وسطيون في عين العاصفة

مع ان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله همش في اطلالته الاخيرة التي اشعلت مسألة تورط الحزب في سوريا الشأن السياسي الداخلي الى مرتبة ثانوية، فان مجمل ما نجم عن اعلانه "الرسمي" الوقوف الى جانب النظام السوري سيتجمع في اختناقات الازمة السياسية.
ولذا تتخذ "معركة" تأليف الحكومة بعد كلام نصرالله بعدا اكثر اهمية من شأنه ان يدخل الرئيس المكلف في معمودية التجارب التي خاضها اسلافه في لعبة التعجيزات مضافا اليها خصوصية الاستحقاق الانتخابي.
ويبدو مثيرا للاهتمام هذه المرة اندفاع الرئيس المكلف مدعوما بقوة من الرئيس ميشال سليمان في تخصيص "الوسطيين" بالموقع الراجح داخل الحكومة لان من شأن ذلك ان يبدل "قواعد الاشتباك" داخل مجلس الوزراء، ان قيض للمحاولة النجاح، ولو انه امر مشكوك فيه.
هذه المحاولة تستند الى عاملين اولهما الطابع الانتقالي الانتخابي للحكومة مما يسوغ وضع دفة القرار المرجح في يد رئيسي الجمهورية والحكومة، وثانيهما الدعم الدولي المتنامي والواضح للرئيسين ولا سيما لرئيس الجمهورية في حمله لواء "اعلان بعبدا" تحديدا الذي بات بعد موقف نصرالله في مهب رياح التورط المثبت.
هذه المحاولة تتخذ ايضا بعدا داخليا سياسيا اضافيا من باب سعيها الى تقليم "غطرسة" سياسية وحزبية وفئوية تبدو قوى 8 آذار بمجملها جانحة الى ممارستها من خلال فرض الثلث المعطل والاستئثار بحقائب كأنها اقطاعات سياسية وشخصية ومكاسب "ابدية" عبر رفضها المداورة في الحقائب واصرارها على طابع تمثيلي شامل لحكومة يفترض الا تعمر سوى اشهر معدودة.
وبهذه العوامل الملتهبة جميعا تتخذ عملية تأليف الحكومة، سواء ربطت "بصفقة" للتمديد لمجلس النواب او "بانفجار" سياسي يفضي الى الفراغ، طابع مواجهة تصاعدية بين اتجاهات و"اجندات" شديدة التصادم. واذا كانت 14 آذار لم تدل بدلوها بعد في شأن منح "الوسطيين" الموقع الاكبر في الحكومة وكذلك لمساواتها مع 8 آذار في نسخة معدلة مفترضة للتركيبة الحكومية، فان ردودها الحادة الفورية على موقف نصرالله ترجح نشوء عقدة اضافية امام الرئيسين سليمان وسلام بفعل تصلب حتمي ستبديه هذه القوى في شأن اي تركيبة حكومية في ظل انفجار مسألة التورط في سوريا.
كل هذا ولم نحتسب بعد التفاعلات الاتية سريعا في الاجندات الانتخابية وتعقيدات ملف قانون الانتخاب. ولا ايضا عامل "العدوانية" القائم بين رموز في قوى 8 آذار ورموز "الوسطيين" التي تنافس عدوانية الصراع بين 8 و14 آذار. ولعلها تجربة غير مسبوقة لوسطيين في عين العاصفة، سيترتب الكثير على نجاحهم فيها او فشلهم.

السابق
عبود: لا نعارض فكرة مجلس الشيوخ
التالي
أسئلة نصرالله ..