هو نيسان.. وكفى!

لم يكن ينقص لبنان سوى تحذير اميركي متقن التحديث في الجزئيات والتفاصيل المتعلقة خصوصا بممارسات الخطف المتنوعة الخلفيات ، في الاول من نيسان تحديدا. وما ادراك ما نيسان في الذاكرة الحربية اللبنانية اصلا وفي ما تراكم عليها حديثا على الخلفية السورية الطارئة منذ سنتين؟
"يصادف" ان يعلن المرصد السوري المعارض آذار الفائت الشهر الاكثر دموية منذ اندلاع الثورة السورية على النظام قبل سنتين عشية الذكرى الـ32 للحصار السوري لزحلة والاشرفية ودك المعقلين المسيحيين بقصف مدمر عد من الواقعات "التاريخية" في المجازر التي ارتكبتها القوات السورية ضد معارضيها ومقاوميها اللبنانيين آنذاك.
حلت الذكرى بالامس على وقع تداخل مذهل ومخيف بين رمزيات نيسان اللبناني ونيسان السوري ، بما لا يمكن معه تجاهل اثر هذا التداخل في اثارة الاضطراب اللبناني وتعميمه واتساعه. ذروة المفارقات في هذه الذكرى ان يثبت النظام السوري استحالة تغيير الطغاة الا بالكلفة الخيالية بشرا وحجرا وعمرانا لاقتلاعه واسقاطه بالثورة لان طبائعه فطرت على تدمير المدائن والمجازر والقمع الشمولي. واذا كانت كلفة آذار فاقت الستة آلاف ضحية فكم ستبلغ في نيسان وما يليه على مشارف معركة دمشق الحاسمة؟
اما مفارقاتنا اللبنانية ، وان كانت الازمة السياسية الخانقة تحجب الكثير من عريها ، فتثير بدورها قدرا كبيرا من الترهيب والتخويف لا للرعايا الاجانب والعرب فحسب بل "للرعايا" اللبنانيين بالدرجة الاولى. ترانا منذ اسابيع امام عودة ظاهرة الخطف الجاهلية الغرائزية التي تتلون مرة بطابع عشائري ومرة اخرى بلون مذهبي ومرة ثالثة بلون عنصري. وآخر تقليعات هذه الظاهرة خطف على الهويتين السورية والمذهبية. ومع "دولة عالقة" ومؤسسات سياسية وامنية قيد التحويل تدريجا "مؤسسات بالوكالة" الواحدة تلو الاخرى ، ترانا لا نبالغ في تحذير انفسنا من استباحة البقاع والشمال بالدرجة الاولى ولبنان بأسره تاليا استباحة شاملة امام هذا الذعر الوافد مع "اعمال" الخطف التي تنفث سموم الفتنة ومشتقاتها في كل لحظة. كيف لا ونيساننا حمّال شجون وكوابيس على مشارف ذكرى 13 نيسان 1975 التي وان كانت شرارة الحرب الخارجية على لبنان فانها لم تبلغ ذروة تفجرها الا مع الخطف على الهوية الطائفية الذي اشعل الحرب الاهلية سحابة 15 عاما.
وما دام الشيء بالشيء يذكر ، ترانا امام كوابيس من نوع آخر لا نتمالك عن الجهر بها امام ازمة الافلاس السياسي في مواجهة الاستحقاقات الدستورية المتزاحمة. فهل هي مجرد مصادفة ان يسابق التفلت الامني ملامح فكفكة الدولة والنظام التي تنذر بها الازمة الحكومية – الانتخابية المتلازمة العناصر والمسببات؟ أوَلَمْ يبدأ نيسان اللبناني المشؤوم عام 1975 بتعطيل الدولة آنذاك ولو بطرائق مختلفة و" محدثة "؟

السابق
مؤتمر دولي وفقاً لبيان بعبدا
التالي
تستورد نساء أوروبيات للزواج