لهذه الأسباب تتقدَّم حظوظ سلام

تعكس الاتصالات والمشاورات الجارية في مختلف الاتجاهات استعداداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي ستكلّف تأليف الحكومة الجديدة أنّ هناك أرجحية لأحد إسمين من بين جميع الأسماء المطروحة، أوّلهما رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، وثانيهما النائب تمّام سلام. ويُنتظر أن تحسم المشاروات التي ستشهدها الساعات الأربع والعشرين المقبلة أيّاً منهما سيكلّف تأليف الحكومة الجديدة.

يقول مشاركون في المشاورات الجارية إنّ أسهم ميقاتي ما زالت متقدّمة على رغم اعتراض الرئيس سعد الحريري وحلفائه في فريق 14 آذار عليه، وقد أدّى إعلانه أنّه لا يمكن أن يؤلّف حكومة من دون مشاركة حزب الله فيها إلى تقريب المسافة بينه وبين فريق 8 آذار بعد التباعد الذي ساد بين الطرفين إثر الاستقالة، في الوقت الذي ما يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "جبهة النضال الوطني" منسجمين في الموقف حياله، وذلك في ضوء ما سمّي "تفاهم روما" الأخير والذي أعقبته الاستقالة الميقاتية، وارتفاع أسهم قبول الاطراف السياسيين بقانون انتخابيّ مختلط اقترحه بري ووجد فيه مخرجاً لمصلحة البلد في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها، بدليل أنّ تيار "المستقبل" بدأ يعلن استعداده للقبول بهذا القانون.

وفي المقابل يقول هؤلاء المتابعون إنّ حظوظ سلام بترؤّس الحكومة العتيدة مرتفعة ايضاً، لجملة اسباب يمكن تلخيصها بالآتي:

اوّلاً، أنّ فريق 14 آذار لا يعتبر سلام من خارج صفوفه، فيما فريق 8 آذار لا يعتبره خصماً حادّاً، ولم يُسجّل عليه اتّخاذ أيّ موقف حادّ تجاهه، بالاضافة الى انّه كان حليفاً لحزب الله في انتخابات عام 2000 في بيروت، وقد خسر النيابة يومها بسبب هذا التحالف.

ثانياـ لقد كان سلام عضواً في "اللقاء الوطني" الذي نشأ مطلع العام 2000 والذي ضمّه الى ميقاتي وعبد الرحيم مراد وجهاد الصمد وطلال المرعبي، وهذا "اللقاء الوطني" خرج منه ميقاتي الى رئاسة الحكومة عام 2005، وقد تنافس يومها على هذا الموقع مع مراد.

وقد كان هذا اللقاء شبيهاً بـ"تجمّع النواب الموارنة المستقلين" الذي خرج منه رئيسا الجمهورية الراحلان رينه معوّض والياس الهراوي، فيما كان أحد أعضائه النائب بطرس حرب على طريق الرئاسة.

ثالثاً- إنّ اكثر من جهة عربية لا تمانع في ترشيح سلام لرئاسة الحكومة لأنه يعيد فتح بيت آل سلام، وهو بيت من بيوتات الشخصيات السنّية الكبرى التي يحمل علم الاستقلال توقيعها، وقد عمل كثيرون على إغلاقها الى جانب بيوتات أُخرى.

رابعاً- إنّ سلام هو ابن بيروت التي حرمت من رئاسة مجلس الوزراء منذ 22 عاماً باستثناء "إختراق" حصل بين العامين 1998 و 2000 حين تولّى الرئيس سليم الحص لسنتين في مطلع عهد الرئيس السابق العماد إميل لحّود.

خامساً- ليس في بيروت من ظواهر متطرّفة حتى الآن، وهذا ما لا يجعل سلام أسير التيارات المتطرفة، فالرجل إبن زعامة المصيطبة، وهي محلّة يسود فيها عيش مشترك إسلاميّ ـ مسيحيّ وسنّي ـ شيعيّ، وهذا ما يجعله معتدلاً في أدائه.

سادساً- إنّ توازن القوى النيابي وتوازن القوى الإقليمي والتوازن الدولي السائد لا تترجمه على الأرض في هذه المرحلة سوى شخصية من نوع شخصية تمّام سلام.

ولذلك يعتقد المتابعون انّ السباق الى السراي الحكومي قد ينحصر خلال الاستشارات بين ميقاتي وسلام. كذلك يعتقد هؤلاء أنّ استشارات التكليف التي سيبدأها رئيس الجمهورية ميشال سليمان غداً في القصر الجمهوري، ستكون أسهل من استشارات التأليف التي سيجريها الرئيس المكلف بعد تكليفه، وأنّ الساعات الأربع والعشرين المقبلة قد تحمل مفاجآت، وقد تحمل اسماء من غير الاسماء المطروحة.

ولكن الواضح من المواقف أن ليس هناك أيّ رغبة لدى جميع الاطراف بالتصادم، بل إنّهم بدأوا ينحون الى التوافق بدليل الاتفاق أمس على تعليق البحث في المشروع الانتخابي الأرثوذكسي مقابل عدم الترشّح للإنتخابات على اساس قانون الستين، الأمر الذي سيجعل المشهد السياسي اللبناني محكوماً بمعادلة "كيت" .

السابق
مشاورات واسعة وتوافق مفاجئ يخرق الخلافات قبيل الإستشارات
التالي
بلغاريا: لا نية لادراج حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية