدعى من الدول او من يمكن ان يشارك عن النظام السوري او عن المعارضة واي معارضة وهل ستكون متعددة ومشرذمة وهل ستحضر ايران المؤتمر نظرا الى وجود ضغوط في هذا الاتجاه. وهذه التفاصيل مهمة جدا وهي يمكن ان تعيق تقدم المؤتمر او وصوله الى اي نتائج عملية. وهذا هو الاحتمال المرجح او بالاحرى غير المستبعد، نظرا الى الشكوك التي تساور دولا كثيرة حول المؤتمر خصوصا ان اتساعه وشموله دولا عدة قد لا يساعدان على موازاة احتمال اشاحة المؤتمر النظر او تحويله عن قناة جدية ثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا نشأت عبر زيارة كيري وقد تتعمق لاحقا من اجل العمل على آلية المرحلة الانتقالية بحيث توضع كل الدول الاخرى على الهامش لا سيما الاوروبية منها التي تزعج روسيا من خلال رفعها اوراق ضغط متواصلة حول ضرورة تنحي الرئيس السوري وتلويحها باستمرار برغبتها في تسليح المعارضة السورية وان كانت لم تفعل بعد، وذلك لمصلحة محاولة واشنطن التأثير على الدول الاقليمية الداعمة للمعارضة في مقابل محاولة روسيا التأثير على ايران ومعها النظام السوري و"حزب الله". ولذلك تشبه هذه المصادر المبادرة التي قام بها كيري لهذه الجهة بعملية محاولة تحريك المياه الراكدة ليس الا، شأنه في ذلك شأن الحركة الكثيفة ظاهريا التي قام بها على ملف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل بحيث رمى حجرا يمكن ان يحرك المياه الراكدة. لكن سرعان ما تختفي مفاعيل هذه الحركة من دون اي نتيجة عملانية. وهو الامر الذي قد ينسحب على المؤتمر الدولي ايضا.
لذلك لا تستهين هذه المصادر بامرين في هذا الاطار. احدهما ما قام به النظام السوري في الآونة الاخيرة لجهة الحملات العسكرية بدعم من ايران و"حزب الله" من اجل استعادة بعض المناطق والمحاور التي خسرها في مقابل نجاحه في استهداف المعارضة، والبعض يقول في اختراقها وتاليا افشالها والمساهمة في المزيد من شرذمتها الى جانب نجاحه في اسباغ طابع اقنع به الدول الغربية فباتت موزعة بين المعتدلين المشرذمين غير القادرين على الاتفاق وربما يظهر ذلك في مؤتمر جنيف 2 في حال عدم الاتفاق. في ما بينها على وفد موحد متضامن يعزز الائتلاف الذي تم الاعتراف به دوليا ولا يوزعه او يفرعه، وبين الاسلاميين المتطرفين والقاعدة وتفرعاتها اي جبهة النصرة وما اليها. اما الامر الآخر فهو مراوحة الدول الغربية في ضغوطها المفترضة من اجل مساعدة المعارضة من اجل تغيير المعادلة والموازين على الارض لكن من دون ان تقوم باي امر يصب فعلا في هذا الاطار تاركة الوضع على حاله في مقابل معرفتها بالدعم العملاني للنظام من حلفائه.

السابق
سوريا تفرض اتفاقية بوتين–أوباما
التالي
آلان عون: طرحت ملاحظات على الاقتراح المختلط والنائب فتفت وافق عليها