أحمد الزين أنا إبن البلد

بعد إعلانه عن عدم إجراء أي مقابلة إعلامية منذ العام الفائت، خلال برنامج للنشر مع طوني خليفة على قناة الجديد، موقف جسّده إبن البلد، ابو حسن أحمد الزين كردّ فعل على ما يجري في هذا البلد، فهذا الفنان المبدع، يقول: "أنا لا أمثل أنا أقول للناس ما أريد من خلال أدواري"، فكان لمجلة شؤون جنوبية هذه المقابلة الحصرية مع "أبو حسن"، التي أعطتنا ثقة كبيرة من فنان كبير. هو إبن بلدة "شحور" الجنوبية والذي حفر في ذاكرة الناس مواقف وطنية لا تنسى.
• في البداية وبعد الشكر الجزيل على هذه الثقة الكبيرة التي تقدمها لمجلة شؤون جنوبية، ما السبب في القرار الذي اتخذته ولا زلت تحافظ عليه من العام الفائت بعدم إجراء أي مقابلة إعلامية؟
في البداية قد يكون الكلام قاسيا، إذا قلت أني فقدت إيماني بلبنان، وبدأت أشعر أني أعيش في مزرعة، ومنذ فترة طويلة وأنا أراقب كل ما يجري من مقابلات على الشاشات اللبنانية، أي سياسي، أي إعلامي، أي فنان، يتنقل من قناة إلى أخرى ومن حديث لآخر، وللأسف لا يوجد شيء جديد يقدمه للناس، كل ما أراه كذب ونفاق على المواطن، يؤسفني أن من يتحكم بالشاشات هم أثرياء الحروب، وأمراء الطوائف والمذاهب. للأسف كلهم سواسية في خداع هذا الشعب، اخاف أن أقع ضحية التكرار والإجترار وأن أعيد نفسي، أنا أحب الجمهور، وأحب محبته، قررت المحافظة عليها بعدم خدش كرامته، وهنا يستحضرني قول للرئيس سليم الحصّ، إختصر وجع أحمد الزين،" 14 و8 أذار، وجهان لعملة واحدة، وأستثني سماحة السيد نصرالله". هكذا هي المقابلات سرقة لمواقف سياسية تبعد الناس عن معنى الوطن والوطنية.

خِشْية وحُلُم
• كيف يرى أحمد الزين الإنقسام الحاصل اليوم بين الطوائف والمذاهب وخصوصاً في ظل هذه الموجة من المغالاة والتطرف تحت غطاء الدين؟
أولاً كل من يحاضر بالعفة ويطلق شعارات الوطنية هو في الواقع يُرضع أطفاله حليب المذهبية والفتن الطائفية. أنا زوجتي سنية وإبنتي زوجها سني، وعندي شابّين تزوج أحدهما من سُنيّة والآخر من مسيحية، و"طول عمري" عشت مع الدروز، أنا تربيت بمدرسة السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله)، ليس كشيعي بل كإنسان، فأحاول في كل علاقاتي بالآخر أن تكون مؤنسنة وإطارها الإنسان وحقوقه وواجباته.
* أنت ممثل لكل لبنان ولكن هل تجد نفسك غريبا في منطقة ما؟
أخشى أن يأتي يوم يصبح معي بطاقة عليها إسم بلدتي شحور، ورئيسي هو رئيس البلدية، أخشى من القادم للبنان، لهذا وبعد أربعين سنة من النضال لا زال حلمي الأول هو العودة إلى بلدتي شحور، والعيش بهدوء وإكتفاء ذاتي، هذا التمني الأول الذي تأخر لحكمة ما، قد تكون أن الله لا يريد أن يحرمني من جمهوري أو يبعدني عن هذا الجمهور. علماً أني لم أنقطع عنها في حياتي، حتى في أيام الحرب كنت اذهب إلى ضيعتي ببوسطة أبو زكي وبوسطة أبو حسن فارس، ولان منزل العائلة كان صغيراً، بنيت منزلاً وأكملته بعد عدوان تموز.

الفوضوي الأكبر
* كيف تنظم حياتك في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية القاسية؟
يقول الإمام علي "يا ابن آدم رزقك رزقان، رزق تسعى إليه ورزق يسعى إليك". أنا أسعى لرزقي الحمدلله ولكن أنا أكبر فوضويٍّ في العالم، ولا أفكر لأبعد من ساعة، ومع هذا تسير الامور بشكل طبيعي، الظروف تؤثر عشرين بالمئة في حياة الفنان، وثمانين بالمئة هو يسيطر عليها، انا أعيش كما كل الناس ولا ادفع فاتورة شهرتي عالية.
• ماذا بقي لك من بيروت اليوم؟
أقول رحم الله الشهيد رفيق الحريري، وأطلب من الله أن يسامحني، بيروت سرقوها في واقعها والذاكرة، سرقوا ساحة البرج، سرقوا سوق الطويلة، وسوق سرسق، سرقوا سوق الخضرا وسوق السمك، سرقوا مسرح فاروق، وصار عنا داون تاون، وسوليدير.
بيروت هي الذكريات التي حفرت في ذاكرتي، وشهر رمضان سابقا لم يكن كاليوم، شهر رمضان اليوم أغاني وسهرات ونراجيل، ولحم وفخاذ ومطربات، ومتاجرة بالشهر الفضيل. في الماضي كنا في البسطة نفرش الطرقات بالسجاد الأحمر، وكل سهرة تبدأ الإبتهالات وتضاء المشاعل، صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، لا زال يتردد في أذناي وصوت الشيخ مصطفى إسماعيل. عيد الفطر وعيد الأضحى كنا نقصد حرش العيد، حرموا الأطفال منه "الله يهدّهم".

أنا صوت الفقراء
بيروت الشيخ زكريا المصري، الذي علمني القراءة والكتابة وتحديدا قراءة القرآن و دون أن يسألني عن مذهبي، بيروت الشيخ محمد عمر الداعوق، الذي فتح لي منزله وحفر في وجداني أهمية العلم والتعلم، كان عنده ما يقارب العشر بروايز لآية إقرأ، ولكن كل آية كتبت بخط مختلف، كنت حينها في فترة المراهقة، فاستحالت مراهقتي عشقا للقراءة وحبا للعلم والعلماء دون أن أدخل مدرسة كباقي أبناء جيلي.
• ماذا تذكر عن طفولتك، وإلى أي مدى تركت تلك الطفولة القاسية على شخصية أحمد الزين الفنان؟
أنا ولدت في العام 1944، في محلة البسطة الفوقا وسط بيروت، وعشت فيها حتى ثورة 1958 عندما إنخرطت في صفوف المقاومة الشعبية، قبل هذا كنت أبيع الصحف واليانصيب، وطفولتي كانت في بيت يضم اثني عشر ولداً، ما لم يسمح لي بدخول المدرسة، فإنصرفت للعمل باكراً، لأشارك في إعالة الأسرة.
انا عشت الجوع ونمت في عربات الخضار وعرفت الفقر باكراً، لذا حفر هذا الواقع في ذاكرتي عميقاً، فكنت عندما أمثل دور "ابن البلد" أستعيد واقعي وأقدمه دورا على المسرح أو خلف الميكرفون في الإذاعة، لأحمل وجع هؤلاء الناس الفقراء وأنينهم، فانا لا أمثل أدوارهم، أنا أحمل صوتهم وعشقهم للأرض وللحرية والكرامة، فأنا منهم.

البداية
• كيف كانت الخطوات الأولى لك على المسرح، وكيف تبلورت شخصية ابن البلد التي رافقتك ردحاً طويلاً من الزمن؟
أما عن بدايتي مع المسرح فكانت مع "أبو عبد البيروتي" وفرقته على شاشة تلفزيون لبنان في العام 1959. بعدها كانت مع فرقة عباد الرحمان الذين كانوا يقدمون عروضا سنوية، كما كنت أمثل بعض المسرحيات مع كشافة الجرّاح، بعد العام 1968، أسست فرقتي الخاصة في ملاعب المعهد العربي التي لا تزال غبرتها تعيش في خلايا دمي، وهناك قدمت العديد من المسرحيات الوطنية والقومية: "دماء في الأرض المحتلّة "، "محاكمة سرحان بشارة سرحان"، "بيت في القدس"، "قافلة الشهداء إلى فلسطين"، "عدالة السماء"، فأنا أول من عمل مسرحاً فلسطينياً في لبنان قبل أي فلسطيني. وفي العام 1974 تميز برنامج إبن البلد عبر إذاعة صوت لبنان العربي وأصبح لقبي الدائم،وهو من وحي كتاب للمفكر الفلسطيني شفيق الحوت رحمه الله اسمه "يوميات ابن البلد". أذكر جيدا حينما أرسلت ورائي مديرة الإذاعة رحاب ميقاتي وطلبت مني برنامجاً وطنياً يكون موجها لابن البلد العادي الفقير..
• ماذا تكلمنا عن دورك في مسلسل "الغالبون"؟
أبو حسين في الغالبون هو أبو حسن في الواقع بإختصار، هو هويتي وإيماني وولائي وأرضي، وعرضي، وشرفي، وبفضل المقاومة وأمثال أبو حسين وأولاده لم تعد الميركافا تسحبني من منزلي في الضيعة.
نزيه قبرصلي، ومحمد سعد، خليل جرادي، احمد وحسن قصير، وكل قطرة دم ذرفت في المكان الصحيح هم أولادي وهي لاولادي، وكل الدماء التي ذهبت في زواريب بيروت لا أعرفها ولا تمثلني.
• كلمة أخيرة توجهها لقرّاء شؤون جنوبية؟
"سألني أبني لعمرو تلات سنين، كان وجهه أصفر وحزين، شو صار بلبنان؟
شو صار ببلاد الحب والمحبة؟ ببلاد لي ما بتغفى فيها حساسين؟
إبني لي عمرو ثلاث سنين، سألني عن الدين؟، قلي يا بيّي شو الدين؟
ليش عم يهجموا النصارى عالمسلمين والمسلمين عالمسيحيين؟.
إبني لي عمرو تلات سنين، قلي يا بيّ عيسى ومحمد، مختلفين؟
قلتلو لأ، طالما الأنبيا بالسما متفقين، من شو البشر عالارض مختلفين؟
ليش البشر عم يركضوا متل المجانين؟، بزقفوا لتجار السياسة والدين، ليش البشر عملو الدين تجارة؟، وفتحوا لكتب الله دكاكين؟ إبني لي عمرو تلات سنين سألني عن الدين؟.

أهم أعماله الفنية:
1- "قيامة البنادق" قيد الإنتاج 2- الغالبون بجزئيه،- 3. عندما يبكي التراب ، يعرض حاليا على شاشة lbc، خلة وردة، كشف الأقنعة، صايعين ضايعين، سيرة الحب، جيران، رجل الإنقلابات، أهل الغرام، يوميات عربي، نزار قباني، عشتار، صائمون ولكن، طيف المدينة، السهام الجارحة، ناجي العلي، الزوجة المفقودة، لمن يغني الحب، أرحل وحيدا، الفاتنة والمغامر، سالم، الغجرية والأبطال، مطلوب لكل الجهات، الأمانة، الإنفجار، المغامرون ، الدنيا هيك، عازف الليل، ديالا، الفرق نمرة، البؤساء، صراع مع الحياة، طه حسين، الممر الاخير، السنوات الضائعة، وغيرها الكثير.

فلاش: كانت أمي على الترويقة تقدم لنا قالب جبنة عكاوي وتقول لنا كحال الفقراء: "سمّوا بالرحمن بتشبعو أوام"، وكنا نحنا نشبع بسرعة لنثبت لها مدى إيماننا، وبالواقع كنّا نبقى جائعين ليأكل منه الجميع.
فلاش: لم أكن راضيا على مسلسل الغالبون الجزء الثاني، ومن غير ليه.
فلاش: الشخصية التي كنت أحلم بتجسيدها ولكن العمر تقدم بي، هي شخصية حسن كامل الصباح.
فلاش: أنا قمت بصلة الرحم مع ضيعتي ومع الجنوب، خلقت بالبسطة الفوقا، رقم نفوسي 1343، برجي الجوزاء واهل الضيعة يحبوني جدا ولدي أصدقاء كثراً وعلاقاتي وطيدة منذ أربعين عاما معهم.
فلاش: عاهدت نفسي أمام الله وأمام أولادي وأمام أحفادي وجمهوري، ان لا أشوه صورتي في آخر أيامي، أشحذ وأبكي على شاشات التلفزة.
فلاش: أغضب بسرعة وبعد ثلاث دقائق أبكي كالاطفال.
فلاش: لا لا لا لا لا لا حتى ينقطع النفس، لا أحب أن يعمل أولادي ( حسن وبلال وكمال) في التمثيل.
فلاش: أنا أحب بشار الأسد كرجل، سوريا تدفع فاتورة حرب تموز، الربيع العربي، ربيع الدم لونه أحمر، هذا رأيي الشخصي وليس تحليلا سياسيا.
فلاش: الدراما اللبنانية خرجت من القمقم، أنا أزعل عليها ليس منها، أنا من رعيل الأسود والأبيض، ودائما أنتقد المشاهد الحرة فيها، نحن شرقيّون.
فلاش: لدي زملاء وليس أصدقاء في الوسط الفني.
فلاش: أول مخرج تعاملت معه، إلياس متى، وأفضل ممثلة تشبهني الأميرة هند أبي اللمع،
فلاش: الممثلة التي أحبها ولم ألتقي معها بأي دور هي سلاف معمار.
  

السابق
مواجهات في البحرين عشية بدء تجارب الفورمولا واحد
التالي
كيري: حزب الله يريد ردع أميركا من الحفاظ على علاقة قوية مع لبنان