الغرب غضب.. السعودية عادت… جنبلاط إلتقط

الجمعة 5 نيسان 2013
عندما سارعت السفيرة الاميركية الى قصر بعبدا برفقة سفراء الدول الكبرى وممثل الامم المتحدة، للتحذير من استقالة الحكومة إثر اغتيال اللواء وسام الحسن الصيف المنصرم، كانت الرسالة الدولية واضحة ان الحكومة يجب ان تستمر في ممارسة مهامها الدستورية كاملة، مع التشديد على سياسة النأي بالنفس اللبنانية عن الاحداث في سورية. موقف بدا صادما لكثيرين في ظل تعاظم حالة الاعتراض على بقائها من قبل قوى 14 آذار عموما، وعلى مستوى الطائفة السنية بشكل محدد وخاص.
لم يتكرر المشهد عشية استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. الموقف الدولي بدا غير مبال بسقوط الحكومة، ان لم يكن داعما لفكرة استقالتها، كما يؤكد اكثر من مراقب نقلا عن دبلوماسيين غربيين. اما المملكة العربية السعودية، التي لم تفتح ابوابها للرئيس ميقاتي طيلة الفترة التي تولى فيها رئاسة الحكومة، لم تسع لاستقالته ايضا، لكنها شجعت على هذه الاستقالة اخيرا واستجاب ميقاتي وشكل رفض التمديد للواء اشرف ريفي على رأس المديرية العامة لقوى الامن الداخلي القشة التي قسمت ظهر الحكومة.
ليست قضية اللواء ريفي هي لب مسببات الاستقالة. فوزير الخارجية اللبناني عدنان منصور كان أشدّ وطأة على الرئيس ميقاتي من قضية ريفي. تحديدا في السلوك السياسي الذي اعتمده على صعيد التعبير عن السياسة الخارجية اللبنانية. وهو سلوك برز الاعتراض عليه من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة في اكثر من مناسبة، سواء في ردود فعله حيال الاعتداءات السورية على الاراضي اللبنانية، أو في التعبير عن موقف لبنان الرسمي في المحافل العربية والدولية بما يتعارض مع سياسة النأي بالنفس. وآخر شطحاته كانت مطالبته في قمة الدوحة الاخيرة بعدم منح مقعد سورية في جامعة الدول العربية الى المعارضة السورية، ومارافق ذلك من سلوك اظهر موقفا متباينا وغير منسجم مع الرئيسين سليمان وميقاتي وموقف النأي بالنفس.
كان يمكن ان يتم تجاوز هذا السلوك لوزير الخارجية، وان يجري ضبطه عبر الرئاستين. لكن موقف حزب الله، الذي اندفع الى تأييد وتبني مواقف وسلوك وزير الخارجية، اعتبر اعلانا واضحا من قبل الحزب في سبيل تقويض سياسة النأي بالنفس واعلان الانخراط في تأييد النظام السوري. تحديدا عبر الحكومة اللبنانية هذه المرة بعدما ثبت انخراطه العسكري في الاحداث السورية.
المتغير النوعي الذي سبب استقالة حكومة الرئيس ميقاتي فتّش عنه غب الحرب السورية وتجاوز سياسة النأي بالنفس. تلك التي بدأ حزب الله باعتمادها وعجز الرئيس ميقاتي عن لجم التجاوز هذا وضبطه. الى حدّ فقد الميزة التي كانت تبرر بقاء حكومته بنظر الدول الكبرى. لكنّ مصادر دبلوماسية غربية كانت، قبل استقالة الحكومة بأسابيع، بدأت تعبر عن اهتزاز ثقتها بحكومة الرئيس ميقاتي، خصوصا في مدى قدرتها على ضبط دور حزب الله الخارجي. فنتائج التحقيقات في تفجير بلغاريا الشهير قد اظهرت تورط حزب الله، وما فاقم ردود الفعل الدولية حيال هذه النتائج ايضا كشف تورط حزب الله في مراقبة سائحين اسرائيليين بقبرص. الدبلوماسيون الغربيون يضيفون الى انخراط حزب الله العسكري في سورية هذين الاتهامين، ليخلصوا الى ان حزب الله يعيد تنشيط عملياته الامنية الخارجية بعدما كان التزم منذ منتصف عقد التسعينيات بوقفها وركز نشاطه ضمن الحدود اللبنانية، او في عمليات على الحدود مع اسرائيل.
النائب وليد جنبلاط الذي لمس التحول الدولي والعربي. وهو يدرك ان حدوده لا تتيح الذهاب بعيدا في خياراته. ولمس أنّ خيار تمام سلام كان اكثر ما يمكن ان يقدم اليه من قبل قوى 14 آذار. خيار فتح له نافذة سعودية يحرص على الا يغلقها هذه المرة. لكنّه، كما كان دعم وعمل على تأليف الرئيس ميقاتي حكومة وحدة وطنية قبل سنتين، سينهمك هذه المرة في إنتاجها على هذا المستوى. حكومة معيار تشكلها اعادة ترميم مالايبدو قابلا للترميم اي "النأي بالنفس".

السابق
الشهال التقى شيخ عشيرة آل جعفر
التالي
تمام سلام في طريقه إلى رئاسة الحكومة بموافقة معظم الاطراف