التصعيد ممر التسوية

رغم ان كثيرين خرجوا بانطباع ان موفد الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف الى بيروت في نهاية الاسبوع الماضي لم تتجاوز حفلة من العلاقات العامة ، حيث عقد الروسي البارد الطباع لقاءات ماراتونية لم تستثن احداً باستثناء الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يرفض ممثلوه الخوض في الاسباب التي لا تتعدى "سوء التواصل" بين الجانبين. وتتوقف اوساط سياسية بارزة عند ثلاثة مضامين للرسائل التي تركها بوغدانوف وراءه والذي حرص على ان ينقل رسالة الدعم المباشرة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ومن جملة ما قاله الروسي العنيد ان لا شيء موضوعاً على النار في الازمة السورية في انتظار ان يقبل الاميركيون التفاوض حول الملف السوري وعليه كان ممثل روسيا الاتحادية حريصاً على التشديد ان بلاده تدعم اعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس ومنع اي تدخل لبناني اكان من حزب الله او سلفياً في الداخل السوري فلا طاقة للبنان او لاي فريق فيه على تحمل كلفة اشتعال الساحة لبنانياً بين السنة والشيعة. كما عبر بوغدانوف صراحة ان لا تأثير لبلاده في لجم حريق من هذا النوع اذا شب في الهشيم اللبناني. خطف مطراني حلب بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم شكل محور حديث بوغدانوف مع الرئيس سليمان والمطران الياس عودة وفهم منه ان اسباب الخطف الاساسية رسالة الى سورية وداعميها ولا سيما الروس وان عملية من هذا النوع يمكنها ان تؤثر سلباً على الرأي العام الروسي وكنيسته الارثوذكسية التي تحث الرئيس فلاديمير بوتين باصرار على حماية ما تبقى من ارث ارثوذكسي في سورية بعد تهجير اهل الطوائف الارثوذكسية من العراق وقبلها فلسطين المحتلة واليوم سورية. وعلى مستوى الاتصالات التي اجراها بوغدانوف مع قيادة حزب الله السياسية والنيابية لم ترق الى "مستوى تورط" الحزب في الداخل السوري بل سمع الضيف القطبي شرحاً واسعاً من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله حول اسباب وكيفية ومدى تدخل حزب الله في سورية وهو الكلام نفسه الذي كان سمعه في طهران قبل ان تطأ قدماه الارض اللبنانية. لكن اللافت ان الضيف الروسي لم يكد يستقل طائرته من مطار رفيق الحريري الدولي حتى ارتفعت نبرة حزب الله وحلفاؤه فخرج رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين ليؤكد ان معركة الحزب واحدة من سورية الى لبنان ويشير كلام صفي الدين الى اجواء داخلية باتت راسخة في ثقافة الحزب اليومية ولغته في التعاطي مع جماهيره واهالي ضحاياه الذين يسقطون الواحد تلو الآخر في معارك القصير وريف حمص وحماية المراقد والمقامات الشيعية المقدسة وبات مريدو ومؤيدو الحزب مقتنعين تماماً بان المعركة هي لحماية خاصرة وظهر المقاومة في مربعها الاول في دمشق وريف حمص المتاخم لخاصرة اخرى للمقاومة في البقاع. ويأتي كلام صفي الدين ليمهد لاطلالة السيد نصرالله التي لم تكن مبرمجة اليوم وفق مصادر قريبة من الحزب التي تشير الى ان اطلالة نصرالله ستكون هامة وستحسم الجدل حول تدخل الحزب في سورية ورؤيته للمرحلة المقبلة والاعتداءات التي طاولت القرى في البقاع والهرمل. وسيتطرق نصرالله الى الملف الحكومي وتعثر ملف التشكيل بعد ان طرح سلام تشكيلة لا تراها قيادة الحزب واقعية بل عبارة عن لي ذراع وفرض امر واقع لا يمكن القبول به او السير به وسيعطل الاصرار عليه الحكومة طويلاً وسيفرض تمديداً لمجلس النواب وللاستحقاقات كافة لحين الاتفاق عليها وتحصينها.
ارتفاع سقف الخطاب السياسي لقوى 8 آذار بعد زيارة نصرالله طهران واحزابها قصر الشعب بالتزامن مع تزايد العنف في سورية وتصاعد الحملات الاعلامية والسياسية على استعمال نظام الرئيس الاسد السلاح الكيماوي، تؤشر الى ربيع ساخن وحاسم فاما تتجه الامور الى حلول وسط او الى تأزم ليس اقله حرباً شاملة في المنطقة.

السابق
بإمكانكم شراء الخردل والسارين
التالي
سعد الحريري: نصرالله يمحو لبنان من الخارطة السياسية