حكومة “المجدّرة المصفّاية”؟!

هل يمكن القول ان غداً سيكون يوم "الجمعة السياسية العظيمة"، باعتبار ان الرئيس ميشال سليمان سيجري استشاراته النيابية ليكلف احد سعداء الحظ [او تعسائه] تشكيل الحكومة العتيدة، وخصوصاً بعدما احتاط سلفاً للاهوال والعقد، فتعمّد النزول امس الى مستشفى "المشرق"، حيث اجرى فحوصاً لقلبه ومدى قدرته على تحمّل الغلاظات السياسية والشروط العرقوبية؟
عملياً اذا صدقت الاخبار يفترض ان يكون اليوم "خميس النور" بحيث تتدحرج حجارة الكواليس ليشرق اسم المرشح الجنبلاطي ليلاً من التلفزيون. اما اسم مرشح "المستقبل" السعيد فمن عند سعد، بينما تبقى رؤية هلال مرشح الضاحية والرابية اسيرة غيوم عين التينة التي يتردد انها حبلى بالعواصف، وحبيسة الوحي الهابط في بعقلين… عليم الله!
يحل علينا هذا "الحدث العظيم" وليس هناك شيء من معالم القيامة في البلد المصلوب الذي يقتسم اللصوص و"الأخيار" والسماسرة و"المنقذون" والزنادقة و"المرسلون"، ما تبقى من جبنته وما سيأتي من دولارات نفطه والغاز حتى قبل الوصول الى الآبار… ومن حفر حفرة لأخيه الانسان وقع فيها لكنهم لا يقعون لأن الشعب الواقع فيهم يقع عنهم!
على طريقة "المجدّرة المصفّاية" تجري الامور، فقد تبين امس ان هناك شبه توافق على استبعاد اسماء غير المحايدين من بورصة المرشحين لتشكيل الحكومة، تماماً على طريقة "تنقية" العدس من "الزؤان" إستعداداً لـ "قلية البصل" التي توضع على نار الاستشارات في مطابخ بعبدا.
في غضون ذلك يمكن الجزم ان الاتفاق على اسم رئيس الحكومة العتيد سيفتح الابواب على عقد وشروط تعجيزية اين منها عقد عملية التكليف، وخصوصاً ان الحكومة الجديدة قد لا تكون غيمة صيف وتنقضي بل قد تحكم سعيداً وربما طويلاً ما دام الخلاف قائماً على قانون الانتخاب، ولهذا فهناك جبل من الخلافات المتأججة سلفاً منذ الآن على الحقائب. أوَلم يقل وليد جنبلاط مثلاً انه يشترط ألا تذهب وزارة الاتصالات من جديد الى نقولا صحناوي ووزارة الطاقة والنفط الى جبران باسيل؟
عجيبة الاتفاق على التكليف إن حصلت لن تنهي عقدة الخلاف على التأليف، وعجائب الاتفاق على التأليف ان حصلت بعد طول أعمار "القارئين"، لن تحل عقد الخلاف على قانون الانتخاب ما دام الجميع يريدونه بما يتوافق مع هندستهم الرقمية [ ديجيتال] المسبقة للنتائج، ولأننا لا نزال في اجواء الفصح اقول انهم يريدونه على طريقة بيض العيد المسلوق "للمفاقسة" او الصيصان الملونة يبيعها العمال السوريون في الشوارع للاطفال!
وسط كل هذا يواصل مروان شربل تحديد المهل الملائمة وتوجيه الانذارات بأن الوقت لم يعد يتسع لترتيب الانتخابات في موعدها وبأن القلب لم يعد يحتمل… لكن لبنان يبقى طويلاً في المغارة ينتظر القيامة البعيدة!

السابق
الإله يرقص أيضاً
التالي
مشاورات واسعة وتوافق مفاجئ يخرق الخلافات قبيل الإستشارات