وظيفة لحكومة سهلة

لبنان يعود من الإجازة السياسية التي فرضتها عطلة الأعياد الى الشغل كالمعتاد بسياسة التعطيل المنهجي للحياة السياسية. وليس في المفكرة سوى مواعيد تتكاثر فيها اللقاءات بمقدار ما تتنافر المواقف. فلا الموعد الضاغط في ١٥ أيار يدفع الى التفاهم على قانون انتخاب بعدما ضاقت الخيارات في زحام الموعد الضاغط الآخر يوم ١٩ أيار. ولا الحاجة الملحة الى حكومة تدير شؤون الناس في أخطر مرحلة على البلد تبدو في الحسابات سوى فرصة لفرض مطالب تتجاوز شؤون الناس الى الشؤون المتعلقة بمعركة العصبيات في لبنان والمنطقة.
والكل يعرف الثمن الكبير الذي دفعناه في التجارب الماضية والذي ندفعه في التجربة الحالية لنصل الى الاعتراف بأننا ضحايا معادلة خرافية مصنوعة بالهوس المحلي والتلاعب الخارجي. إذ كيف يكون هناك رابحون في بلد خاسر، وناجحون في دولة فاشلة؟ وكيف نستمر في مسار انحداري على أمل أن نجد أمامنا شجرة نتمسك بها لتوقفنا؟ هل القرار الدولي الذي يقال انه يمنع تفجير البلد هو هذه الشجرة؟ والى أي حد يصح الرهان عليه، وسط التخلي عن مسؤولياتنا الوطنية، في حين اننا عملياً في ارتهان له؟

ذلك أن تعقيدات الوضع هي من صنعنا في جانب منها، بحيث نضيف الى الوضع المعقد بالتأثيرات الإقليمية المزيد من العقد المحلية. واللاتفاهم هو الذي يضعنا أمام مواعيد ضاغطة بأكثر مما تقود هذه المواعيد الى التفاهم. فمن السهل تأليف حكومة انتخابات، اذا كان القرار الحقيقي المعلن والخفي هو الذهاب الى الانتخابات. وليس من الصعب التوافق على قانون بعدما صار الكل يسلّم بصيغة القانون المختلط، ولو مع بقاء الخلافات في بازار النسب بين الأكثري والنسبي وعدد الدوائر. لكن من الصعب جداً تأليف حكومة تواكب التمديد السياسي للمجلس النيابي سواء كانت مدة التمديد سنة أو أكثر. لا فقط لأن التمديد حكم بالفشل الديمقراطي، بل أيضاً لأن الحكومة مرشحة لوظائف وأدوار في لعبة شطرنج تدور حساباتها على أكثر من نقلة، في حين اننا فاشلون في لعبة داما بسيطة.
والواضح، بصرف النظر عن الغامض، في المطلوب من الحكومة هو القيام بثلاث وظائف. الأولى هي الانتقال من سياسة النأي بالنفس التي سقطت برغم ضرورتها الى سياسة التسليم بالانخراط في حرب سوريا برغم أضراره ومخاطره. والثانية هي الاشراف المؤثر على الانتخابات الرئاسية في العام المقبل والمناطة بالمجلس المحدّد له. والثالثة هي التحسّب لتكرار الخلاف على انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي ان يمارس مجلس الوزراء مجتمعاً مهام الرئاسة.
وتلك هي المسألة والمشكلة.

السابق
اتفاق روسي امريكي لتصفية جبهة النصرة؟
التالي
التأليف لا يزال متعثرا.. والتمديد للمجلس النيابي بات حتمي