توقعات بإبصار حكومة سلام المصغرة النور خلال أيام

يحيي لبنان اليوم الذكرى الـ38 لاندلاع شرارة الحرب في 13 نيسان 1975 والتي استمرت 15 عاما، بآمال عريضة يعلقها اللبنانيون على طلائع التطورات الايجابية الاخيرة، ولكن من دون سقوط المخاوف تماما من انعكاسات الازمة السورية على استقرار بلدهم.
واذ اعاد الوضع المتوتر على الحدود اللبنانية – السورية وتعقيدات ظاهرة الخطف في البقاع الشمالي الملف الامني الى صدارة الاولويات الرسمية في الساعات الاخيرة، ضبط الوسط السياسي ايقاع مواقفه من الملف الحكومي المفتوح على ساعة رئيس الوزراء المكلف تمام سلام فغابت المواقف البارزة من التوجهات الاولية لتأليف الحكومة في انتظار ان يكشف سلام ملامحها وتفاصيلها.
وعلمت "النهار" في هذا السياق ان رئيس الوزراء المكلف لن يزور قصر بعبدا اليوم لأنه بدأ العمل لاستخلاص المعطيات المتكونة لديه لترتيب التشكيلة الحكومية المرتجاة بالتشاور والتعاون الكاملين مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وقالت اوساط سلام لـ"النهار" انه بعد ايام حافلة بدأت الاثنين الماضي بالزيارات التقليدية لرؤساء الحكومات السابقين، ثم اجراء استشارات التأليف الثلثاء والاربعاء، ثم اجتماعه مع الرئيس سليمان الخميس، بات رئيس الوزراء المكلف الآن في مرحلة العمل كطباخ لاعداد حكومة تحقق فعلا شعار "المصلحة الوطنية" وهو ليس مضطرا تاليا لأي اعتبار الى "حرق الطبخة". واضافت ان سلام يعمل بهدي الدستور وصلاحياته المنصوص عليها فيه ولن يدع احدا يملي عليه ما يفعل، كما ان منطق إنزال الاسماء بالمظلات لن يفيد.
واشارت الاوساط نفسها الى ان اعتماد سلام الاصول بدأ منذ حضوره الى ساحة النجمة الثلثاء وحيث أصر على ان يبدأ يوم الاستشارات بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مكتبه وعقد جلسة خاصة معه لأن الاصول تقضي بأن يبدأ مع "صاحب البيت".

استشارات إضافية
وأبلغ مواكبون لعملية تأليف الحكومة "النهار" أن الرئيس سلام يعمل ضمن مدى زمني أقصاه عشرة أيام بدأ امس وفي هذا المدى ثمة امكان لولادة التشكيلة في اي يوم من الايام العشرة تبعاً لجهوز الصيغة النهائية. وقالوا إن ما نشر من اسماء للمرشحين للاستيزار عبر وسائل اعلام عدة منها "النهار" انما يعبر عن مروحة خيارات لا بد من ان تنتهي الى اعداد اللائحة المصغرة التي ستعتمد، وهذا ما يعمل عليه سلام بعيداً من الاضواء.
ووصف هؤلاء الضغوط السياسية التي يمارسها بعض الجهات بانها محاولة لدفع رئيس الوزراء المكلف الى اجراء استشارات ثانية غير تلك التي أجراها قبل أيام في مجلس النواب، وهذا ما لن يحصل، اذ ان كل الكتل والنواب قالوا ما يريدون واستمع سلام اليهم وهو سيأخذ في الاعتبار ما تجمع بين يديه من مواقف ومعطيات وسيتصرف في النهاية كقائد فريق لا كصندوق بريد. وهو أعطى مثلاً انه خلال لقائه كتلة "الوفاء للمقاومة" بادر قبل ان يُسأل الى الاعلان عن دعمه للمقاومة عندها تكون وجهتها اسرائيل ولا حاجة الى من يذكّره بهذا الموضوع تكراراً وخصوصاً في مجال استعادة عبارة ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، لان ثمة امكاناً لاعتماد عشرات العبارات والتي تصب جميعها في غاية واحدة.
وشدد المواكبون للاتصالات على أن سلام لن يكرر تجربة سلفه الرئيس نجيب ميقاتي الذي تمهل كثيراً في تأليف حكومته مما جعله خاضعاً لمنطق المحاصصة. كما ان سعي سلام الى حكومة تشرف على الانتخابات لا يسمح باضاعة الوقت بعيداً من هذا الهدف.
وفي اطار الدعم الديبلوماسي الخارجي الذي يتلقاه رئيس الوزراء المكلف زارت السفيرة الاميركية مورا كونيللي امس دارة المصيطبة معتبرة تكليف سلام "خطوة اولى ايجابية ضمن الجهود المبذولة لتشكيل حكومة جديدة".
وشددت، مرة اخرى، على ان "عملية تشكيل الحكومة لبنانية بحتة ويجب ان تكون كذلك".
وعلى صعيد بعض الاصداء الداخلية المواكبة لعملية التأليف، اعتبرت مصادر كتلة "المستقبل" امس ان "ثمة هجوما تعرض له امس الرئيس المكلف من بعض الجهات هدفه الابتزاز والارهاب لارباكه وابتزازه، لكن ذلك لن ينطلي على احد باعتبار ان معطيات هذا الهجوم مفبركة".
اما في بورصة اسماء المرشحين للاستيزار، فتردد امس، بين هؤلاء المحامية ندى عبد الساتر والوزير السابق خالد قباني والدكتور غالب محمصاني والوزير السابق خليل الهراوي.

قانون التعليق
في غضون ذلك، وقّع رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس قانون تعليق المهل في قانون الستين الانتخابي، وسيرسل الى رئاسة الوزراء التي يفترض ان تنشره في ملحق للجريدة الرسمية في مهلة اقصاها الاثنين المقبل. ويبقى امام رئيس الجمهورية بعد توقيعه القانون حق الطعن فيه لدى المجلس الدستوري ضمن مهلة 15 يوما من تاريخ نشره.
ويشار في هذا السياق الى ان الدوائر المختصة في وزارة الداخلية سجلت حتى موعد انتهاء الدوام الرسمي امس 105 طلبات لمرشحين للانتخابات النيابية وتستمر الوزارة في تلقي الطلبات الى حين نشر قانون تعليق المهل.
 وكتبت السياسة الكويتية: يطوي الرئيس تمام سلام اليوم صفحة الأسبوع الأول على تكليفه تشكيل الحكومة اللبنانية وسط أجواء تفاؤلية يرتفع منسوبها يومياً بإمكان ابصار "حكومة المصلحة الوطنية" النور خلال أيام, استناداً الى مناخات التقارب التي حكمت مرحلة التكليف وعزم سلام على تجاوز العقبات والعقد التي يحاول بعض القوى السياسية وضعها في طريق التأليف من بوابة الحصص وتوزيع الحقائب, وإن كان التعبير عنها يتفاوت تحت تسميات مختلفة.
ووسط تحصن سلام خلف جدران الصمت والكتمان بعدما أطفأ كل المحركات, تحولت المصيطبة (حيث منزل الرئيس المكلف) إلى خلية نحل وشبكة اتصالات مع المقار المعنية لجوجلة الاسماء المقترحة وإسقاطها على الحقائب في الحكومة التي يريدها سلام مصغرة منسجمة تضم الجميع من دون وجوه استفزازية.
وأشارت مصادر مطلعة ل¯"السياسة" إلى أن سلام سيزور رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة ليضعه في آخر تطورات التأليف وتشكيلة الحكومة التي ستكون حكومة تكنوقراط من غير المرشحين للانتخابات النيابية.
وأكدت أوساط الرئيس المكلف أنه سيلتزم بما ينص عليه الدستور في ما يتصل بعملية التأليف ويرفض سياسة إملاء الشروط, مرجحة أن تبصر الحكومة النور الأسبوع المقبل إذا سارت الأمور كما هو مرسوم لها.
وأشارت إلى أن هناك مجموعة من الأسماء التي يجري جوجلتها لاختيار توليفة تعمل كفريق عمل موحد لا يشكل استفزازاً للقوى السياسية, خاصة وأن هدف الحكومة الأساسي هو إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد.
وسجلت أمس زيارة تهنئة للسفيرة الأميركية مورا كونيللي لسلام, حيث جددت التأكيد أن "عملية تشكيل الحكومة لبنانية بحتة, ويجب أن تكون كذلك", مشيرة إلى أن "الشعب اللبناني يستحق حكومة تعكس تطلعاته وتعمل على تعزيز استقرار لبنان وسيادته واستقلاله, وأن تفي بالتزاماتها الدولية".
وشجعت "العمل المتواصل لقادة لبنانيين يعملون بمسؤولية من أجل التمسك بالأطر القانونية والدستورية في لبنان لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها".
من جهته, نقل النائب عماد الحوت عن الرئيس المكلف إصراره على تشكيل حكومة لا ترتبط أو تقيد بطرف, لافتاً إلى أن سلام ورغم تفاؤله, إلا أنه تخوف من بعض الأطراف بشأن البيان الوزاري والستراتيجية الدفاعية والحصص الوزارية.
ورغم المؤشرات على اعتراض قوى "8 آذار" على حكومة تكنوقراط وإصرارها على حكومة سياسية, توقعت مصادر في هذه القوى أن تبصر الحكومة النور خلال الايام الثلاثة المقبلة, مرجحة أن يكون ذلك مساء الأحد المقبل أو يوم الاثنين الذي يليه.
ونقلت "وكالة الأنباء المركزية" عن المصادر قولها ان الرئيس المكلف سيفاجئ الاوساط بحكومة بين 18 و20 وزيرا تضم وجوها توزر للمرة الاولى, ويعتبرها من القيادات المستقلة في حين هي معروفة الرأي والانتماء.
كما توقعت أن تلقى التشكيلة المرتقبة حملة من ردود الفعل القوية خصوصا من قيادات قوى "8 آذار" التي لن ترى في الاسماء الموزرة وسطية أو حيادية, إنما تعتبرها موالية حتى العظم لهذا أو ذاك من الفرقاء والقيادات.
من جهة ثانية, علقت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أهمية على البيان الوزاري للحكومة أكثر من شكلها ولونها, إذ أنها ستمثل في النهاية أمام المجلس النيابي لنيل الثقة.
وأكدت أن بري سعى في التكليف كما في التأليف الى الصيغة التوافقية الأكثر رواجا وقبولا, وهو يأمل ان تنسحب هذه القاعدة على المشاريع الانتخابية ليحظى لبنان بقانون قبل الخامس عشر من مايو المقبل ليجري الاستحقاق على اساسه.
وفي حين أكدت مصادر مطلعة ان سلام لن يقدم على اي دعسة ناقصة او خطوة عشوائية في مسار التأليف, فإن ملف قانون الانتخاب سيعود الى الواجهة مجددا مع استئناف اللجنة الفرعية النيابية اجتماعاتها اعتبارا من الثلاثاء المقبل بحثاً عن القانون التوافقي.
وقال رئيس اللجنة النائب روبير غانم ان اجتماع الثلاثاء تشاوري و"نراهن على نجاح عمل هذه اللجنة من خلال المناخ التوافقي الجديد السائد في البلد والنيات الحسنة التي ظهرت في تكليف الرئيس سلام اضافة الى قرار بكركي بتجميد قانون اللقاء الارثوذكسي".
وأكد غانم ان البحث سيتم فقط في القانون "المختلط" الجامع بين النظامين الاكثري والنسبي باعتباره لاقى إجماعاً من مختلف الاطراف السياسية, مشددا على ان اجتماعات اللجنة لن تكون مفتوحة لأن مجلس النواب علق العمل بمهل الترشح وفق "الستين" حتى 19 مايو المقبل "بما يجعلنا محكومين بالضغط الزمني". 

السابق
باسل عبدالله: الورقة البيضاء هي رفض قاطع لأي قانون طائفي
التالي
شربل: تشكيل حكومة توافقية يريح