اجتماع موسكو

دفع توقيت العدوان الإسرائيلي الجوي على سوريا المجتمع الدولي، ولا سيما العواصم الكبرى، إلى حراك غير عادي يتمحور حول تجنّب نشوب حرب في الشرق الأوسط نظراً لتداعياتها غير العادية في هذه المرحلة بصورة خاصة، إذ تشهد ما يوحي بالوصول إلى منزلق يتحسب الكل من ارتداداته على الجميع، الأمر الذي أوجب المزيد من اللقاءات والمشاورات بحثاً عن مخرج للأزمة السورية بعدما وصلت إلى ما يصفه المراقبون بالحرب الباردة.
في ضوء هذا التوقع أعطي اجتماع موسكو اليوم بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف صفة الفرصة الأخيرة بعدما تعددت اللقاءات بين مسؤولي الدولتين ولم يتحقق التوافق على رأي جامع، إذ كل منهما له رؤيته الخاصة مع إعلان واشنطن عن قرار سيتخذ في غضون أسابيع حول تزويد المعارضة السورية بالسلاح وإمكان استخدام طائرات وصواريخ لتغيير مجرى الحوادث التي باتت تبعث على القلق الشديد في حال لم يتم التوافق بين العاصمتين الكبريين حيث يواجه الرئيس أوباما ضغوطاً من دبلوماسيين محيطين به لزيادة التدخل غير السياسي.
ويبدو أن موسكو تميل إلى ردّ على رسالة الرئيس الأميركي يتضمن أفكاراً لتقريب وجهات النظر من دون التخلي عن التزامها ببيان جنيف القاضي بتأليف حكومة سورية موسعة، أي الحرص على حل سياسي. وهذا ما زال موضوع نقاش على أعلى المستويات وتبادل وجهات النظر مع العديد من الأطراف، إذ استبق بوتين اجتماعه مع كيري باتصال هاتفي مع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون والمبعوث الأممي الاخضر الإبراهيمي في وقت تضمن أميركا التجاوب الاوروبي مع ما ستتخذه، ولا سيما لندن، ويدخل في إطار هذا الاهتمام الاتصال الهاتفي بين بوتين ونتنياهو الموجود في بكين في إشارة واضحة إلى تداعيات العدوان الإسرائيلي.
وإعلان واشنطن عن انها لم تعط أي تحذير قبل شن العدوان لا يُبرّر اعطاءها ما وصفته بالحق في الدفاع عن أمنها، أي أن الموافقة كانت ستتم نتيجة التعاطف الأمني والسياسي مع تل أبيب التي ضاعفت من جاهزيتها الصاروخية وإغلاق بعض أجوائها تحسباً من هجوم عليها مستبقة الرد باتصال مع العاصمة السورية يقول بعدم التدخل في شأنها الداخلي وسط آراء متباعدة عما استهدفه العدوان الجوي.
ولا توحي التوقعات بأن ردّ موسكو على رسالة أميركا سيكون موافقة كاملة على ما جاء فيها، أي الوقت ما زال رهناً بتوافق بين العاصمتين الكبريين على حل يأخذ به الأطراف المعنيون كافة، لذا فان التأزم في المنطقة محاط بمحاذير القلق الشديد من مضاعفة التخوف من صدام وإن كانت نتائجه المتوقعة تجعله مجرّد قرع طبول الحرب من دون الوصول إليها.
وفي ضوء ما يتقرر في موسكو يحبس الجميع أنفاسهم مع الاستعداد للاحتمالات كافة خصوصاً وجوب تجنّب الدول المحيطة بسوريا أية تداعيات وفق ما يُشير إليه الحراك باتجاهها من قبل موسكو وواشنطن.

السابق
مضادات الطائرات في الأعراس اليمنية
التالي
ريز وزوجها… مُعاقبان