هل الأول من أيار.. إسلامي؟

في الأول من أيار تتقلبنيّ المواجع على نفسيّ، على مظلوميتي التي لن اسكت عنها كما يُطلب مني دائماً. لأنني لا اريد ان اسكت حتى لا يسكت من سيليني. فمسلسل الظلم لن يتوقف في حياتنا العمليّة، ومرّده الى التراخي في المحاسبة، وكشف الفساد، وملاحقة الظالم.
ظلمتُ علناً وفي وضح النهار وبتواطؤ غريب. لأنه لا ظهير لي يدعمنيّ. وكنت وحيدة أحارب طواحين الهواء وجيشاً من المحامين غير الموكلين من أحد. كان يُكذب عليّ من كل من قابلته من المسؤولين المعنيين. وعود كاذبة، تغيير في الأقوال، وتراجع في الشهادات. وأنا وحديّ اتحدث مع الجميع وأمام الجميع، بل عليّ ان اشرح الحكاية من نقطة الصفر. لقد تعبت، ولم أيأس. لأني ادافع عن حقي وضد مظلوميتي وضد إسكاتي.
القصة ليست في ما مضى. بل في ما نتعلمه ويُراد لنا تعلّمه كمواطنين، ألا وهو السكوت على الظلم. فكل من يظلم يرضخ ويخاف من التشكي. وصل الأمر أن موظفاً في الضمان الاجتماعي رفض استلام شكوى ضد إحدى المؤسسات بحجة «إذا كانت المؤسسة تابعة لـ… أو لـ… لن نتسلمها».
ثمة تواطؤ ضمنيّ بين الناس، على تحاشي الدفاع عن أية قضية لها علاقة بمؤسسة او هيئة او جمعية، لأن هذه الهيئات كلها مرتبطة بأحزاب وتيارات ومناصب وزعماء. فمن أين لهذا الفرد البسيط ان يحارب ويقارع مجموعات بهذا الحجم الهائل من التسلّط والسلطة؟
لعل ابرز ما اسمعه من محيط عملي هو تعرّض العاملين في المؤسسات الاسلامية لظلم كبير وإجحاف خطير، برغم الشعارات التي تُنادي بها هذه المؤسسات والتي تغريّ الشباب للعمل في إطارها.
فالثقة التي يمنحها الشعار يسحبها بشكل كليّ التطبيق والممارسة. ولمناسبة الفورة الإسلامية في البلاد العربية لن يحتاج المرء لكثير من بُعد النظر ليعرف مدى الهوّة التي سيقع فيها المجتمع العربي في حال وصول طلائع هذه الفورة الى لبنان، برغم انها وصلتنا منذ ثلاثة عقود تقريباً.
بدأ الأول من آيار ماركسياً، وصار إسلامياً، لكنه إسلامي رجعيّ، بمعنى العودة الى المنازل للعمال والنساء، وانفلات المال نحو من يدير العقول بالفتاوى التحريمية.
وتركتنا الثورة الإيرانية، نحن النساء العربيات، نعاني من الفتاوى الإسلامية التقليدية، ووصلنا منها التحرير والسلاح والمقاومة، لكنها لم تنهض بالمجتمع ككل. اما نحن النساء فبقينا تحت رحمة المعممين في فتاواهم العربية الطابع ومجالسهم الشرعية وغير الشرعية. ولعل ما نسمعه من قدرة المرأة في إيران جعلنا نشفق على حالنا، نحن من ندًعي النهضة والتطور. فما بالنا بالربيع العربي الذي يحمل معه 1400 سنة على اكتافه ويقتحم حياتنا بالسيف والنقاب…
علماً أن المرأة الإيرانية وصلت الى اعلى المناصب السياسية في بلدها، وأهم ما حصلت عليه هو حقها في القضايا الشخصية بشكل يُشابه حق المرأة الاوروبية في بلادها على الصعيد العائلي والاجتماعي.
إلا أننا نحن العرب، يبدو ويظهر أن العنف سلاحنا اللفظي والواقعي، فما من ثورة مخيفة كما الربيع الشتوي الماطر بالعنف والقتل.. والذبح والتشنيع والتمثيل بالجثث. كأننا نريد ان نؤكد للآخر، الذي نتهمه دوما بظلمه لنا، أننا مجرمون غير عقلانيين.
فأي إسلام تريدون أيها المسلمون؟

السابق
وما زال عمال مصر يناضلون
التالي
الصديق الروسي… ماذا يريد؟