المستقبل يعيد إحياء مبادرة الحريري

ماذا يحصل لو عرف الرأي العام اللبناني أنّ كل ما يجري الآن من مساعٍ للاتفاق على قانون انتخاب جديد وتشكيل حكومة جديدة، بات يشبه العزف على الفراغ المقنع الآتي بسرعة؟
ماذا سيحصل لو فهم هذا الرأي العام أنّ اجتماعات لجنة التواصل ومشاريع القوانين المختلطة التي تمّت مناقشتها والمشروع الأرثوذكسي ومشروع الستين، لم تكن أكثر من واجهة للتعطيل الذي سينتج تمديداً للمجلس النيابي، وحتماً للرئاسة الأولى؟

كما يبدو من خلال مسار الاتصالات المتسارع شكلاً، ستتركّز الاتصالات في ربع الساعة الأخير، قبل انعقاد الجلسات النيابية الماراتونية التي وعَد بعقدها الرئيس نبيه برّي، على ترتيب اتفاق على القانون المختلط، تفادياً للدخول في المحظور قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في العشرين من حزيران المقبل.

بتمسّك كل فريق بما يناسبه من مشاريع قوانين انتخابية، وسعي الرئيس برّي المتواصل لإيجاد مخرج توافقي، واضطراره إلى تعديل طرحه المختلط مرة في اتجاه إجراء الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد الذي رفضه النائب وليد جنبلاط، ومرة ثانية في اتجاه اعتماد الدوائر الـ13 التي ترضي جنبلاط، يكون الوقت الضائع قد أخذ بالتمدّد ليدهَم الجميع ويفرض تمديداً تقنياً للمجلس النيابي هو في حقيقته نسف للاستحقاقات الدستورية.

يأمل مَن يريد هذا التمديد لأربع سنوات، أن يحرج الجميع قبل لحظات من نهاية المجلس النيابي، ليختاروا بين أهون الشرّين: إما الفراغ الحقيقي المتمثل بعدم التمديد للمجلس النيابي، أو التمديد لهذا المجلس لأربع سنوات قد تبدأ بستة أشهر، لتمتدّ على المزيد كلما استعصى الاتفاق على قانون انتخاب.

في المبدأ، كان التواصل بين تيار "المستقبل" والرئيس برّي جيداً كبداية، لكنّه لم يتوصّل إلى توضيح الصورة من موضوع التمديد للمجلس النيابي، ولا من تشكيل الحكومة. عبّر الرئيس برّي عن الامتعاض من تعنّت بعض القوى (التيار العوني)، وتحدّث عن تكليف الرئيس سلام، فاعتبر أنه يشكل مرحلة انتقالية؛ وأضاف أن الأفضل يكمن في تولي الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة سياسية في هذه المرحلة الصعبة التي تشهد أزمات كبيرة (الصراع المذهبي).

وبناء على اللقاءات الإيجابية، ستعود اللقاءات بين الرئيس برّي و"المستقبل"، على أن يعطي "المستقبل" جوابه حول طرح الـ13 دائرة. وفي المعلومات أنّ "المستقبل" سيُحيي مبادرة الرئيس سعد الحريري ويطرحها على الطاولة للنقاش، وهي المؤلّفة من إجراء الانتخابات على أساس المناصفة وتطبيق اللامركزية الإدارية، وانتخاب مجلس شيوخ على أساس القانون الأرثوذكسي يكون له القدرة على طمأنة الطوائف كافة.

ولأنّ مبادرة الحريري غير مقبولة من "حزب الله" وحلفائه، ولأنها لا تلقى حماسة من مسيحيّي "14 آذار"، فإنّ مصيرها سيكون الفشل، ليفتح الباب بعدها على التمديد للمجلس النيابي الذي تستعدّ كتل أساسية فيه منذ الآن للتعاطي معه كأمر واقع، هذا علماً أنّ التصويت على مشروع التمديد سيتخذ مسيحياً طابعاً مختلفاً، نظراً إلى أنّ معظم الكتل المسيحية ترفض هذا التمديد.

تتحدّث مراجع سياسية عن دخول لبنان في زمن الانتخابات الممنوعة والحكومة الممنوعة، وتعتقد أن "حزب الله الذي دخل في القتال حتى النهاية إلى جانب النظام السوري، يفضّل عدم تشكيل الحكومة ما لم ينَل الثلث المعطّل، ويفضل عدم إجراء الانتخابات ما لم يحصل على قانون يضمن له الفوز المسبق، وإذا لم يستطع نيل هذين المطلبين فسيكون الأفضل بالنسبة إليه التمديد للوضع الحالي، ذلك على رغم عدم رضى حليفه العماد ميشال عون".
ماذا عن موقف جنبلاط إذا استمرّ التعطيل؟

للمرّة الأولى انتقل جنبلاط من خيار رفض أي حكومة لا يشارك فيها "حزب الله"، إلى خيار تأييد حكومة أمر واقع كحلّ أخير. وتبدي أوساطه انزعاجاً من فرض الشروط على الرئيس سلام، ولا تستبعد قيام جنبلاط، في آخر المطاف، بتغطية حكومة الأمر الواقع، وخصوصاً بعدما رفضت قوى "8 آذار" حكومة الثلاثة أثلاث.

السابق
قضية مخطوفي أعــزاز الى الحلحلة؟
التالي
عبود: لا نعارض فكرة مجلس الشيوخ