برّي: “وجعتولي راسي”

بدأت مواقف الأفرقاء السياسيين تتضح أكثر فأكثر. الموقف من الاستشارات وشكل الحكومة الموعودة. الموقف من قانون الانتخاب في الجلسة العامة المؤجلة في الوقت الحالي. هذا الوضوح لا يعني إطلاقاً أن حلولاً تلوح في الأفق. على العكس، ليس بين المواقف ما هو موحد أو يشي بتلاقٍ بين المختلفين. الجديد، نأي رئيس مجلس النواب نبيه بري، بل نفض يديه من السعي إلى توافق انتخابي.

بعد استقالة الرئيس نجيب ميقاتي، طرح رئيس حزب "القوات" سمير جعجع على الرئيس سعد الحريري الاتصال ببري والحوار معه على قانون انتخابي انطلاقاً من الـ 50 ـ 50. وجهة نظر جعجع أنّ البدء بالمفاوضات من طرح بري سيفضي إلى تعديلات ترضي الجميع. الحريري غير مقتنع بقانون بري، لكنّه أجرى الاتصال، على أساس أن يذهب وفد من نواب "المستقبل" (ينتدبهم الحريري)، للقاء رئيس مجلس النواب للحديث عن القانون وعما يُمكن فعله بهذا الشأن. إلى اليوم برّي لم يعط النواب موعداً!

وجهة نظر جعجع، سمعها الحريري أيضاً من النائب وليد جنبلاط. أخيراً، اتفق الرجلان، جنبلاط وجعجع، على مشترك ما، ولكن من بعيد. كل هذا لم يغيّر أي شيء لدى بري. فرئيس المجلس، بكل بساطة وفي توقيت صعب وأجواء معقدة، مصرّ على سحب قانونه من التداول. موقفه منذ حوالي الشهر، قبل كل أخبار وضغط استقالة ميقاتي، لم يكن مزحة، أو مناورة تنتهي سريعاً. لعلّها مناورة صحيح، ولكن لا أحد يعلم كيف تنتهي ومتى ينهيها صاحبها، وقبل كل ذلك كيف سيستثمرها ربحاً.

ولكن، لماذا يرفض برّي لقاء وفد الحريري؟

"المستقبل" يرد الأمر إلى ضغط من الحلفاء. بنظرهم، "حزب الله" والنائب ميشال عون لا يريدان أي توافق على قانون انتخابي، ولهذا يضغطان على رئيس مجلس النواب لعقد جلسة عامة يكون بندها الأوّل القانون الأرثوذكسي. هم، وبحسب مصادر قيادية في "المستقبل"، يريدون التصويت على قانون الفرزلي لتأكيد تطيير الاستحقاق النيابي وفرض التمديد، بعيداً عن التأجيل التقني الذي أصبح واقعاً.

أكثر من ذلك، أبلغ الرئيس بري من التقاهم سابقاً من نواب "المستقبل"، أنّه لن يدخل في أي تفاوض له علاقة بقانون الانتخاب. الـ"50 ـ 50 جابتلي وجع راس، اتفقوا على قانون وتعالوا" قال بري، ورمى الكرة بعيداً عنه، كما فعل في روما مع البطريرك بشارة الراعي. وهو يعلم جيداً، تقول مصادر مطلعة، أن لا إمكانية للاتفاق بين جميع الأفرقاء. بالتالي، تقرأ: لا انتخابات في المدى المنظور كما هو الحال بالنسبة للحكومة المنتظر أن تبدأ استشارات تسمية رئيسها المكلف في الخامس من نيسان المقبل.

يبقى في موضوع التوافق على قانون انتخابي، معادلة محيّرة وصل إليها كل من "المستقبل" و"القوات" و"التقدمي". الأوّل اتفق مع الثاني على كل بنود القانون. والأوّل اتفق أيضاً مع الثالث على كل البنود. لكنّ الثاني لم يتفق مع الثالث على كل بنود المشروع المختلط!، معادلة يصعب فهمها ولكنها موجودة فعلاً. هناك موضوع المحافظات، التي أيضاً لا يتفق فيها الأوّل والثالث مع الثاني!

على أي حال، وبعيداً عن قانون الانتخاب الذي يبقى مرتبطاً بشكل الحكومة، يغادر الرئيس فؤاد السنيورة مع الوزير السابق محمد شطح إلى الرياض في الساعات المقبلة للقاء الحريري. عنوان الزيارة التفاهم على عناوين المرحلة، وعلى رأس الأولويات الاسم الذي ستعتمده 14 آذار في الاستشارات النيابية. تقول المصادر: ليس من أسماء مطروحة إلى الآن، وكل ما يحكى هو مجرد اجتهادات فردية. حتى الزيارة قد لا تؤدي إلى اتفاق فعلي على اسم محدد. ثابت وحيد أن العودة إلى ميقاتي مستحيلة، هذا ما أبلغه الحريري لمن هم حوله، ولجنبلاط أيضاً.

حلفاء تيار المستقبل تركوا له تسمية مرشحه للحكومة، بغض النظر عن الإسم هم سيكونوا داعمين بشكل مطلق. لكنّ، تريّث "المستقبل" في كل شيء يؤشر إلى ما هو مُختلف، أو يوحي بقناعة ضمنية بأن لا حكومة قريبة ولا انتخابات. يبقى الوضع على ما هو عليه، إلى أن تأتي من خلف الحدود، الإشارة.

السابق
مسرح الدمى في الدوحة
التالي
دور الحكومة ليس بناء المساكن