حذار تسييس مخطوفي أعزاز


قضية المخطوفين في أعزاز تحوّلت إلى قضية وطنية، ولاقت تعاطفاً من مختلف الأطراف السياسية، وهيئات المجتمع المدني، الذين وقفوا إلى جانب العائلات القلقة على رجالها في ريف حلب.
ولكن ثمة خوف على هذا التعاطف الواسع مع قضية هؤلاء المظلومين، بسبب المنحى الذي بدأ يتخذه مسار هذا الملف الحسّاس والمعقد، بعد التحركات الأخيرة لأهالي المخطوفين، والتي تركزت على بعض المصالح التركية في البلد، فضلاً عن عودة اسطوانة التهديد بقطع طريق المطار، وذهاب بعضهم إلى حد التلويح بتعطيل الحركة في مطار رفيق الحريري الدولي، بحجة العمل على منع رحلات الطيران التركي إلى لبنان!
ومن باب الحرص على سلامة المخطوفين، وحفاظاً على هذا التعاطف الوطني الشامل، نقول للأخوة من العائلات الغاضبة بسبب استمرار احتجاز رجالها من دون وجه حق، وبلا مبرر شرعي أو أخلاقي: حذار تسييس هذه القضية الإنسانية بامتياز، والتي اتخذت طابعاً لبنانياً وطنياً في الآونة الأخيرة، تجاوز بيوت العائلات المعنية، وتخطى حدود البيئة الحاضنة لهم.
إن رفع شعارات التهجم على رئيس الجمهورية، فيه الكثير من التجني، حتى لا نقول الافتراء، على شخص الرئيس سليمان الذي حاول جاهداً بذل قصارى جهده في الاتصالات مع كل من قطر وتركيا، الدولتين المؤثرتين على الجهة الخاطفة، حيث قام بزيارة خاصة إلى أنقرة ليطلب من الرئيسين غول وأردوغان، التدخل وإعطاء هذه القضية الأهمية اللازمة، لتأمين إطلاق اللبنانيين التسعة.
كما أن هذه القضية كانت حاضرة دائماً في مباحثات الرئيسين سليمان وميقاتي، في كل لقاءاتهما مع كبار المسؤولين الأتراك والقطريين. وغني عن التذكير بعدد الرحلات التي قام بها كل من وزير الداخلية مروان شربل، ومدير الأمن العام عباس إبراهيم إلى تركيا، لمتابعة جهود الإفراج مع الجهات المعنية.
من هنا، فان اتهام الدولة اللبنانية بالتقصير، وتركيز الحملة على رئيس الجمهورية، يضفي على هذه القضية الإنسانية والوطنية ظلالاً سياسية، تفقدها حالة الإجماع اللبناني.
أما محاولات تعطيل بعض المصالح التركية في لبنان، فلن يُضير الاقتصاد التركي الذي يبلغ حجمه بضعة آلاف من مليارات الدولارات سنوياً، بقدر ما يلحق الضرر بالمؤسسات اللبنانية المتعاملة مع المنتجات والشركات التركية!
أما التهديد بإقفال طريق المطار، والتلويح بتعطيل حركة الطيران، فهو ضرب من الانتحار الجماعي والذاتي للبنانيين عشية موسم السيّاحة والاصطياف، ستقطف ثماره الحركة السياحية في تركيا، على نحو ما حصل في العام الماضي!

السابق
الخوري: رح نترحّم على الـ 1975 وبدل “الطائف” سيكون الطوفان
التالي
بوغدانوف في بيروت.. وجملة رسائل الى اللبنانيين