السفير: حكومة سلام: معركة خيارات لا أسماء

بين حكومة "تصريف الأعمال" المشلولة، وحكومة "تمام سلام" المؤجلة، يترنح البلد على حافة الأزمات المستعصية، والتي من شأنها ان تجعل كلفة الإقامة في المرحلة الانتقالية مرتفعة، ما يستدعي العمل على اختصارها قدر الإمكان، وبالتالي السعي الحثيث الى تأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة الملفات المفتوحة، تحت مظلة التوافق الوطني.

وعلى وقع الإشارات السياسية المعبرة، والتداعيات الأمنية للأزمة السورية، والانقسامات حول انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، يُفترض أن يعاود الرئيس المكلف تمام سلام، مع بداية الأسبوع، تزخيم محركاته المزودة بكاتم للصوت، سعياً الى إنجاز تشكيلته الوزارية بأسرع وقت ممكن، وسط أجواء تؤشر الى ان سلام لا يزال يعتبر ان من صلاحياته حصراً اختيار الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية، على ان يأخذ بالاعتبار ضرورة ان ترضي التشكيلة القوى الأساسية.

وفي حين تدفع قوى "14 آذار" في اتجاه ان يمضي سلام بتأليف حكومة تكنوقراط من غير المرشحين الى الانتخابات، يأمل فريق الأكثرية السابقة في ان يأخذ الرئيس المكلف في الاعتبار النصائح التي اسديت له لإنتاج تشكيلة سياسية بحجم تحديات المرحلة الحالية، ولتجنب الإقدام على أي "دعسة ناقصة" من شأنها ان تجعل الحكومة مدخلاً الى الصدام لا الى الحل.

وإذا مضى سلام بخيار حكومة الأمر الواقع واعتبر أن الأصوات التي حصل عليها في التكليف من "8 آذار" هي عبء على أصحابها وليس عليه، كما ردد أكثر من مرة، وخصوصاً خلال الاستشارات، فإنه بمجرد توقيع رئيس الجمهورية مرسوم الحكومة، تتكرس أبعاد مرحلة ما بعد نجيب ميقاتي، حتى ولو لم يعط وليد جنبلاط الثقة للحكومة في مجلس النواب.

ويمكن تلخيص الأهداف ـ الأبعاد على الشكل الآتي:
ــ طار نجيب ميقاتي من الحكومة، وهذا مطلب شخصي لسعد الحريري، وسياسي للمملكة العربية السعودية.
ــ طار "حزب الله" من الحكومة، لا بل طارت سياسياً "حكومة حزب الله" بالمفهوم الخليجي والغربي للتسمية.
ــ أعيد وضع "قانون الستين" على طاولة الحكومة الجديدة، التي يمكنها أن تحدد هوامشها، بعد 18 أيار، سواء بتشكيل هيئة الإشراف وتحديد مهل جديدة، ولو اقتضى الأمر تمديداً تقنياً للمجلس لا يتعدى حدود شهر تشرين الأول المقبل.
ــ يكون السعوديون، وتحديداً الأمير بندر بن سلطان، قد حققوا مكسباً في إطار الصراع السعودي ـ الإيراني الجاري في العديد من الساحات الإقليمية وبينها لبنان، بحيث صار هو المسؤول الأول عن إدارة الملف اللبناني سياسياً.. وهي إدارة قد تكون حدودها ضيقة جداً، ولكن ليس مستبعداً أن يكون مرسوماً لها أن تصل الى حدود أخرى، ربطاً بمجريات إقليمية تتعلق بـ"حزب الله" وإيران وسوريا.
ــ يمكن للحكومة الجديدة، أن تعلن عن التزام لبنان كل مقررات جامعة الدول العربية، وخصوصاً في الملف السوري، بدءاً بطرد السفير السوري وفتح مكتب للمعارضة السورية، واتخاذ إجراءات حدودية عسكرية وأمنية تدفن سياسة النأي بالنفس عملياً.
ــ إن حدود تصريف الأعمال اذا لم تنل الحكومة الثقة، ستكون حتماً ضمن الحدود الواسعة للكلمة وخاضعة للأخذ والرد.

السابق
الشرق الاوسط: مصادر في 14 آذار: نخشى تحول إطفاء المحركات إلى إطفاء التأليف
التالي
النهار: 14 آذار تردّ على 8 آذار والفيتو الشيعي