هل يحتكم الحريري وحزب الله للحرب الكبرى؟

بات كل ما يجري في لبنان اليوم مرهوناً للحرب الدموية الدائرة في سوريا. وبالتالي دخلت كل شاردة وواردة في الجمهورية اللبنانية في حسابات الكرّ والفرّ في الساحة السورية، التي تُخاض فوقها معركة السيطرة على الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وبين الجمهورية الإسلامية في إيران وحلفائها.

ونظراً إلى حجم الحرب وأهدافها الإستراتيجية التي قد ترسم خريطة المنطقة السياسية، وربما الجغرافية في المستقبل، هذه الحرب التي تُشكل سوريا ساحتها الأساسية، فيما يُعتبر كل من لبنان والأردن والعراق ساحاتها الخلفية، فإن أي قرار في الداخل اللبناني يتماهى مع مسار التطورات في الملف السوري، ويعكس موازين القوى هناك.

من هنا، يمكن أن نستنتج أن كل ما يُحكى عن إتصالات وإجتماعات وإقتراحات بهدف التوصل إلى قانون إنتخابي توافقي هو كلام تبريري ليس أكثر، ولن يؤدي إلى نتيجة، لأن هناك استحالة للتوافق في أي ملف رئيسي في لبنان ما دام القتال متفجراً في سوريا، ولأن بعض اللبنانيين من هنا وهناك منغمسون فيه بشكل أو بآخر.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي مصلحة الرئيس سعد الحريري في أن يخوض معركة إنتخابات نيابية في هذه المرحلة، إذا كان لا يستطيع مسؤول أن يضمن حياته وأمنه إذا عاد إلى بيروت، ثم إذا كان "ممنوعاً" من العودة، والعودة إلى الحكم في حال فاز فريقه وحلفاؤه في الإنتخابات؟

والسؤال الثاني هو: ما هي مصلحة "حزب الله" في أن يحتكم إلى صناديق الإقتراع اليوم، فيما يخوض معركة مصيرية في سوريا ستؤثر على مستقبله حتماً، ويترصّد إحتمال قيام إسرائيل بعمليات عسكرية، ويُراقب تدرّج المواقف الأميركية والغربية ضده؟ هل يُخاطر في انتخابات قد يخسر فيها فريق" 8 آذار" في هذا الوقت، وبالتالي يفقد شرعية المشاركة في الحكم قبل أن تُحسم المعركة الكبرى في سوريا؟

من الواضح أن الفريقين السياسيين الرئيسيّين المتنازعَين في لبنان سلّما ضمناً:

أولاً، بالتفاهم على تحييد الداخل أمنياً إلى أقصى فترة ممكنة، تجاوباً مع نصائح دولية، وخوفاً من امتداد النيران السورية إلى الساحة اللبنانية.

ثانياً، بالإحتكام إلى مسار الحرب السورية. فإذا سقط النظام، عاد الحريري منتصراً وبقوة، وإذا حسم النظام القتال لمصلحته، عاودت قوى الثامن من آذار الإمساك بالسلطة وفرضت أجندتها وسياستها الإقليمية.

هذا الواقع اليوم، يُشكل خطراً حقيقياً على لبنان واقتصاده وأمنه ومؤسساته، خصوصاً وإن الفراغ على مستوى السلطة السياسية يترافق مع فراغ على مستوى السلطة الأمنية التي فقد فيها المجلس العسكري في الجيش نصابه القانوني منذ 2 أيار الجاري بفعل التقاعد الذي سيشمل قريباً جداً مدير الإدارة في الجيش ثم رئيس الأركان، بعدما شُلّ مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي بفعل التقاعد أيضاً منذ أشهر.

من المقلق فعلاً أن يصبح التوافق مثل" النأي بالنفس". إسمع تفرح، جرّب تحزن.

السابق
إدمان الطعام…كيف يمكن معالجته؟
التالي
دم وكلمات