إقصاء الحريديين

هم: مديرو شركات في الجهاز الاقتصادي واسرائيليون فخورون. ويعملون لجمع المال لكنهم في الطريق يحاولون صنع صهيونية ايضا. وحينما يأتيهم مرشح في وظيفة مهمة ينظرون في سيرته الذاتية ويسألون قبل كل شيء أين خدم في الخدمة النظامية وأين يقوم بالخدمة الاحتياطية. وحينما يعجبهم الشاب يُربتون على كتفه ويقصون عليه تجارب عاطفية عاصفة من لبنان. وعندهم في يوم الجمعة صباحا بعد التدريب في قاعة الرياضة والعوم في البركة مجلس نيابي من الاصدقاء. إنهم أناس أخيار محبون للبلد ومحبون للعمل. إن قضية الحريديين تقلقهم منذ سنين. فهم يؤيدون التجنيد للجيش أو للخدمة الوطنية وهم يؤيدون إشراكهم في العمل ليعملوا كالآخرين. ولا يمكن بغير خطوات قوية التقدم، يقولون في تصميم.
شاهدوا في الاسبوع الماضي يئير لبيد، وزير الخارجية الجديد، يقف فوق منبر الكنيست ويعذب الحريديين بالسياط والعقارب، وحينما تلوى الحريديون شاع الابتسام على وجوههم. فقد ابتسموا لأنهم ضاقوا ذرعا ولأنه حان وقت التغيير.
وهو: مدير كبير في واحدة من الشركات الكبيرة في الجهاز الاقتصادي، وهو شخص عزيز علي، وهو قبل التقاعد بسنين معدودة. وقد استقر رأيه قبل بضعة أشهر على فعل شيء ما آخر بحياته. فبعد سنين من العمل في الاعمال الاقتصادية استقر رأيه على انه حان الوقت لبناء شيء ما للسنوات التالية. كان يحلم منذ حداثته بالتربية وقد قام بفعل قبل شهرين. فقد أخذ يُدرس في ساعات فراغه في مشروع حديث للحريديين وهو تربية كبار السن على الاندماج في سوق العمل. وهم في مرحلة الانطلاق في وسط بني براك في فصل دراسي للحسيديين وقد وجههم الحاخام الى الاتيان للدراسة ولولا الحاخام لما لقوا الرياضيات والانجليزية وعادات السلوك في المجتمع الغربي.
إنه يعلمهم كيف تكون مقابلة العمل وكيف يكتبون سيرة ذاتية للعمل. وكيف يحصلون على أجرة وما هي الطلبات من عامل في الجهاز الاقتصادي. وهم في نظره اطفال صغار تم أسرهم في خيمة التوراة فدرسوا ودرسوا حتى ما عادوا يرون انه يوجد عالم حولهم. وهو يرحمهم. إن الجدل في المخصصات والعمل أكبر منهم كثيرا فهم لم يُقروا ولم يفعلوا بل ولدوا في هذا الواقع.
قبل نحو من شهر حاول المعلم ان ينظم لطلابه الحسيديين جولة دراسية في واحد من المصانع الكبيرة في اسرائيل، كي يروا كيف يبدو مكان عمله. ورفضت المعامل لأن الحريديين لا يحسنون اليها. وانتقل المعلم من شركة الى شركة بلا نجاح. وفي نهاية الامر لم يعد اديه مناص، أخذ طلابه من بني براك ليروا مكان عمله مرة اخرى، فهذا أفضل من البقاء في الفصل الدراسي.
وأنا: أكتب منذ سنين وأحتج على الحماقة التي ينشئها المجتمع الحريدي. وعلى عدم الانتاج وعلى الاحتكار المغضب لليهودية. إنني أرى انه يجب على دولة اسرائيل ان تتحمل مسؤولية عما يجري هناك فلا يمكن تأبيد هذه المشكلة تحت رعاية الهدوء السياسي. فاسرائيل ملزمة لهم ايضا بواجبات مدنية وإشراكا في سوق العمل.
ونحن: انشأنا لكثرة الغضب مشكلة ايضا. وهي مشكلة بلا معبر عنها وبلا ممثلين رسميين. فالحريديون لا يتحدثون عنها لأن أكثر الحاخامين لا يريدون ان يندمجوا. والعلمانيون لا يتحدثون عنها، لأن الاحتجاج الغاضب أفضل من الاعتراف بعدم الارتياح الى قبولهم للعمل مع كل هذه الملابس. ولا يتلخص الحل بقرار حكومي أو بحصر العناية في مظالم المجتمع الحريدي بل يُحتاج كي يندمجوا الى رغبة من الطرف الآخر ايضا.

السابق
تقرير اسرائيلي: البديل اسوأ بكثير من بشار الاسد
التالي
نعم للخدمة العسكرية ولا للمدنية