الجمهورية: سلام يعتصم بالصمت ويبدأ إعداد التشكيلة والتأليف ينتظر

فيما توزّع الحراك السياسي في الساعات الأخيرة بين قصر بعبدا وعين التينة والمصيطبة، مع بدء مخاض تأليف الحكومة، انشدّت الأنظار إلى عرسال مع تجدّد القصف السوري على البلدة من جهة، بعد أيّام على رسالة الاعتراض اللبنانية إلى الخارجية السورية، وعودة مسلسل الخطف المتبادل بين أهالي عرسال وآل جعفر والذي تجدّد بقوّة مساء أمس بعدما كادت المساعي تصل إلى معالجة المسألة.

في موازاة الارتياح الخارجي والداخلي إلى التوافق على تكليف النائب تمّام سلام تأليف الحكومة، والترقّب الدولي لطبيعة الحكومة وبرنامج عملها، مع أمل في تأليفها سريعاً، وتشديد على إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، برز ترقّب دوليّ ومحلّي لتوافق الأطراف على قانون انتخاب جديد، لتكريس دفن قانون" الستّين" نهائيّاً، لأنّه "لا يموت إلّا بقانون آخر" ضمن المهلة المحدّدة حتى 19 أيّار المقبل، بعد التوافق في المجلس النيابي على قانون تعليق مهل الترشيحات، والذي ينتظر توقيع رئيس الجمهورية ليصبح نافذاً بعدما وقّعه رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، في حين وصف المرجع الدستوري حسن الرفاعي لـ"الجمهورية" ما جرى في المجلس النيابي بأنّه "مخالف للدستور كلّياً، ويمكن الطعن به".

سليمان يتريّث في التوقيع

وقالت مصادر مُطلعة لـ"الجمهورية" إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يتريّث في توقيع القانون الجديد معدّلاً، والذي أحيل الى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية في انتظار بعض الدراسات التي يجريها فريق من الإستشاريين القانونيّين. وأكّدت أنّ سليمان لن يتردّد في توقيع القانون ما لم تظهر أخطاء أو تجاوزات دستورية مرتكبة فيه. وأوضحت أنّ لديه مهلة خمسة أيّام لتوقيعه في اعتباره قانوناً أُقِرّ بصفة المعجّل المكرّر.

تجدر الإشارة الى أنّ من المهم أن يصدر القانون في الجريدة الرسمية قبل 17 من الشهر الجاري، موعد انتهاء المهلة الممدّدة لقبول طلبات الترشيح للإنتخابات وفق قانون الستين لدى الأمانة العامة للشؤون السياسية في وزارة الداخلية، بغية وقف قبول طلبات الترشيح وإلّا ستتوقف تلقائيّا في هذا الموعد.

وقالت المصادر إنّ الترشيحات التي استقبلتها وزارة الداخلية فاقت مئة ترشيح، بعدما تزايد تقديم الترشيحات في الأيام الأخيرة على وقع النقاش في المهل وأهمية استنفادها، لا سيّما أنّ قانون الستين كان سيسمح بفوز عدد من المرشّحين في بعض الدوائر بالتزكية، خصوصاً في تلك التي لم يتجاوز فيها عدد المرشّحين مقاعدها الأساسية.

توتّر بين "المختارة"
و"بيت الوسط"

في غضون ذلك، لم يهضم الحزب التقدمي الاشتراكي بعد خطوة تعليق المهل الدستورية التي تركت رواسبها ظاهريّاً على علاقته مع تيار "المستقبل" لعدم تضامنها معه في الجلسة العامة.

وقال الوزير وائل أبو فاعور بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه برّي موفداً من رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط : "نحن نعتقد أنّ ما حصل في الأمس (أمس الأوّل) ما كان يجب ان يحصل لا من الناحية السياسية ولا الدستورية، وبعض القوى التي انساقت بالأمس خلافاً لما كان حصل من شبه توافق أو اتّفاق لم نعرف كيف تمّت إدارة الظهر له والذهاب الى الجلسة ولم يتمّ النظر لا الى ما سبق وجرى الحديث عنه ولا إلى حضور أو عدم حضور مكوّنات أساسية سياسية".

رحلة التأليف

وفي هذه الأجواء، انطلق سلام بصمت في رحلة تأليف حكومته، فبدأ اتصالاته بعيداً من الأضواء لتحديد معالم حكومته وطبيعتها، وزار رئيس الجمهورية وأجرى معه جوجلة أولى لنتيجىة إستشارات التأليف التي أجراها مع الكتل النيابية، وسكت عن الكلام المباح، وأطفأ المحرّكات بغية إعداد التشكيلة الوزارية.

لكنّ وفد "الجماعة الإسلامية" نقل عن سلام بعدما زاره في المصيطبة، ميله الى"تأليف حكومة غير موسّعة من غير المرشّحين للإنتخابات، ومن وجوه لا تشكّل استفزازاً لأيّ فريق".

وعلمت "الجمهورية" أنّ الرئيس المكلّف يحاول تأليف حكومة تكنوقراط من 14 أو 16 وزيراً سريعاً، معتبراً أنّه يستطيع ان يستفيد من الإجماع على تكليفه، ليمثل بها أمام المجلس النيابي حتى ولو لم يضمن الثقة، ولكنّه يبقى رئيس حكومة تصريف أعمال. لكنّ هذه المحاولة بدأت تظهر معالم التصدّي لها، فبعد مواقف "حزب الله" والتيّار الوطني الحر" من المشاركة، برز موقف لرئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي شدّد على حكومة وحدة وطنية بعدما حاول بعض الأطراف في خلال الساعات الـ48 الماضية تفسير موقفه بأنّه عودة عن موقفه الأساسي المطالب بحكومة جامعة.

في الموازاة، اعتبرت مصادر مطّلعة أنّ سلام أحيا تقليداً قديماً خرج عليه بعض الرؤساء المكلّفين منذ العام 1992 حتى اليوم. فهو عندما زار القصر الجمهوري أمس فور الإنتهاء من استشاراته النيابية غير الملزمة مع النوّاب، قد ميّز نفسه عمّن سبقه في هذا الموقع، بعدما تريّث العديد من الرؤساء المكلفين في زيارة بعبدا وتجاوزوا بذلك هذه المهل سابقاً، ومنهم من انتظر خمسة أيّام و11 يوماً ليزور القصر الجمهوري.

وقالت مصادر اطّلعت على جوانب من لقاء بعبدا إنّ الرئيس المكلّف لم يطرح أسماء محدّدة بمقدار ما بحث في بعض المواصفات التي يرغب أن تتوافر في وزرائه تحت عنواني الوزراء الحياديّين الذين لا تستفزّ أسماؤهم أحداً أوّلاً، ومن غير الحزبيّين ثانياً، لا على مستوى رؤساء أحزاب أو قياديين.

وذكرت المصادر أنّ التصوّر الأوّلي للرئيس المكلف يتحدّث عن حكومة منسجمة ومتجانسة لكنّه سيواصل لقاءاته التشاورية، بعيداً من الأضواء وستشمل القيادات السياسية والحزبية في البلاد، خصوصا أولئك الذين كانوا على تماس مع الإستشارات النيابية، ولا بدّ من مناقشة البعض منهم في ملاحظات اساسية سبق لهم أن عبّروا عنها، خصوصا لجهة إصرار البعض على تشكيل حكومة سياسية بامتياز تواجه الإستحقاقات الكبرى في البلاد والمنطقة، فيما المطلوب في رأيه إجراء الإنتخابات في ظروف مثلى وأقلها ان لا يكون من بين الوزراء فيها مرشّحون يمكن ان يتّهموا باستغلال مواقعهم في السلطة، أو حزبيّون يجيّرون خدماتهم لمرشّحين من أحزابهم.

وعلى هذه الخلفيات، قالت المصادر إنّ سلام أجرى اتصالات واسعة بعيداً من الأضواء تمهيداً لخطوة ما يستعدّ لها في الساعات المقبلة وسط سيناريو يقول إنّ الصيغة الأولى للحكومة يمكن ان ترى النور في الساعات الـ 48 او الـ 72 المقبلة، في محاولة لإستعجال الوقت وإستغلال أجواء التوافق التي تركتها الإستشارات النيابية الأخيرة.

الملفّ الانتخابي في عهدة مظلوم

في مجال آخر، كلّف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المطران سمير مظلوم متابعة الملف الإنتخابي وترؤّس إجتماعات لجنة دراسة قانون الإنتخاب ودعوتها للإنعقاد. وأكّد مظلوم لـ"الجمهورية"أنّه "لم يتّخذ قراراً بعد بدعوة اللجنة الى الإجتماع في بكركي، وأنّه يتريّث بعض الوقت"، مؤكّداً أن "لا جديد على صعيد قانون الإنتخاب".

من جهته، أكّد عضو اللجنة الوزير السابق يوسف سعادة لـ"الجمهورية" أنّ المردة "لم تتلقّ أيّ دعوة الى إجتماع في بكركي قريباً"، مشيراً إلى أنّ "الملف الحكومي أخذ الإهتمام من قانون الإنتخاب". وقال: "لن نطرح أيّ بديل عن "الأرثوذكسي" لكنّنا سننطلق من مشروع الرئيس نبيه برّي الذي يناصف بين النسبي والأكثري، كذلك سنناقش مشروع "القوّات" و"الكتائب"، وقد أعددنا دراسة مفصّلة عن النظام المختلط وسنطرحها في أوّل إجتماع، إضافة الى تصوّرنا مجموعةً أفكارٍ تساهم في تأمين المناصفة".

السفير السعودي

وكشف سفير المملكة العربية السعودية في بيروت على عواض العسيري عن أنه على تواصل مستمر مع "حزب الله" منذ توليه مهمته في لبنان، مشدداً عى? أن التواصل السني- الشيعي مطلوب، معتبراً أن الخلاف الذي نراه اليوم هو خلاف سياسي تم تحويله الى طائفي، والمطلوب الحوار والاعتدال والتخاطب.

وقال السفير السعودي في حديث لقناة "المنار" إنّ التواصل مطلوب بين كل الأفرقاء اللبنانيين ولا سيما بين حزب الله وتيار المستقبل. داعياً اللبنانيين للعودة الى طاولة الحوار.

وأضاف: "إننا لا نتطلع لمجرد فترة مؤقتة بل أن يمد اللبنانيون أياديهم بعضهم الى بعض وان يكون هناك توافق سياسي يحصن لبنان ضد أي إفرازات إقليمية ودولية، مشيرا إلى أننا نتمنى أن نرى كل اللبنانيين على طاولة واحدة".

رسائل "عرسال الأمنية"

وفي هذه الأجواء تقدّم الملف الأمني على ما عداه من الملفّات الحكومية والسياسية. وبعد ساعات قليلة على الإعلان عن لقاء بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش اللذين استعرضا الإعتداءات الأخيرة والقصف الجوّي الذي استهدف الأراضي اللبنانية في محيط عرسال، جدّد الطيران الحربي السوري غاراته مساء أمس على أطراف بلدة عرسال واستهدف صاروخان منطقة تقع ما بين جرود نحلة وعرسال في محلّة وادي النحل الحدودية الآهلة في جرود عرسال، ما أدّى الى إصابة عدد من المواطنين تراوح عددهم بين 7 وعشرة أشخاص نُقل بعضهم الى مستشفيات المنطقة وعولج آخرون في منازلهم.

وترافق القصف السوري مع انقلاب نفّذه خاطفو حسين جعفر الذين سبق لهم ان خفّضوا الفدية المالية لقاء إطلاقه الى 140 ألف دولار، وهي عملية بدأت بطلب مليون دولار.

وقالت مصادر معنية لـ"الجمهورية" إنّ مع اقتراب مهلة تبادل المخطوفين التي رعاها وزير الداخلية مروان شربل بين عشائر عرسال وآل جعفر في الأيام الأخيرة نشأ الخلاف بين الجهتين حول الفدية ومن سيؤمّنها. وفي الوقت الذي تردّد آل جعفر في تأمين المبلغ بعد تعثّر توفير مبلغ 25 ألف دولار اميركي قال وجهاء عرسال إنّهم مستعدّون لتوفير هذا الفارق للإفراج عن ابن جعفر وإقفال هذا الملف بين عرسال والقرى المجاورة.

وفي هذه الأجواء التي سادها توتّر ملحوظ أعلن آل عز الدين من عرسال انّهم خطفوا عدداً من ابناء عشيرة آل جعفر لإسترداد ابنهم. وفي معلومات لـ"الجمهورية " أنّ أحمد يونس عز الدين هو من بدأ الخطف بخطفه حسين نظير جعفر لمبادلته بأخيه المخطوف لدى آل جعفر.

وأدّى هذا العمل الى تجدّد مسلسل الخطف المتبادل بين اهالي عرسال وآل جعفر، بعد ان كادت المساعي تصل الى معالجة هذه المسألة. وخطف مسلّحون من اهالي عرسال ثلاثة أشخاص من آل جعفر ورابع من آل الرشعيني، فيما كانوا يقومون بأعمال تجارية في محيط عرسال. عمد بعدها آل جعفر الى خطف بلال عز الدين من عرسال على طريق عرسال – اللبوة.

وليل أمس قال مرجع أمنيّ لـ" الجمهورية" إنّ حصيلة عمليات الخطف المتبادلة زادت على عشرة تقريباً. ولفت الى أنّ الإتصالات السياسية والمحلية والأمنية تواصلت بالتزامن مع التدابير الأمنية الإستثنائية التي اتّخذتها وحدات الجيش في المنطقة بنشر حواجز وإجراءات في مختلف طرقها العامّة وعند مداخل القرى.

وفي وقت لاحق أُفيد أنّ من بين المخطوفين: عبّاس حسن جعفر، على راشد جعفر، نبيل راشد جعفر، وإثنان من عشيرة آل زعيتر وثالث من آل الرشعيني، وقد أُطلق سراحه في عرسال مع الآخرين من آل زعيتر قبل أن يتعرّض ثلاثة من أبناء البلدة للخطف وهم من آل الأطرش. ?
  

السابق
الأخبار: حكومة السنيورة برئاسة سلام
التالي
البناء: معلومات عن تشكيلتين جاهزتين لدى سلام