الخوف من الوسطيين

موضة الخطف لم تعد تثير الاستهجان. في عرسال والهرمل كما في وادي خالد والكثير من المناطق اللبنانية. حال الفوضى والانفلات الأمني ليست مستغربة في ظل واقع سياسي أقل ما يُقال فيه أنّه مُحبط، حيرة في تقديم طلبات الترشيح إلى الانتخابات وفق القانون الموجود. حيرة لدى كل الأفرقاء السياسيين حول من سيُسمّوا في الاستشارات النيابية في 5 و6 نيسان الحالي. حيرة في طبيعة الحكومة المقبلة. حيرة في الأساس، في جدية قيام حكومة جديدة، أو حصول الانتخابات النيابية.

في ملف الانتخابات، والاستشارات، الصورة ستتضح حكماً في اليومين المقبلين. ما هو متوافر إلى الآن، أن كل فريق يجهّز عدّة الزحف إلى بعبدا باسم "مغرٍ"، و"مضمون". فلا 8 آذار تريد أن تخسر أكثر مما خسرته باستقالة حكومة نجيب ميقاتي، ولا 14 آذار تريد العودة إلى ما يُشبه التركيبة الماضية، بل ستحاول قدر الإمكان اللعب على تحسين موقعها، فيما يبدو أن الوسطيين، وحدهم من يقرّر ترجيح الكفّة أو إطالة أمد الاستشارات إلى أجل غير مسمّى.

وفد "المستقبل" الذي رأسه فؤاد السنيورة إلى الرياض للّقاء الرئيس سعد الحريري، لم يعد بإسم مُحدد ستعتمده كتلته في الاستشارات، مع 14 آذار الذين تركوا للحريري تسمية المرشح وهم سيمشون معه. المعلومات عن لقاء الرياض تؤكد أن الوصول إلى اسم مرشح سيكون في اليومين المقبلين، الأربعاء كحد أقصى. مصادر "المستقبل" تشير إلى أن "الاجتماع خلص إلى اتفاق على إكمال المسار الذي رسمته قوى 14 آذار في اجتماع بيت الوسط الأخير، من حيث الاتفاق على طبيعة المرحلة، التي أصبح الثابت الأهمّ فيها أن هذه القوى لن تكون إلّا مع حكومة حيادية تدير العملية الانتخابية ولا يكون رئيسها مرشحاً لخوض الاستحقاق".

وفي انتظار ما سيخرج عن اجتماع "الكتلة" الأسبوعي، وما سيتوصل إليه "اجتماع 14 آذار الموسع الذي سيعقد في الساعات المقبلة (والمرجح أن يكون بعد اجتماع كتلة "المستقبل") لاستكمال النقاش على ضوء تطورات الرياض"، تقول المصادر. يظهر أن الأسماء المتداولة في الرياض ليست بعيدة عمّا هو معروف في بيروت. لكنّ، حتى ضمن الفريق الواحد هناك من هو مع ومن هو ضد. من دون الغوص في التفاصيل، تقول مصادر مواكبة للاتصالات: خالد قباني جيد ولكنّه ليس لموقع رئيس حكومة حيادية في هذه الظروف الدقيقة، عدنان قصار عليه اعتراضات في بيروت كما في الرياض. تمام أو نواف سلام؟ تجيب المصادر: كفّتهما أرجح من كفّة قباني. كذلك الأمر بالنسبة إلى مروان غندور، تقول المصادر: رجل اقتصادي رصين وله مكانته.

وفي انتظار عودة وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور من الرياض، حيث يلتقي بعض المسؤولين هناك والرئيس الحريري للتشاور في ما خص الاستشارات. قرر النائب وليد جنبلاط أن يُقدم طلبات ترشيحه وكتلة "جبهة النضال" بين الثلاثاء والأربعاء، إذ تقول مصادر "التقدمي" إن "الترشح هو للتأكيد على أن لا سبب يدعو إلى تأجيل الانتخابات. هناك قانون موجود فليتفضلوا جميعاً لخوضها، طالما أن لا اتفاق على قانون جديد، إلّا إذا كان هناك من يشتري الوقت من أجل تطيير الاستحقاق".

على ضفة 8 آذار، وحده الحذر سيّد الموقف. حذر ليس فقط من جنبلاط، بل أيضاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومنهما إلى الرئيس المستقيل نجيب ميقاتي. مصادر 8 آذار تقول: هذا الثلاثي يملك اليوم زمام المبادرة، ولا نعرف ما يخبئه. وهم جميعهم لا يمانعون أن تجري الانتخابات على قانون الستين وهذا ما لن نرضى به. تضيف: أمّا في موضوع الاستشارات فنحن نجوجل الأسماء وإن كان ميقاتي خارج حساباتنا، فإن الأسماء المتبقية والتي هي أمامنا لن تكون مستفزّة. أي أنّها لن تكون من صقور المعارضين للحريري وتيار المستقبل. محمد الصفدي؟ من ضمن الأسماء المطروحة.

بعيداً عن الوضع الانتخابي، عادت وادي خالد إلى الواجهة مع عملية الخطف التي أقدمت عليها عائلة المخطوف أحمد حسين الفهيد، الذي خطفته قوات النظام السوري من حوالي الثمانية أشهر، تقول مصادر ميدانية، وتضيف: المخطوف لا علاقة له بما يحصل في سوريا، بل بقصد طلب فدية مالية لأن عمّ أحمد حسين رجل أعمال كبير، ولكن لم يعرف أي شيء عنه منذ أن اختُطف.

عملية الخطف التي طالت ثمانية سوريين من منطقة الزهراء في حمص، وجميعهم من الطائفة العلوية، تقول المصادر أنها "أتت انتقاماً من خاطفي أحمد حسين، ولكي يعرف أهله مصيره". وبالرغم من دخول الجيش اللبناني إلى المنطقة في محاولة لتحرير ركاب الفان، فإن المصادر نفسها "تستبعد أن يستطيع الجيش تحريرهم لأن أحدا لا يعلم أين أصبحوا".

السابق
أين دافعت إيران عن الأسد
التالي
الجيولوجيا التي تعصف بالأوطان العربيّة