احلق لحيتك أحسن

الانطباع الأول عندما ترى شخصا ملتحيا فإنه يتبادر لذهنك أنه يقتدي بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبأنه إنسان متدين، وهذا من باب حسن الظن.
لكنك لن تتعرف على حقيقة هذا الإنسان إلا عندما تسمع كلامه وترى تصرفاته، ومما يحزن له المرء ويتأسف عليه، أن يجد في الوسط السياسي والإعلامي من يشوهون صورة المتدينين، من خلال كتاباتهم ومواقفهم الجاهلية.
فكيف نفسر دعوة أحد الكتاب لوزير الأوقاف بأن يستأصل المسؤولين في الوزارة من المنتمين لفكر الإخوان فقط لأنهم يخالفونه في الفكر، ويبرر تلك الدعوة بأنها من باب المعاملة بالمثل!! أليس هذا فكرا جاهليا؟ أليس هذا تطبيقا عمليا لقول الشاعر الجاهلي :
ألا لا يجهلن أحد علينا.. فنجهل فوق جهل الجاهلين
ألم يكن الأجدر أن يتذكر الوزير قول الله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى )؟ أليس فكرا جاهليا أن تمجد ليبراليا يدعو إلى إباحة الخمور ولا يتورع عن مهاجمة الشريعة، ويجعل لهجومه على الإسلاميين مدخلا للطعن في الإسلام كل ذلك من أجل أنه توافق معك على عداوة جمعية الإصلاح والإخوان المسلمين؟
ما الفرق بينك وبين فعل اليهود عندما قالوا عن المشركين ( هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ) فقط لأنهم اجتمعوا على خصومة وعداوة الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه؟مع أنه يفترض فيهم أن يكونوا أقرب للمسلمين لأنهم أهل كتاب بينما المشركون وثنيون؟ أليس فعلا جاهليا تتبع ما يكتبه أو يقوله الإسلاميون ممن يختلفون معك في أسلوب الدعوة لتطير به وتنقله إلى المسؤولين؟
أليس ما تم من مساعٍٍ حثيثة بذلها وزير وعضو سابق لتعطيل عقد الجمعية العمومية لجمعية حقوق الإنسان الإسلامية من أجل إزاحة مجلس إدارتها الحالي المغضوب عليه من الحكومة، والإتيان برئيس جديد كان يوما من الأيام أحد أقطاب المعارضة، ثم خلع ثوبه ليصطفّ في طابور الحكومة طمعا في كرمها من ثروات الشعب؟ فأين الإيثار؟ وأين لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ أم أنها شعارات رنانة نرددها على المنابر، ثم نجعلها خلف ظهورنا بمجرد خروجنا من المسجد؟
على كل حال أخلاق الجاهلية والنفاق سريعا ما يكتشفها الناس من خلال التعامل مع هؤلاء وإن لبسوا ثياب الزهاد والنساك، وزخرفوا عباراتهم بأقوال العلماء والفقهاء، لأنه مهما حاول خداع الناس بهيئته إلا أن الطبع يغلب التطبّع، وكل إناء بما فيه ينضح.
ملاحظة مهمة: إن حديثي عن هذا الصنف من الملتحين لا يقدح في الغالبية العظمى من الإخوة الأفاضل الملتزمين، والمتمسكين بسنة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ويبقى الأصل حسن الظن في الناس. وأما من شوّه صورة المتدينين ممن اتصفوا بأخلاق الجاهلين فلو جاز لنا شرعا لقلت له: احلق لحيتك أحسن.  

السابق
دق النفير الإيراني لنصرة الأسد
التالي
تفعيل الإرهاب الإيراني في العراق والشام ولبنان والخليج العربي؟