سلام ينطلق بـ4 لاءات تثير نقزة 8 آذار

بدأ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان تمام سلام امس مهمّته الشاقة عملياً بعدما أنجز الاربعاء الاستشارات مع الكتل النيابية واطلع على طروحاتها وتوجهاتها ومطالبها حيال الحكومة العتيدة.
وإثر جولة اولى من «جوْجلة» نتائج هذه الاستشارات عقدها صباح امس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بدا سلام متجهاً نحو العمل الصامت في الايام القليلة المقبلة معبّراً عن ذلك بقوله: «سنطفىء الموتورات (المحركات)» بما يؤشّر الى نيّته الانصراف بالكامل الى وضع المسودة الاساسية لتشكيلة الحكومة من دون إكثار بالتصريحات العلنية.
ويمكن رسم الصورة الاجمالية التي ينطلق منها سلام في تأليف حكومته عبر اسس مبدئية اعلنها بنفسه وهي تشكيل «حكومة انتخابات» حصراً يُفهم معها انه يعتزم التوصل الى حكومة تضم أسماء غير مرشحة للانتخابات ومحايدة قدر الامكان مع امكان تطعيمها بأسماء محسوبة على تيارات سياسية ولكن غير مرشحة بدورها، علماً ان زوار الرئيس المكلف نقلوا عنه امس ان «الحكومة ستشبهه وانه يعمل لفريق متجانس كما طلب رئيس الجمهورية، وانها لن تضم اسماء مستفزة، ولا سياسيين من الصف الاول ولا وزراء حاليين (في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لتصريف الاعمال) او سابقين ولا مرشحين».
وفي حين لم يكن اتضح حتى عصر امس وقع هذا الكلام على فريق 8 آذار، فان معلومات لـ «الراي» من مصادر قريبة من هذه القوى اشارت الى ان ثمة «نقْزة» اولى نشأت لدى هذا الفريق منذ مساء الاربعاء عقب تسريب أوساط الرئيس المكلف كلاماً له اعلن فيه للمرة الاولى عن عدم رغبته في تشكيل «حكومة سياسية» او «حكومة وحدة وطنية» على غرار ما طالب به 8 آذار تحديداً.
ومع ان اياً من اطراف هذا الفريق لم يعلّق علناً على كلام الرئيس المكلّف، فان المصادر نفسها كشفت ان هذا التسريب بدا لها بمثابة رسالة واضحة الى ان سلام سيمضي الى وضع تشكيلة يطرحها كأمر واقع على الجميع يستند فيها الى ان حكومة الانتخابات لا يفترض ان تغرق في تعقيدات التمثيل السياسي على غرار الحكومات السابقة وان هذه التشكيلة ستكون على الارجح منسجمة مع ما يطالب به فريق 14 آذار اي حكومة محايدة ان لم تكن تكنوقراطية بالكامل.
وتقول المصادر القريبة من 8 آذار ان بعض أطراف هذه القوى بدأ يتحسّب لامكان ان يذهب سلام في تشكيل حكومته على اساس انه سيحظى في النهاية بتأييد الاكثرية التي رشّحته اساساً، اي 14 آذار والنائب وليد جنبلاط، اذا وقفت قوى 8 آذار حجر عثرة امامه، وهو امر لا يزال في إطار الاحتمالات ولكنه طُرح بجدية لدى فريق 8 آذار على اثر ما تبلغه عن كلام سلام من رفضه لحكومة وحدة وطنية.
في المقابل بدا فريق 14 آذار ماضياً بقوة نحو إطلاق يد الرئيس المكلف في مهمته، مما يزوّده ورقة قوية في التفاوض مع افرقاء 8 آذار من موقع قوة في محاولة إقناع هؤلاء بتركيبة حكومية غير فضفاضة تقتصر على غير المرشحين للانتخابات.
وتقول اوساط مواكبة لمشاورات التأليف انه رغم تأكيد سلام علناً ان لا زمن محدداً لعملية التأليف، لكنه يبدو ماضياً نحو وضع مشروع تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية في وقت قصير وعدم الاستغراق في مدة تطول اكثر من اسبوع.
وتعتقد هذه الاوساط ان الاختبار الجدي والحقيقي لتسهيل مهمة سلام او تعقيدها سيبدأ بالظهور مع مطلع الاسبوع المقبل باعتبار ان عملية طرْح الاسماء المرشّحة لدخول الحكومة قد بدأت في الساعات الماضية، وهذه العملية ستقترن ايضاً بمخاض صعب لان كل المعايير التي اتُبعت في تشكيل الحكومات التي تَعاقبتْ منذ بداية عهد الرئيس ميشال سليمان ستختلف هذه المرة، مما يستتبع تغيير الحقائب ونزْع بعضها من اطراف «اعتادوا» على تسلمها مثل تكتل العماد ميشال عون الذي يصر على الاحتفاظ بحقيبتيْ الطاقة والاتصالات. ولكن الاوساط لا تستبعد ان يسعى سلام الى الحفاظ على زخم التكليف الذي جاء به من خلال وضع تشكيلة حكومية لا تستفز الاطراف المتخوفين وإن كانت لا ترضيهم، ولكن ذلك يبقى رهن الايام الآتية وما تحمله الاتصالات والمشاورات الكثيفة التي بدأها الرئيس المكلف منذ البارحة.
في موازاة ذلك، شكّل «العبور الآمن» لقانون تعليق المهل في قانون الانتخاب النافذ المعروف بقانون الستين عاملاً مساعِداً على عدم «تفخيخ» مهمة سلام باكراً وسط ترابُط «عضوي» بات قائماً بين ولادة حكومته والوصول الى قانون جديد يجرى على اساسه الاستحقاق النيابي.
وفي حين وقّع الرئيس ميقاتي قانون تعليق مهل «الستين» الذي سيوقّعه بدوره رئيس الجمهورية رغم تفضيله لو تم اعتماد تمديد المهل، فان النشر المرتقب لهذا القانون في اليومين المقبلين يعني عملياً إسدال الستارة على «الأسباب الموجبة» الاساسية له اي أزمة مهل الترشيحات (مرتبطة بموعد الانتخابات في 16 يونيو التي تمت المحافظة عليها) والفوز بالتزكية (في ضوء الترشيحات التي حصلت حتى الآن)، من دون إحداث فراغ تشريعي كان حتمياً لو تم إلغاء الستين من دون إقرار البديل التي ستنكبّ القوى على محاولة التفاهم عليه حتى تاريخ 15 مايو، الموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري لعقد جلسة عامة لموضوع قانون الانتخاب قد تستمر ليل نهار ولأيام قبل بلوغ 19 مايو وهو التاريخ الذي حُدد لتعليق المهل.
على ان إقرار قانون تعليق المهل الذي أفرز اصطفافاً جديداً «غرّد» لوحده خارجه رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي قاطع الجلسة العامة، أصاب العلاقة بين الأخير وتيار «المستقبل» بقيادة الرئيس سعد الحريري وذلك بعدما كانت تسمية سلام ودور الزعيم الدرزي الاساسي في تأمين النصاب السياسي والنيابي «المرجّح» له نقلتها الى مستوى من التوافق غير المسبوق منذ الاطاحة بحكومة الحريري العام 2011.
وقد برز واضحاً استياء جنبلاط من ارتداد «المستقبل» على ما قالت اوساطه انه توافق كان حصل مع التيار على عدم السير بتعليق المهل خشية ان يكون الأمر «فخاً» لتطيير الانتخابات او فرض امر واقع قوامه «المشروع الارثوذكسي»، في حين لاحظت بعض الدوائر وجود مخاوف لدى رئيس «جبهة النضال» من امكان تكرار «سابقة» ما حصل اول من امس في البرلمان (اي تجاهُل غياب المكوّن الدرزي) مع اقرار القانون الجديد للانتخاب بحيث يتم السير به بمعزل عن موقف جنبلاط الذي ظهر انه عند توافق المكونات السياسية والطائفية الأخرى يفقد دوره كـ «بيضة القبان».
وتتجه الانظار الى باريس التي انتقل اليها جنبلاط، لمعرفة اذا كان سيُعقد فيها لقاء بين الاخير والحريري الموجود فيها ايضاً لبحث ما حصل في الجلسة العامة للبرلمان، علماً ان اوساط «المستقبل» حرصت على تاكيد عمق العلاقة مع الزعيم الدرزي.
وكان جنبلاط استغرب «كيف تلاقى الاضداد فجأة لضرب «قانون الستين» والطعن بالدستور»، وقال غامزا من قناة «تيار المستقبل»: «مَن لديه هكذا حلفاء لا يحتاج الى أعداء».

قانصوه: النومة لم تكن مريحة في «شيراتون – دمشق»
أعلن عضو القيادة القومية في «البعث السوري» النائب اللبناني عاصم قانصوه «ان دور رئيس الحكومة المكلف تمام سلام محدد لقيادة المرحلة الزمنية، ومهمته تنتهي بانتهاء الانتخابات المقررة مبدئيا بعد ثلاثة أشهر».
ورأى قانصوه ان «استقالة الرئيس نجيب ميقاتي جاءت برغبة اميركية وسعودية لأنها لا تريد سياسة النأي بالنفس حتى ولو كانت شكلية، وذلك كي يبقى لبنان منصة لمساعدة المعارضة المسلحة في سورية».
واذ اشار الى «وجود جبهة النصرة في لبنان، وخصوصا في الشمال وطريق الجديدة»، قال: «سنبعث جبهة النصرة الى النائب وليد جنبلاط بعد طردها من سورية، فهو يكيل لهم المديح دائماً».
وكشف انه ذهب الى سورية منذ يومين وبات ليلته في «الشيراتون»، وقال: «النومة لم تكن مريحة في ظل الأجواء هناك».
  

السابق
مي حريري محط سخرية
التالي
طبيب الوسوف يروي القصة الكاملة