استقالة الحكومة تفتح باب التسويات


تقول مصادر اسلامية مطلعة ان استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد تفتح الباب امام تسويات سياسية ليس على مستوى لبنان فقط بل على صعيد المنطقة، لان هذه الاستقالة تستجيب لمطلب عدد من الدول العربية والاقليمية، «وقد تمّهد، في حال الاتفاق على مرشح بديل لرئاسة الحكومة للانطلاق في معالجة بعض المشكلات التي تعاني منها دول اخرى كسوريا والعراق والبحرين».
وتوضح المصادر انه في ظل الخوف السائد لدى القيادات الاسلامية والعربية من اندلاع فتنة مذهبية كبرى، تحركت قيادات اسلامية من اجل البحث عن افاق جديدة للحوار والحلول السياسية قبل ان تشتعل النار في كل المنطقة بعد ان تفاقمت التفجيرات وعمليات القتل والاغتيالات وطالت العلماء والمساجد والمواطنين الآمنين ولاسيما في سوريا والعراق.
ففي لبنان، ينشط عدد من العلماء والقوى والشخصيات الاسلامية على خط محاولة التخفيف من اجواء الاثارة المذهبية وحدة الخطاب المذهبي، وتصب في هذا المجال، الجهود التي يبذلها العلامة السيد علي فضل الله في اتجاه «الجماعة الاسلامية» ومؤسسة الازهر الشريف ومؤسسات علمائية اسلامية، حيث يتم البحث في امكان اطلاق مبادرات حوارية جديدة والقيام بنشاطات وحدوية لا تقتصر على الجانب الاعلامي او النخبوي بل تشمل الاوساط الشعبية.
وفي موازة ذلك، يتحرك «اللقاء السلفي» برئاسة الشيخ صفوان الزعبي في مختلف المناطق اللبنانية، وهو عقد سلسلة لقاءات في الضاحية الجنوبية مع قيادات علمائية ومجموعة من المثقفين الاسلاميين لتوضيح مواقف السلفيين من التكفير ورفض عمليات القتل والاغتيالات التي تنفذها المجموعات التكفيرية. كما ان اللقاء الذي جرى بين وفد من حركة «حماس» و«هيئة العلماء المسلمين» في الاسبوع الماضي تركز على التعاون لمواجهة الاجواء المذهبية والتخفيف من حدة الخطابات التحريضية والعمل لاطلاق مبادرات عملية في هذا الاتجاه.
واما على الصعيد العراقي، فيتم التحرك في اتجاهين، الاول على الصعيد السياسي من خلال ابعاد الجانب المذهبي عن التحركات المعارضة لحكومة نوري المالكي واشتراك قوى عراقية شيعية ولاسيما التيار الصدري مع القوى السنية في التحركات الشعبية لمعالجة الازمة السياسية.
وهناك حراك اخر على المستوى الديني، يتجاوز العراق، ويتمثل في عقد سلسلة لقاءات علمائية سنية شيعية في اطار التحضير لمؤتمر حواري اسلامي ـ اسلامي في اخر شهر نيسان المقبل في العراق بالتعاون بين رئاستي الجمهورية والحكومة بهدف تنفيس الاحتقان المذهبي. وقد قامت وفود علمائية سنية وشيعية بزيارة لبنان ومصر ودول اخرى، ووجهت دعوات للمشاركة في المؤتمر والتقت عددا من علماء الازهر الشريف حيث جرى البحث في كيفية مواجهة الفتنة المذهبية ووضع حد لعمليات الاغتيال والقتل والتكفير.
على صعيد اخر، جرت في الاسبوعين الماضيين لقاءات مكثفة بين وفود عربية واسلامية وقيادة «حركة النهضة التونسية» ولا سيما الشيخ راشد الغنوشي من جل البحث في الاوضاع العربية والاسلامية وكيفية تفعيل التواصل بين مختلف القوى الاسلامية ولاسيما بين «حزب الله» وايران من جهة و«الاخوان المسلمين» من جهة اخرى.
وفي هذا الاطار، تؤكد المصادر الاسلامية ان العلاقة بين «حزب الله» و«الاخوان المسلمين» ولا سيما قيادة «الاخوان» في مصر قد حققت اختراقات ايجابية برغم استمرار الخلاف حول الموقف من الأزمة السورية، واعتبرت ان زيارة المستشار الاعلامي لمرشد «الاخوان» وليد شلبي الى لبنان وما لقيه من اهتمام من قبل مؤسسات الحزب الاعلامية والفكرية شكلت خطوة مهمة للمضي قدما في خيار الحوار بين الجانبين، كما ان العلاقة بين «الاخوان» وايران حققت بعض التقدم وهناك لقاءات وحوارات ايجابية تتناول مختلف التطورات.
وتؤكد المصادر الاسلامية ان الاجواء في لبنان والمنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات وأن السباق بين الفتنة الكبرى من جهة والجهود لمواجهة الفتنة من جهة اخرى مستمرة، وان استقالة الرئيس نجيب ميقاتي قد تفتح الباب امام التسوية في لبنان وتدفع دول الخليج للتخفيف من الضغوط السياسية والاقتصادية على لبنان خصوصا ان الاجواء القريبة من «حزب الله» تؤكد حرصه على الاستقرار والبحث عن تسوية للوضع الداخلي كما أن الأجواء السعودية التي تلقتها قيادات اسلامية لبنانية عدة تؤشر الى سعي حثيث لحماية الواقع السني الشيعي في لبنان.
وتختم المصادر بالقول ان طريقة تعامل جميع القيادات السياسية والروحية مع قضية الاعتداء على المشايخ بينت أن لا أحد في لبنان يرغب بتفجير الوضع والذهاب الى الفوضى، وانه عندما تبلغ الأمور شفير الهاوية يتراجع الجميع الى الوراء

السابق
وجوه جديدة..خطاب قديم
التالي
حياد الاردن الصعب في الازمة السورية