النهار: واشنطن تضع الخيارات على الطاولة بعد استخدام للكيميائي في سوريا

أعلن البيت الابيض أمس ان اجهزة الاستخبارات الاميركية توصلت الى تقويم "بدرجات مختلفة من الثقة ان النظام السوري قد استخدم الاسلحة الكيميائية على نطاق محدود في سوريا، وتحديدا غاز السارين". وطالب الامم المتحدة باجراء "تحقيق شامل" لكشف الادلة التي تؤكد ما حدث.

وهذه المرة الاولى تقول فيها الادارة الاميركية ان سوريا استخدمت الاسلحة الكيمائية، بعدما سبقتها الى ذلك بريطانيا وفرنسا. وكان وزير الدفاع تشاك هيغل اول من تحدث عن ذلك خلال جولته الخارجية، وتبعه وزير الخارجية جون كيري الذي ابلغ اعضاء في الكونغرس هذا التطور.

واستخدام النظام السوري هذه الاسلحة المحظورة يعني انه اجتاز "الخط الاحمر" الذي وضعه الرئيس الاميركي باراك اوباما للمرة الاولى في آب 2012 حين حذر من ان استخدام هذه الاسلحة سوف يشكل "خطأ خطيرا" وسوف يدفعه الى تغيير حساباته حيال النزاع في سوريا. ويرى عدد كبير من المراقبين ان استخدام الاسلحة الكيمائية "على نطاق محدود" يعكس نمطا في التصعيد العسكري استخدمه النظام السوري في السابق لامتحان ردود فعل المجتمع الدولي، وذلك حين استخدم سلاحه الجوي اول الامر على نطاق محدود، وكثف من استخدامه عندما ادرك ان الغرب لن يفرض حظر طيران فوق سوريا، وكذلك في استخدامه الحذر والتدريجي لصواريخ "سكود".

وجاء في رسالة بعث بها البيت الابيض الى عدد من اعضاء مجلس الشيوخ بينهم رئيس لجنة القوات المسلحة الديموقراطي كارل ليفن، والجمهوريان جون ماكين وليندزي غراهام، ان تقويم الاستخبارات كان مبنيا على "عينات فيزيولوجية" (تراب وشعر وغيرها). لكن الرسالة أوضحت ان البيت الابيض يريد ان يبني على هذه الادلة الاستخبارية الاولية من اجل التوصل "الى حقائق ذات صدقية ويمكن تأكيدها ". واوضحت الرسالة انه لا تزال ثمة مسائل عدة غير واضحة ، منها كيف استخدمت هذه الاسلحة ومن اصدر الاوامر وفي أي ظروف استخدمت. واضافت الرسالة التي وقعها مساعد الرئيس للشؤون التشريعية، ميغيل رودريغيز: "نحن نعتقد ان اي استخدام للاسلحة الكيمائية في سوريا من المرجح جدا ان يكون قد بدأ من النظام السوري. نحن نعتقد حتى الان ان نظام الاسد لا يزال مسيطرا على هذه الاسلحة وقد اظهر استعداده لتصعيد استخدامه المروع للعنف ضد الشعب السوري".

وكررت الرسالة ما قاله أوباما في السابق من أن استخدام الاسلحة الكيميائية يعني تجاوز خط أحمر، وأن هذا التحذير الاميركي قد نقل علنا وفي الاتصالات الخاصة الى حكومات عدة في العالم بينها النظام السوري. "وبما ان الرئيس يأخذ هذه المسألة بجدية بالغة، فان واجبنا يقضي باجراء تحقيق كامل في كل الادلة المتعلقة باستخدام الاسلحة الكيميائية داخل سوريا، ولهذا فاننا ندفع حاليا الى اجراء تحقيق شامل للأمم المتحدة يؤدي الى تقويم ذي صدقية للأدلة ولمعرفة حقيقة ما حدث". واشارت الى ان واشنطن تعمل مع حلفائها واصدقائها ومع المعارضة السورية لتبادل المعلومات الاضافية المتعلقة باستخدام هذه الاسلحة.

وفي اشارة ضمنية الى رغبة واشنطن في تفادي التسرع في اطلاق الاحكام كما حصل في الاشهر التي سبقت غزو العراق حين أكدت واشنطن آنذاك خطأ وجود أسلحة دمار شامل فيه، قالت الرسالة: "نظرا الى أهمية هذه المسألة وما تعلمناه من تجربتنا الاخيرة، فان التقويمات الاستخبارية وحدها ليست كافية، وحدها الحقائق المؤكدة وذات الصدقية هي التي توفر لنا مستوى من الثقة وهي التي سترشد صنع قراراتنا وتعزز قيادتنا للمجتمع الدولي".

وأكدت الرسالة ان الحكومة "مستعدة لجميع الحالات الطارئة بحيث ترد بشكل مناسب على أي استخدام مؤكد للأسلحة الكيميائية، بطريقة تتناسب مع مصالحنا القومية… ولدى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عدد من الردود وكل الخيارات مطروحة على الطاولة"، في اشارة ضمنية الى الخيار العسكري.

وكانت واشنطن قد نشرت 150 عنصرا عسكريا وتقنيا في الاردن العام الماضي. وأخيرا زادت عددهم بنحو 200 عنصر. وثمة اتصالات مستمرة بين الولايات المتحدة والاردن وتركيا واسرائيل في شأن سبل التدخل في سوريا في حال استخدام الاسلحة الكيميائية او في حال وقوعها "في الأيدي الخطأ".

وكان هيغل أفاد ان تقويم الاستخبارات جاء في الساعات الـ24 الاخيرة، وقال انه سيقدم بعض الخيارات الى الرئيس أوباما، لكنه امتنع عن تأكيد كون النظام السوري اجتاز الخط الاحمر، واضاف: "نحتاج الى جمع الحقائق والمعلومات"، فثمة أشياء كثيرة غير معروفة منها "ما الذي استخدم وفي أي مكان، ومن استخدمه"؟

وفور كشف رسالة البيت الابيض، سارع السناتور جون ماكين الى القول إن الاسد قد اجتاز الخط الاحمر، ودعا الى تسليح المعارضة واقامة مناطق عازلة والى اتخاذ اجراءات نشيطة لضمان عدم وقوع الاسلحة الكيميائية في الايدي الخطأ. وأبدى عدد آخر من اعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين قلقهم من هذا التطوّر الخطير.

ومن المتوقع ان يتعرض الرئيس أوباما في الأيام والاسابيع المقبلة لضغوط متزايدة من الكونغرس ومن المعلقين والباحثين في مراكز الابحاث لاتخاذ مواقف أقوى للتعجيل في اطاحة نظام الاسد ويرى البعض انه اذا تردد كثيراً في التحرك، فإنه سيجازف بجعل الاسد يعتقد ان الولايات المتحدة لن تترجم تحذيراتها من ان استخدام الاسلحة الكيميائية سيغير "قواعد اللعبة" الى عمل عسكري ضد نظامه.
وفي وقت لاحق، قال مسؤول دفاعي اميركي ان الولايات المتحدة ليست على وشك شن عمل عسكري ضد النظام السوري.

وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" أن رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي سيزور تركيا في الايام المقبلة لاجراء مشاورات مع المسؤولين الاتراك تتعلّق بالأزمة داخل سوريا.

بريطانيا
* في لندن، قالت وزارة الخارجية البريطانية ان لديها معلومات تظهر أن أسلحة كيميائية استخدمت في سوريا ودعت الأسد الى التعاون مع الجهات الدولية لإثبات كونه لم يأمر باستخدامها.
وقال ناطق باسم الوزارة في بيان: "لدينا معلومات محدودة ولكن مقنعة من مصادر متعددة تظهر استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا ومنها غاز السارين. هذا أمر مقلق للغاية. استخدام الأسلحة الكيميائية جريمة حرب".
لكن الوزير المفوض في الحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا اليستر بيرت أكد أنه لا خطة دولية للتدخل عسكرياً في الأزمة السورية.   

السابق
المركزية: لا ثلث معطل في حكومة سلام
التالي
حزب الله ينفي مسؤوليته رسالة طائرة تسقط قبالة حيفا