لعبة العويل والتهويل والتعويل

تعددت الصور المطلوبة للحكومة والمشهد واحد: شعارات وطنية ومطالب فئوية. وتبدلت مواقع القوى في لعبة الأكثرية والأقلية والخطاب واحد: شيء من العويل على الخروج من السلطة. شيء من التعويل على عوامل تحد من الخسارة إن لم تضمن الربح. وشيء من التهويل على الرئيس المكلف. وكلها وسائل يستخدمها من تكون مناسبة له. ويستنكر استخدامها من جانب سواه.
قوى ١٤ آذار مارست العويل بعد سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري باستقالة وزراء منها ضمن انقلاب سياسي جرى ترتيبه محلياً وإقليمياً. ولجأت الى التهويل على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وكان في حساباتها التعويل على الضغوط الداخلية والخارجية وعوامل التحولات الإقليمية لزعزعة الحكومة وفرض العزلة عليها. وقوى ٨ آذار تمارس التعويل بعد استقالة الرئيس ميقاتي، والتهويل على الرئيس المكلف تمام سلام. وليس خارج حساباتها التعويل على موازين القوى الداخلية التي لم تتغير لضمان حصتها ودورها في الحكومة.

والفارق ان قوى ١٤ آذار حركت الشارع ضد تكليف ميقاتي، ورفضت المشاركة في الحكومة، وإن قيل ان مشاركتها كانت مرفوضة عملياً من الأطراف الأساسية للانقلاب. أما قوى ٨ آذار، فإنها سارت مع اتجاه الرياح وسمت تمام سلام للتكليف تاركة معركتها الأساسية للتأليف.
ولا أحد يعرف كيف ستكون صورة الحكومة. لكن الكل يدرك أن الصور المطلوبة يصعب تظهيرها، وان الحسابات يمكن ان تقود الى صورة مركبة من أجزاء من الصور. فالرئيس المكلف تمام سلام يريد حكومة على مسافة واحدة من الجميع غير مثقلة بتركيبة على شاكلة الحكومات السابقة، ويرى أن التوافق من أسس المصلحة الوطنية. لكن الأطراف الأساسية في الحكومة المستقيلة تريد أن تكون داخل الحكومة، لا على مسافة واحدة منها مع سواها. ومن يطالب بحكومة حياديين بيانها اعلان بعبدا يسمع من ينكر وجود حياديين ويرى صعوبة في تحييد لبنان عن صراع المحاور الاقليمية، ويواجه من يطالب بحكومة ما يمكن ان يسمى اعلان الضاحية الذي رمزه مثلث الشعب والجيش والمقاومة.
ومن يطالب بحكومة انقاذية يتحدث عن عموميات في المطلوب انقاذه. ويعرف الحواجز المنصوبة أمام انقاذ الانتخابات نفسها ومعها الاستقرار والاقتصاد والأمن. ومن يطلب حكومة وفاق وطني مطلوب منه تحديد مواضيع الوفاق، وسط الفارق بين اسم الحكومة وبين جوهر الوفاق الوطني المضروب بالانقسام الحاد. حتى تصور الرئيس المكلف، فإن الحسابات الميثاقية للرئيس ميشال سليمان والالتزامات المعلنة لوليد جنبلاط الذي هو بيضة القبان تفرض التدقيق فيه.
وليس من السهل العمل بما سمي مبدأ تاتشر التي كانت جنازتها الرسمية في لندن أمس، وخلاصته: إعمل ما تريده اليوم، واقلق غداً.

السابق
التأليف المؤجل: مفتاحا سليمان وجنبلاط
التالي
رسالة تصل إلى كرواتيا بعد 28 عاماً