عودة الى ‘الخيار الاسرائيلي’

قبل بضعة ايام، صد رئيس الاركان الاسرائيلي فكرة نالت مؤخرا شعبية في أوساط العاملين في الموضوع الايراني، وتقول انه انتهى الوقت الذي كان يمكن فيه لاسرائيل أن تعمل وحدها ضد المنشآت النووية في حالة فشل العقوبات الدبلوماسية. ‘للجيش الاسرائيلي قدرة على الهجوم على المنشآت النووية بنفسه’، قال غانتس. وهو ليس رجلا يميل الى التبجح، ولهذا فان هذا تصريح ذو مغزى. فهو يشعر بالراحة لاطلاقه لانه يعرف أنه في غضون بضعة ايام سيستضيف في اسرائيل صديقا سيجلب معه بضع هدايا ناجعة.
الصديق هو وزير الدفاع الامريكي الجديد، تشاك هيغل. والهدايا؟ حسنا، يدور الحديث عن هدايا كان يفضل النظام الايراني الا تتلقاها اسرائيل: منظومات رادار متطورة، طائرات شحن بالوقود من نوع KC-135 وطائرات مروحيات نقل من طراز V-22، ناجعة على نحو خاص في ادخال الكوماندو الى اراضي العدو. موضوع آخر جدير بالاشارة هو دور هيغل في الصفقة. تذكرون هيغل، أليس كذلك؟ السناتور السابق الذي اتهم باللاسامية من كاتب المقال في ‘وول ستريت جورنال’؟ صاحب المواقف ‘الواقعية’ في مجال السياسة الخارجية، الذي اتهم باعطاء معاملة مفضلة للارهابيين؟ ‘المسالم’ الذي سيشجع تعيينه، على حد قول الن درشوفتس، ايران ‘على مواصلة تطوير سلاح نووي دون خوف من أن تهاجمها الولايات المتحدة’؟ وبالفعل، أبدى هيغل مواقفه المناهضة للصهيونية بشكل استثنائي من خلال قضاء يومين في اسرائيل حل فيهما ضيفا على وزير الدفاع الجديد والصقري فيها، موشيه يعلون (وحسب التقارير التي تلقيتها من اسرائيل، فقد انسجم الرجلان جيدا). وقد اختار اسرائيل كهدف أول له كي يصد اتهامات خصومه ضده. او للدقة، اتهامات خصوم رئيسه الجديد، الرئيس اوباما. لقد نجح اوباما في تعطيل اتهامات الجمهوريين في أنه مناهض لاسرائيل بزيارته الى اسرائيل، والتي حظي فيها بالهتاف من جانب مواطنيها وزعمائها.
وحسب كل التقديرات، بما في ذلك في اسرائيل، فان هيغل، مثل اوباما، معني بالدفع الى الامام بالتفوق العسكري الاسرائيلي في المنطقة، في تعزيز التحالف بين الدولتين وفي الايضاح القاطع للموقف الامريكي ضد البرنامج النووي الايراني. وعلى حد قول مراسل ‘بلومبرغ’ غوبل راتنس، فقد سئل هيغل هل تستخدم الولايات المتحدة صفقة بيع السلاح هذه كي تؤشر الى ايران بان الهجوم العسكري يوجد على الطاولة فاجاب هيغل: ‘لا اعتقد أنه يوجد شك بان هذه اشارة واضحة اخرى لايران’.
في الماضي، مواقف هيغل بالنسبة لايران كانت اقل قطع بكثير. ويطرح السؤال بالتالي هل هيغل يسير فقط في الخط مع الادارة أم ان الحديث يدور عن شيء آخر؟ مصدر كبير في وزارة الدفاع طرح على مسمعي اعتقادا يقول ان حقيقة أن هيغل يطلع الان يوميا على المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالنشاط المغرض الايراني في ارجاء العالم، دفعته لان يفهم عمق التهديد. هذا يبدو منطقيا. عندما كان هيغل خارج الادارة، كان مشهورا بميله للاختلاف مع الافكار التقليدية (بما في ذلك الاسرائيلية)؛ اما اليوم، بينما اصبح في الداخل، فانه يفهم، مثلما فهم اوباما قبل زمن طويل، بانه ليس سهلا دفع النظام الايراني الى التعاون فقط من خلال الارادة.
تلوح الادارة برزمة السلاح كدليل على مواقفها المناهضة لايران. ولكن لزيارة هيغل يوجد هدف آخر أيضا، يخدم مصلحة المسيرة السلمية. قلق في اسرائيل من ان تتنكر الولايات المتحدة لمخاوفها قد يدفعها لان تعمل ضد ايران. ووجود هيغل في حضرة قادة جهاز الامن كفيل بان يدفع نظراءه الاسرائيليين الى الاقتناع في أنه يفهم مخاوفهم حتى وان لم يتفق معهم حول كل واحد من جوانب التهديد الايراني. هذا هو أحد الامور الغريبة في علاقات اسرائيل الولايات المتحدة. لبضع كلمات من الاكتراث يمكن ان يكون تأثيرا أكبر بكثير من عدد كبير من منظومات السلاح باهظة الثمن.

السابق
إعلاميون ضد العنف نعت بيار صادق : صاحب موهبة ترجمها برسوم ناطقة
التالي
الولايات المتحدة لا ترى ولا تعترف