دندشلي وعبد الجواد والناشف: الناخبون تحوَّلوا إلى زبائن لدى السياسيين

يتنازع الزعماء على مشاريع قوانين الانتخابات النيابية، لكنهم يحملون موقفاً واحداً يتلخص بكيفية زيادة حصة كل طرف من المقاعد النيابية، وكيف يمكن أن يمسك برقاب رعايا الطائفة التي يدّعي زعامتها. وبالتالي يتحول الناس إلى مجموعات تسيّرها أشخاص لا هم لها سوى التسلط والنهب والفساد. ولكن، كيف يختار الناس الزعماء ولماذا؟ أسئلة حملتها شؤون جنوبية إلى الناشطين السياسيين المهندس محمد دندشلي وماجد عبد الجواد والناشط الحقوقي المحامي وسيم الناشف.

كيف ننتخب؟
يرى عبد الجواد أن المقترع ينتخب بناء على ما تطلبه مرجعيته السياسية المستندة إلى التقسيمات الطائفية، ويعود ذلك، حسب رأي عبد الجواد "إلى غياب وعي سياسي مواطنيّ عند الناخب من جهة، وعدم وجود بديل قادر على استقطاب شعبيّ واسع وعلى إحداث تغيير ما.
ويقول الناشف: "تحول الناخب إلى زبون لدى السياسيين، يرتبط الإنسان بزعيمه السياسي الطائفي الذي يتدخل بشؤون حياته كلها ومن ضمنها العملية الانتخابية". ويعتقد الناشف أن ذلك يحدث لأسباب طائفية، عند الانتخابات، يرتفع خطاب: "الطائفة في خطر"، وعليك أن تنتخب وفق ما يقول الزعيم خوفاً على مصالح "الطائفة". ويضيف الناشف: يتحول الناخب عندها، من إنسان حرّ مستقل، إلى أحد رعايا الطوائف، خصوصاً في غياب ثقافة مدنية تتعلق بدور النائب.
ويزيد دندشلي على رأي زميليه: صارت العملية محصورة كثيراً، حتى أضحى الناخب، أن يختار بين "زعيم طائفته" أو… "زعيم طائفته"، صارت الفوارق بين المرشحين قليلة جداً ضمن كل طائفة. ويرجع دندشلي الأسباب إلى الانقسامات الطوائفية الحادة التي يشهدها لبنان، وإلى "موجة دينية صارت هي المحرك الأساس لمصالح الناس، كذلك دفع الناخب لأن يعود إلى مزرعته الضيّقة، لقد ألغي المفهوم الوطني من القاموس، وهذه النزعة الدينية ليست موجة وتمر بل وجدت لها أرضية تعتمد على الانقسامات وتحثّ على تصاعد التعصب من كلّ الاتجاهات.
وعن اللحظة الراهنة، يوضح عبد الجواد: أننا نذهب إلى تقوقع طائفي ومناطقي، لم يعد الناخب ينظر إلى لبنان كوطن متنوع فيه كل الطائفيات، لقد صار ملتصقاً بالطائفة، حتى مصالحه، لقمة عيشه، تعليم أولاده، استشفائه وغيرها، كل هذه الأمور صارت تمر عبر الطائفة وزعاماتها.
ويضيف الناشف: هذا الوضع يؤدّي بنا إلى هاوية لا قعر لها، والنواب لا يقومون بدورهم التشريعي لأنهم يعرفون أن الزعيم يختارهم، وما على الشعب سوى الموافقة، فصار همهم إرضاء الزعيم والتشريع لصالح الزعيم وصار الشعب آخر الاهتمامات.

القوانين الانتخابية
وعن القوانين الانتخابية التي استخدمت منذ اتفاق الطائف عام 1989، يقول الناشف: تم تشريع القوانين الانتخابية وفق مصالح زعماء الطوائف السياسيين ووفق مصالح إقليمية، لم تراع مصالح المواطن اللبناني أو المصلحة الوطنية، اعتمدت على المحاصصة السياسية، وعلى الدور السوري آنذاك. ويعتقد الناشف أن الطبقة السياسية عاجزة عن إنتاج قانون انتخابي، وطني يعبر عن مصالح المواطن.
ويوضح عبد الجواد: أن القوانين الانتخابية كانت وما زالت بخدمة المرجعيات الطائفية، التي وجدت مصالحها في هذه القوانين التي أقرت منذ 1992 وحتى الآن، وهي لا تريد التوصل إلى قانون بديل.
ويتفق الثلاثة على أن الحل بقانون نسبي، ينظر إلى لبنان كدائرة واحدة وخارج القيد الطائفي، ولكن دندشلي يراه "بعيداً جداً"، في حين يعتقد الناشف أن عدم التوصل إليه يعود إلى غياب قوى اجتماعية تطالب وتناضل من أجل إقراره. لذلك يعلق دندشلي على الانتخابات قائلاً: لو حصلت، في ظل الأجواء المتشنجة ستكون انتخابات شكلية وستعيد إنتاج نفس الفئة السياسية الحاكمة.

مشاركة المرأة
يؤكد دندشلي على دور المرأة ترشحاً وانتخاباً: "إن مشاركتها ضرورية، وأنا مع انتخاب أكبر عدد ممكن من النساء، وخصوصاً أن تجربة المرأة اللبنانية في إدارة جمعيات أهلية ومدنية دلّت على دورها المميز. وعندنا الكثير من النساء الناجحات، ولأن المجتمع الذكوري والرجل لا يعطي المرأة حقها فإني أؤيد الكوتا النسائية.
ويؤيد الناشف ترشح المرأة للانتخابات لكنه يستطرد قائلاً: لكن هناك قيود كبيرة على مشاركتهن في التركيبة السياسية القائمة، غياب الوعي عند كثير من المواطنين والتبعية الطائفية وبسبب هذه القيود أرى نفسي غير متحمس للكوتا، لأنها ستأتي لنا بنساء من خارج ميدان النضال النسوي.
ويوافقه عبد الجواد حول مفهوم الكوتا، "كلمة الكوتا لا تخدم قضايا المرأة، ويجب أن يكون حضورها من خلال انغماسها في النضالات المطلبية والسياسية". ويضيف: ولكن لو أقر القانون النسبي فإن اللوائح ستحمل تصوّراً سياسياً متكاملاً وتصير المرأة جزءاً من هذا النسيج السياسي ويصير لمشاركتها معنى ومغزى مختلفاً.

دور الشباب
يعتقد عبد الجواد أن الأفق مسدود أمام الشباب، وخصوصاً أن كثيراً من الشباب منغمس في الرؤية الطائفية وهم جزء من الحزب الطائفي وليسوا من خارج الانقسام الطائفي الموجود، وما نراه من شباب في البرلمان فإنهم أتوا بالوراثة وبالتالي لا يمثلون الشباب أو عبر أحزاب طائفية، فهم أكثر تعصباً.
ويرى الناشف أن سياسة المحاصصة السياسية بجعل من نرشح الشباب من الصعوبة بمكان، وغيابهم عن الساحة يعود لتخلف قوى المجتمع والقوى السياسية فيه. في حين يستبعد دندشلي مشاركة الشباب ويعلق: "بلاها هالمزحة"!
  

السابق
حزب الله يتجه الى تسمية تمام سلام باعتباره شخصية توافقية لا تستفز أحدا
التالي
هل يقاطع تكتل التغيير والاصلاح الاستشارات النيابية؟