حل سوري وتسوية إقليمية؟

لم يكن جون كيري في حاجة الى الوشوشة في أذن سيرغي لافروف والى ضرب الأكف معه بطريقة استعراضية، لكي يوحي بأن "لأميركا وروسيا مصالح مشتركة في سوريا" كما اعلن.
حتى الآن يمكن القول ان هذه المصالح تندرج تحت عنوان واحد هو "الادارة الدولية للمقتلة السورية"، التي قد تستمر على رغم الحديث عن اتفاق موسكو وواشنطن على عقد مؤتمر دولي لتطوير "اعلان جنيف"، بما يسمح بالتوصل الى حل سلمي للازمة السورية التي اوصلت انهر الدماء حتى الى مداخل البيت الابيض، بينما لا يزال باراك اوباما كما قال امس، يبحث عن معالم ذلك "الخط الاحمر" الذي يرفض ان يراه كما تقول مجلة "فورين بوليسي"!
غير ان محادثات كيري في موسكو التي بدأت بما يشبه تعمّد الاستهانة به وببلده لأنه وضع في الانتظار ثلاث ساعات ليقابل فلاديمير بوتين، ربما تأكيداً لعودة "القطب الثاني" الى الساحة الدولية ومن البوابة السورية، هذه المحادثات لم تتقدم خطوة واحدة نحو الاتفاق على تفسير "اعلان جنيف" لا بل زادت الامور تعقيداً، فالحديث عن تقارب بين روسيا واميركا في موضوع تشكيل الحكومة الانتقالية ودورها لن يفضي الى اي نتيجة، بعدما تبين وكأن لافروف أمّن جلوس بشار الاسد الى طاولة التفاوض، رافضاً اي شروط مسبقة للحوار مثل ضرورة تنحيه وهو ما لا يمكن ان تقبل به المعارضة بعد عامين ونصف عام من القتل والتدمير!
التقارب الروسي – الاميركي في تفسير"اعلان جنيف" لم يصل مثلاً الى مستوى "الحل اليمني"، اي تشكيل حكومة لتدير عملية "الانتقال السياسي"، لا بل ان هذا الانتقال غير مضمون بمعنى ان الغموض حول دور الاسد ومستقبله لا يزال قائماً، لذلك يمكن القول انه عندما يتفق كيري ولافروف على ان وظيفة المؤتمر الدولي تقتصر على السعي لتحقيق معجزة وضع القاتل والقتيل وجهاً لوجه، فان ذلك يعني عملياً ان روسيا هي التي تمكنت من تغيير حسابات اميركا، بعدما ظل المستر كيري يحدثنا منذ اشهر عن أنه يسعى لتغيير حسابات الاسد وموسكو، ولكن يبدو ان واشنطن هي التي غيّرت حساباتها، والدليل ان كيري وقف في موسكو ليبصم على التفسير الروسي لـ"اعلان جنيف" الذي يريد استدعاء المعارضة للتفاوض مع الاسد!
طبعاً لا يجوز القول ان هذا التغيير الاميركي ينم عن ضعف او تراجع امام الروس، فهذه اميركا في النهاية، لكنه ربما ينم عن دهاء، وقياساً بالمساعي الاخيرة الجادة التي بدأها اوباما لتحريك عملية السلام في المنطقة، ليس مستبعداً ان يكون هناك تغيير متواز في الحسابات بين موسكو وواشنطن، على قاعدة من التفاهم لفرض حل في سوريا يشكل مدخلاً الى تسوية اقليمية كبرى!

السابق
الأخبار: “القوات” تنتظر الجواب على المختلط
التالي
استحالة التسوية السياسية