راقصات مصر يطرقن

أعلنت مجموعة من الراقصات الشابات العاملات بقنوات "التت" و"دلع" وغيرها من قنوات الرقص عن استعدادهن لتنظيم مسيرة احتجاجية ببدلات الرقص أمام قصر الاتحادية للمطالبة باسقاط شرعية الرئيس محمد مرسي.
وعن الأسباب التي دفعتهن للقيام بمثل هذه المسيرة الغريبة, أكدت الراقصات اللاتي قررن القيام بهذه المسيرة انهن ومنذ قيام الثورة ووصول الاخوان للحكم وتولي محمد مرسي مقاليد الحكم يعانين بشدة من وقف الحال, حيث تراجعت نسب السياحة بشدة في مصر بالاضافة الى عدم اقدام الأثرياء ورجال الأعمال على الحضور للملاهي الليلية ما أثر بالسلب على المهنة.

قوى المعارضة

وأشرن الى أن هذا ليس هو السبب الوحيد الذي دفعهن لهذا القرار فهناك مجموعة من الأسباب الأخرى أهمها وأخطرها صدور قرارات باغلاق بعض الملاهي بشارع الهرم, وهو ما يعني أن الأيام المقبلة ستشهد قرارات باغلاق بقية الملاهي.
أضف الى هذا قيام مجموعة من المحامين الاسلاميين باقامة دعاوي لاغلاق قنوات الرقص التي عانين كثيرا على حد وصفهن من أجل انشائها وأصبحت تمثل مصادر رزق مهمة بالنسبة لهن, وقد انزعجن بشدة من صدور حكم المحكمة باغلاق قناة "التت" قبل بضعة أسابيع ويتوقعن صدور أحكام مشابهة باغلاق بقية القنوات الأخرى, خصوصاً في حالة تمكنهم بشكل كامل من السلطة والقضاء على المعارضة التي تشغيلهم الآن, ففي حالة تمكنهم من هذا, وكما يؤكدن, سيتفرغون لهن تماما بعد هذا للقضاء عليهن وعلى الملاهي التي يعملن بها بشكل كامل.
ومما يؤكد ذلك كما يقلن موجات الهجوم على الملاهي والكباريهات بين وقت وآخر من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة, ومحاولة تحطيمها وحرقها في غيبة رجال الشرطة وحالة الانفلات الأمني, ما يجعلهن جميعا سواء الراقصات أو أصحاب الملاهي أو العاملون بها أو مرتادوها يعيشون في حالة من كل ليلة سواء أثناء دخولهن للملاهي أو أداء فقراتهن بها أو حتى أثناء الخروج.
وأمام هذه الأسباب وغيرها كما يقلن لم يجدن بديلا سوى التوجه لقصر الاتحادية والاعراب عن احتجاجهن, لما يتعرضن له من مشكلات وأزمات عديدة ومحاولات الاخوان والسلفيين القضاء على المهنة الوحيدة التي لا يجدن غيرها ولا يوجد لهن مصادر رزق دونها.
وعن تبريرهن للوقوف أمام قصر الاتحادية ببدلات الرقص, أكدت الراقصات انهن وجدن انها أفضل وأقوى الوسائل للتأكيد على اعتزازهن وفخرهن بمهنتهن من جهة ومن جهة أخرى للفت أنظار العالم كله نحو الأزمة العنيفة التي تعانيها الراقصات في البلد التي ابتكرت الرقص الشرقي وكان لها الفضل في تخريج آلاف الراقصات على مستوى العالم.
وعما اذا كن تأثرن عند اتخاذهن القرار برقصة (هارلم شيك) التي ظهرت أخيرا كإحدى وسائل الاحتجاجات السياسية وحققت أصداء واسعة, أكدت الراقصات أنهن لم يتأثرن على الاطلاق بهذه الصيحة.
والسؤال الآن ما موقف الراقصات القدامى والمخضرمات من هذا?
وهل يتفقن مع الراقصات الجدد فيما ذهبن اليه ?
وهل من الممكن أن يشاركن معهن للتأكيد على تضامنهن معهن أم أن لهن موقفاً مختلفاً, توجهنا لمجموعة منهن وسألناهن فكانت اجاباتهن مختلفة.

تقاليد وأخلاقيات

في البداية تعلق الراقصة فيفي عبده قائله : مع تحفظي الكامل على أن هناك الكثير من الراقصات اللاتي دخلن المهنة أخيرا ويعملن بالملاهي ويظهرن عبر قنوات الرقص الجديدة ليس لهن علاقة من قريب أو بعيد بالرقص الشرقي المحترم الذي تربينا عليه وشرفنا به مصر في كل المحافل الدولية, ومن ثم اسأن كثيرا للمهنة العريقة, الا انني في الوقت ذاته أعترض بشدة على محاولات اغلاق الملاهي أو القنوات التي تمثل أكل عيش الآلاف من العاملين بالمهنة والمرتبطين بها وليس الراقصات فقط.
وتواصل فيفي, فمن حق هؤلاء الانزعاج وأنا معهن بالطبع ما يحدث ومن حقهم أيضا التعبير عن خوفهن بكل الوسائل المشروعة والممكنة, ولكني لا أتفق معهن أبدا في تلك الوقفة الاحتجاجية التي يرغبن في القيام بها ببدل الرقص فهذا عيب كبير لكوننا في مجتمع شرقي له عادات وتقاليد وأخلاقيات يجب علينا مراعاتها والحفاظ عليها.

فضيحة عالمية

وتتفق معها في الرأي الراقصة الكبيرة نجوى فؤاد وتقول : بدلة الرقص لم يتم صنعها لكي نقف بها في الشوارع والميادين, انما لنرتديها فقط أثناء أداء فقراتنا على خشبة المسرح وحينما ننتهي من فقراتنا وتضطرنا الظروف للنزول للصالة للجلوس مع بعض أصدقائنا مثلا, لابد من تغيير البدلة وارتداء ملابس عادية, فكيف اذن تنطلق مثل هذه الدعوة من قبل بناتنا من الراقصات الجدد فيرغبن في الاعراب عن غضبهن, بالوقوف أمام قصر الرئيس وهن يرتدين بدل الرقص ويقمن بالاساءة لأنفسهن ولكل العاملات بالمهنة.
واضافت أعترض بشدة على الدعوة ليس لشيء سوى لكون الأمر سيكون بمثابة فضيحة عالمية, فهناك من يتربصون بنا وسيتناولون الموضوع بطرق وأشكال سيئة للغاية ولهذا من المستحيل أن أوافق على مشاركتهن هذه الوقفة وبهذا الشكل لاقتناعي بأن أضرارها ستكون كثيرة جدا.

مهنة عريقة

تضحك الراقصة دينا وهي تقول : لقد ضحكت بشدة حينما سمعت بهذا الموضوع الغريب الذي من المستحيل أن أوافق عليه أو أشارك فيه, وأعتقد أن صاحبات الدعوة يسعين من خلالها للفت الأنظار نحوهن بمثل هذه الطريقة.
فهن والكلام على لسان دينا حينما يفعلن هذا ستحضر بالطبع قنوات ومحطات فضائية لتصويرهن فيما يشبه الدعاية لهن وهو أمر أرفضه تماما من منطلق رفضي الاتجار بمهنتنا العريقة.
وهناك وكما تقول دينا عشرات الطرق التي يمكن من خلالها الاعراب عن قلقنا على مستقبل المهنة ومستقبلها, ولدينا وزارة ثقافة معنية بأمورنا وتتحمل أي أضرار من الممكن أن تقع علينا.

خطأ وعيب

تعلق الراقصة بوسي سمير قائلة : مستحيل ومهما حدث أن أوافق على التعبير عن غضبي أو احتجاحي بارتداء بدلة الرقص في الشارع, فهذا عيب جدا وخطأ كبير وسيجعلنا عرضة للسخرية والتهكم من قبل الكثيرين وقيام وسائل الاعلام بتناولنا بأشكال وطرق تمثل اساءة لبلدنا العظيم.
واضافت: اللاتي لذلك لا يدركن خطورة ما يردن فعله, وأنصحهن بالبحث عن وسائل أخرى للاحتجاج شريطة أن تكون أكثر احتراما وتتلاءم مع طبيعة مجتمعنا وأخلاقياته.

مدارس الرقص

الراقصة صفوة ترى أن الموضوع يمثل اتجارا بالمهنة, لم أسمع عن أي واحدة منهن ولم أر أيا منهن وهي تؤدي رقصتها لكي أعرف أن كن بالفعل راقصات موهوبات يعملن من أجل الارتقاء بالمهنة أم انهن دخيلات عليها, فعلى حد معلوماتي انهن من الراقصات الموهوبات وأخشى أن يكن يرغبن في فعل هذا لتسليط الأضواء على أنفسهن ليس أكثر أو اقل وأعتقد أنكم تفهمونني جيدا.
فنحن جميعا والكلام على لسان صفوة نعاني بشدة منذ قيام الثورة, فأنا وعن نفسي تركت الرقص منذ فترة طويلة وقبل الثورة وأقوم بالتدريس بالمعاهد في مصر وخارجها الا انني من بين الذين تأثروا لكوننا جميعا ندور في حلقة واحدة ولكن ليس معنى هذا أن ارتدي بدلة رقص وأقف بها في الشارع ولهذا من المستحيل أن أوافق على مثل هذه الطريقة السيئة.

السياحة والداخلية

ومن زاوية مختلفة بعض الشيء تقول الراقصة لوسي مهما كانت درجة اختلافنا مع الاخوان والسلفيين واتفاقنا جميعا على أنهم بالفعل يتربصون بالفن بوجه عام والرقص خصوصاً الا أنه لا يجب أن نعبر عن غضبنا بمثل هذه الوسائل الرخيصة فأرى أنها ستضر أكثر ما ستفيد.
وتواصل لوسي كلامها قائلة: فنحن لسنا لقطاء أو نعمل بمعزل عن الجميع, فمهنتنا تشرف على تنظيمها وزارة الثقافة وكل الراقصات يحصلن على تصاريح من جهاز الرقابة ومن ووزارتي السياحة والداخلية (مباحث الآداب),ومن ثم فان كل هذه الجهات تتحمل وبشكل كامل مسؤولية حماية المهنة وحينما تتقاعس عن أداء واجباتها تصبح لنا وقتها كلمة أخرى.  

السابق
أعيش أحلى لحظات عمري
التالي
اليسا ومرض الصرع