عدوان قواتي.. ولكن!

«قواتي».. ولكن. لا يشبه جورج عدوان إلا نفسه. يصلح التوصيف لدى المقارنة مع أهل البيت «القواتي»، ومع الخصوم.
يملك وحده سرّ العلاقة «الممتازة» مع نبيه بري وفؤاد السنيورة، و«الجيدة جدا» مع البطريرك بشارة الراعي، والقرب «العاطفي» من ميشال عون، والتعاطي المفتوح مع نواب «حزب الله».
عدوان «نسخة» الحرب الأهلية لا يُقارن اليوم بنسخة اليوم. حرص على تقديم صورة مختلفة أمام الآخر: هادئ، مؤسساتي، قانوني، منفتح، «مهووس» باحترام الالتزامات، كما «دقات الساعة». أما تنظيميا، فيخوض عدوان معركة الـ «نيو قوات»، حيث لا مكان للتطرّف في قاموسها.
سر ما أبقى هذا الرجل الثابت الوحيد بعد «الانتفاضات» التي عصفت بـ«القوات». في انتصارات الحزب واخفاقاته، في «ميليشياويته» وسلميته، خرجت «توليفة» حزبية سياسية «منقّحة» لا تدور في فلك معراب «المُستنسَخ»، بوجوهه وخطابه ولذعته.
البرلماني الأبرز في كتلة «القوات» هو نفسه قائد «حركة التنظيم» والمقاتل في صفوفها. هو من خطّ النظام التأسيسي لـ «القوات اللبنانية» في العام 1976 مع بشير الجميل وداني شمعون ووقّع عليه، متدرجا في المواقع القيادية. وهو نفسه من واكب تحوّلات «القوات» وحروبها وصولا الى اقرار نظام داخلي لـ «الحزب».
وصمة «العونية» التي تلاحق النائب «القواتي» لها اسبابها. «لينك» وطيد مع «المكتب الثاني». علاقة متينة مع ميشال عون وضباط الجيش الموارنة، من زمن «التنظيم» حتى بدايات الحرب الأهلية وصولا الى موقعة تشرين الأول 1990.
في خضمّ «حرب الالغاء» لم ينجح في تقليص الهوّة بين «الجنرال» و«الحكيم». بعد عودة المنفي من باريس وخروج المعتقل من زنزانة اليرزة، فشل ايضا في ايجاد مساحة مشتركة بين الخصمين.
عُلّقت لغة التواصل، بمعناها السياسي وليس الشخصي، بعد توقيع عون ورقة «التفاهم» مع «حزب الله»، الى ان اعادت اجتماعات بكركي الحرارة مع «الجنرال».
الحليف الاول لنائب الشوف القواتي في مشروع المأسسة هو سمير جعجع، الذي تجمعه به «صداقة عميقة جدا». هكذا يردّ عدوان حين يُسأل عن مدى قدرة «القوات» على الانتقال من «حالة الشخص» ودائرة «النافذين» الضيقة في معراب، الى ساحة العمل التنظيمي المؤسساتي.
التزام كامل بالقرارات المتخذة على مستوى الهيئة التنفيذية في «القوات» التي غالبا ما تخضع لنقاش مستفيض على طاولة معراب. خارجها، لعدوان هامش واسع من «الاجتهاد» الشخصي في العمل السياسي يصعب تلمّسه لدى «زملائه».
عدوان «المدني» اخذ القليل من تجارب الامن والعسكر، واضاف اليها الكثير من «دروس السياسة». السكون «النظامي» يلفّ دارته الجميلة في برمانا. اعتناء بالتفاصيل. ذاكرة حديدية متحالفة مع الـ«آي باد» في المواعيد، الاستقبالات، وصولا الى «تكتيكات» ادارة الملفات الموكلة اليه.
منذ تمثيله جعجع في «معركة» قانون الانتخاب، صار خبيرا بأدق التفاصيل، من الـ macro الى الـ micro. من العام الى الخاص. وفي رحلة التفتيش عن مساحة مشتركة مع الآخر، من دون التخلي عن قناعاته السياسية، «يتقمّص» عدوان حالة التوازن في الاداء.
يشعر نائب رئيس «القوات»، بالخطر الامني. ترتيبات سرّية في التنقل لا تؤثر في الانتاجية. وبرغم حمله اكثر من بطيخة، تبقى عينه مفتوحة على قضاء الشوف. ففي كل «ويك اند» بيته مفتوح في بلدته دير القمر. السبت للمراجعات، والاحد للاصدقاء. لن يكون غريبا، اذا سمعت عدوان يتحدث بالـ «قاف» في جلساته مع بعض قاصديه من الضيع الدرزية. الى هذا الحدّ ينغمس في اللعبة الشوفية بغض النظر عن «سلطة» وليد جنبلاط عليها.
ليس بالضرورة ان تقتنع، لكن عدوان مقتنع بتعاطيه مع «البيك الدرزي» بكثير من الندّية. اما اوراق القوة، فيفلشها على الطاولة. «في العام 2009 كنت الاول مسيحيا، وما زلت. الشوف ثلاثة اثلاث. والتحالف مع «المستقبل» كاف لنيل الاكثرية».
في العام 2005 التزم جنبلاط بشراكة الامر الواقع مع «المستقبل» والقوات»، تحت سقف «التحالف الرباعي»، فاقدا جزءا من حريته في «نحت» لائحة الشوف بأنامل زعامته.
في العام 2009 فجّر جنبلاط غضبه بوجه حلفائه المسيحيين الذين انتزعوا منه مقعد آل البستاني التقليدي. اليوم، الوضع اكثر سوءا. لا توافق حول القانون بين معراب والمختارة، لا كلام بالتحالفات الانتخابية، مع حساسية جنبلاطية مفرطة ازاء النائب «القواتي».
كل ما قاله زعيم المختارة بحق جعجع لم يستفزّ «القواتيين» لجرّهم الى اشتباك. كتموا غيظهم في الغرف الضيقة. جورج عدوان، المعني الاكبر بعد «الحكيم»، كان الأكثر صمتا. «لن نسمح بضرب تفاعل مكوّنات الجبل لاسباب انتخابية برغم الاختلاف السياسي مع جنبلاط.»
لا اتصال مباشرا اليوم بين عدوان وجنبلاط. يلتقيان في المناسبات والبرودة سمة العلاقة بين الرجلين. اما في اللجان، فالعلاقة «عسل» مع النواب «الاشتراكيين». وآخر «تجلياتها» تسليم اكرم شهيب تصوّر «الاشتراكي» للقانون المختلط باليدّ الى عدوان.

السابق
غاتيلوف: موسكو تأمل في عقد مؤتمر دولي بشأن سوريا في القريب العاجل
التالي
علي حسين مزرعاني هدفي رؤية تراثنا محفوظاً