محمد شمس الدين: اللبناني ينتخب غرائزياً

لا يوجد في الدستور أو القوانين اللبنانية أية معايير تحدد أو تلزم الناخب بإختيار مرشح أو تفضيل مرشح على آخر، حيث أن الاختيار متروك لحرية الناخب، ولبنان – في المبدأ الاساسي هو دولة ديمقراطية- وللناخب الحق في اختيار اي مرشح يعبّر عن طموحه وقراره ومشروعه، إذاً طالما أن الممارسة الديمقراطية معترف بها، وللناخب حق يكفله القانون، لماذا يعمد المواطن اللبناني الى إختيار أشخاص لا يمثلونه، ينتخبهم لورود أسمائهم فقط على لوائح إنتخابية معينة، ولماذا يختار الأسماء نفسها التي سبق لها أن انهت سنوات تمثيلها ولم تنفّذ من وعودها شيئاً، ولماذا يعيد انتخاب الطبقة السياسية الفاسدة ذاتها؟
الباحث في "الشركة الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، حاول الرد على هذه الأسئلة التي وجهتها إليه "شؤون جنوبية".
يبدأ شمس الدين كلامه عن البرامج الانتخابية للمرشحين اللبنانيين فيقول: "المرشح مفترض أن يقدم للناخب برنامجه الانتخابي، ولكن واقعاً، نرى أن بعض الكتل أو المرشحين يقومون بذلك، بينما نجد كتلاً لا تقدّم أي برنامج وتذهب الناس وتنتخبها، ولكن في الحالتين الناس لا تحاسب على ذلك."
ويضيف شمس الدين: "نجد أن هناك مرشحين لا يقدمون اي برنامج، ومع ذلك تذهب الناس الى انتخابهم وينجحون في كثير من الأحيان، او مرشح يقدم برنامجاً ولا يلتزم به والناس تعود وتنتخبه بعد أربع سنوات، هنا السؤال عن آلية المحاسبة والمساءلة، نحن لماذا نذهب وننتخب؟"، حيث يعيد شمس الدين هذه المسألة الى عوامل عدة:
أولاً: الناس تفضّل مرشحاً على آخر تبعاً للاعتبار الطائفي.
ثانياً: المصلحة الشخصية تلعب دوراً أساسياً في الانتخابات حيث يبحث بعض الناخبين عمن يؤمن الخدمات الشخصية او عمليات التوظيف.
ثالثاً: النائب منخرط في تيار سياسي، والناس تؤيد هذا التيار فتنتخبه بغضّ النظر عن أهليته وإقتناعها به.
رابعاً: تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
"ولكن في كل الحالات الاختيار حاصل والنواب لا يقومون بعمل يرضي الناخبين، والأَوْلَى ان يحاسبوا عندما تنتهي الولاية النيابية بعد 4 سنوات، بعدم انتخابهم من جديد، ولكن ما يحصل هو ان الناس تعيد تجديد ثقتها بالنواب رغم الفشل السابق".

تكرار للوجوه
الشخصيات النيابية تتكرر، والوجوه ذاتها قد إعتاد عليها المواطن اللبناني، حيث يعتبر شمس الدين: "أن أكثرية الوجوه موجودة في المجلس النيابي منذ عام 92 حتى اليوم، وعلى الرغم من مرور خمس دورات انتخابية، فإن نواباً كثراً مستمرون، مع أنهم لم يقدّموا أي اسهام بسيط في اي عمل تشريعي او برلماني، ولم يحققوا ما كانوا قد وعدوا الناس به، والناس تعيد انتخابهم تبعا لمعايير شخصية، فحوالي 30 أو 40 بالمئة من النواب الحاليين يتم التجديد لهم في كل دورة، والجديد يكون على خطى من سبقه، فلا آلية للمحاسبة، وحتى لو تغيّر النائب، فما يتغير هو الشكل لكن الممارسة هي ذاتها".
ويعتقد شمس الدين أن في لبنان، الناس باكثريتها الساحقة تنتخب غرائزيا، دون قدرة على المحاسبة، الامر الذي يُفقد الانتخابات قيمتها الكبيرة وجوهرها. ولأن الانتخابات تقوم على مبدأ المحاسبة والمساءلة وحُسن الاختيار، وعندما لا نختار نحن بحرية، او الشخص الذي اخترناه لا يستطيع القيام بما نطمح اليه او ما وعد به، تصبح الانتخابات مجرد فلكلور، وليس ممارسة ديمقراطية تُعزز المشاركة.

طائفيتنا تتنتخب
وعن آلية المحاسبة في لبنان، يُشير شمس الدين الى أنها "معطلة، لأننا لا ننتخب بسبب القرارات السياسية، بل أن الأكثرية تنتخب بناءاً على الغريزة والولاء الأعمى بغّض النظر عن الاقتناع بأهلية المرشح أو عدمها، واصبح لدى المواطن خوف من التغيير". إضافة إلى أن "الناخب المسلم لا يستطيع انتقاد المرشح المسيحي، والعكس صحيح، لأن الأمر قد يأخذ سريعاً المنحى الطائفي".
ويختم شمس الدين كلامه بتقييم التحركات المطلبية الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، واصفاً تأثيرها بأنه "ضئيل، فحتى أن القائمين بهذه التحركات هم أنفسهم ينقلبون عليها فيما بعد، وهناك خوف لان القائمين على هذه التحركات في مكان أو آخر مرتبطون بجهات سياسية معينة، ويطرحون شعارات مطلبية وحقوقية لكنها مرتبطة بشكل غير مباشر بجهة معينة".
  

السابق
الشعب السوري المنكوب في حالة رعب من الموت الآتي من السماء
التالي
زياد الرحباني في مهب الانقسام