جنبلاط: انغماس بندقية المقاومة في المستنقع السوري يشوه مسيرتها النضالية

رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في تصريح اليوم أن "الأحداث السياسية المتلاحقة والتطورات المتسارعة تثبت يوما بعد يوم أهمية سياسة النأي بالنفس التي أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي وتعرض لانتقادات هائلة بسببها، وتحمل ما لا يحتمل في هذه المجال. فكل التحية لجهوده الاستثنائية في مرحلة شديدة الحراجة في لبنان، وخصوصا أنها تزامنت مع اندلاع الثورة السورية".

وقال: "لقد خضنا مع الرئيس ميقاتي تجربة سياسية طويلة إستكملت في المشاركة معه في الحكومة الأخيرة، وقد وقفنا إلى جانبه وجانب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في محطات صعبة، وسعينا معه لإقرار جملة من المشاريع والخطوات الحكومية المهمة التي تحقق بعضها وتعثر البعض الآخر بفعل أداء بعض القوى المشاركة في الحكومة آنذاك. كما نذكر جهوده الحثيثة عند تكليفه تأليف حكومة وطنية جامعة تضم كل الأطراف، ولكن لم تسمح الظروف بتحقيقها في تلك المرحلة. وسيبقى الرئيس ميقاتي، سواء كان رئيسا للحكومة أو لم يكن، رمزا من رموز العمل الوطني اللبناني الذي يرفع شعار التلاقي والحوار والوسطية والوحدة الوطنية".

وأضاف: "اليوم، مع تفاقم الوضع السلبي في سوريا والانغماس اللبناني في هذا المستنقع، تبرز مجددا ضرورة إعادة الاعتبار الى سياسة النأي بالنفس. وفي هذا السياق، نتمنى على المقاومة التي قدمت المئات من الشهداء في سبيل تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي وحققت إنتصارا تاريخيا في هذا المجال بتحقيق الانسحاب العسكري الاسرائيلي دون قيد أو شرط في سابقة لم تسجل من قبل، أن تعيد تصويب بندقيتها في هذا الاتجاه دون سواه".

واعتبر أن "انغماس بندقية المقاومة في غير محلها، وفي دعم نظام قام بكل ما قام به من مجازر بحق المدنيين والأبرياء وقصف للمدن والقرى وسجن مئات الآلاف من المعتقلين، من شأنه أن يشوه المسيرة النضالية لهذه المقاومة وأن يبدد كل الرصيد السياسي والشعبي الذي راكمته خلال السنوات المنصرمة، وأن يفرغ كل منجزاتها التاريخية من محتواها في سبيل تقديم العون لنظام مصيره الحتمي الزوال عاجلا أم آجلا. وإذا كانت الدعوة موجهة لحزب الله للامتناع عن المشاركة في القتال في سوريا، فإن الدعوات المقابلة للجهاد في سوريا مستنكرة ومرفوضة بدورها، ونتلاقى في هذا المجال مع الموقف المهم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، ذلك أن هذه الدعوات وذاك القتال من شأنهما تأجيج الاحتقان الداخلي اللبناني دون إحداث تغيير يذكر في الداخل السوري. إن هذه الدعوات تصب في خدمة النظام السوري الذي لطالما إمتهن إستخدام ما يسمى "القاعدة" لتبرير حربه على شعبه وإنقضاضه عليه كما هو حاصل منذ إنطلاق الثورة. وفي هذ المجال، ندين بشدة خطف المطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم وندعو لاطلاقهما فورا ومن دون تأخير".

وأكد "أن الشعب السوري ليس في حاجة الى جهاديين من لبنان أو الخارج لدعم نضاله الملحمي الذي يواصله بإصرار كبير منذ ما يزيد على عامين، في سبيل نيل حقوقه الوطنية المشروعة المتمثلة بالحرية والكرامة والديموقراطية، بل كل ما يحتاج اليه هو خروج المجتمع الدولي من حالة التخاذل وقيامه بتقديم الدعم المطلوب للمعارضة لتغيير الواقع الميداني على الأرض، بدل الاكتفاء بالبيانات والخطابات والاجتماعات غير المنتجة، وبدل التلطي خلف مساعدات "غير قاتلة" من هنا أو هناك".

وختم: "كم هو مخز مشهد ذاك الرجل المسن في طرابلس الذي تم التمثيل والتنكيل به في شوارع المدينة، وهي ظاهرة مستنكرة أشد الاستنكار، وتوحي أننا ننزلق تدريجا نحو شريعة الغاب، وهذه مسألة مرفوضة بكل المقاييس. إن الانتقام الفردي من السوريين النازحين إلى لبنان بسبب موقفهم السياسي، سواء كان مؤيدا للنظام أو معارضا له، لا يمكن القبول بها تحت أي ظرف، لأنها تفتح الباب على فوضى من الممكن أن تخرج عن السيطرة. لذلك، ندين بشدة هذا العمل غير الاخلاقي وندعو لمحاسبة المسؤولين عنه".

السابق
الحريري: صادق ريشة تتكلم بلغة الصمت الصارخ
التالي
بري: لعدم استنفاد المساعي توصلا الى قانون توافقي