داخل 14 آذار قلق من إطالة الفراغ

أسقط رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي حكومة محور الممانعة بامتداداته على حدّ قول مصادر في المعارضة باعلانه عن استقالته من السراي والتي تبعها بتقديمها خطيا الى رئىس الجمهورية العماد ميشال سليمان في زيارته مؤخراً الى قصر بعبدا، في خطوة تعكس مباشرة مدى فشل قوى 8 آذار في قدرتها على ادارة البلاد على قاعدة تجاوز حسابات ومشاعر ومصالح غير قوى في البلاد..
وقد وصل الرئىس ميقاتي في مواقفه «الهلامية» سابقاً الى اعلان استقالة حكومته، لقناعة على حد ما ينقل عنه، بأنه قدم لقوى 8 آذار تضحيات وحماية لها، تفوق اكثر مما قدمته له في ايصاله الى السراي الحكومي، والى ذلك، قد وجد ميقاتي بأنه بين نارين او جبهتين يتوزعان بين تحالف المجتمع الدولي وكل من السعودية القادرة على تأمين الغطاء المطلوب لكل رئيس حكومة وبين جبهة محلية مكوناتها ابناء الطائفة السنية وطرابلس بنوع خاص، اذ وصل الى حد سيخسر المحورين معاً اكثر مما تكبد من خسارة حتى حينه، فكيف سيكون عليه الواقع تقول المصادر نفسها في حال لم يستطع ان يبقي مدير عام قوى الامن الداخلي في مركزه لحماية مؤسسة قوى الامن الداخلي التي تلقى باهتمام كل من واشنطن، باريس، لندن وبرلين، عدا عن بعض عواصم دول الخليج العربي، نظراً للدور الذي هي عليه هذه المؤسسة وشعبة المعلومات التابعة لها والتي تمكنت من احراز انجازات في مجالي مساعدة محققي المحكمة الدولية وكشف عملاء اسرائىل ومواجهة المتطرفين والاسلاميين والارهابيين، اسوة بجانب من الذي تحققه المؤسسة العسكرية بقيادة العماد جان قهوجي، الذي ايضا ثمة حاجة دولية لبقائه في هذه المرحلة، اسوة باللواء ريفي نظراً لدقة الملف الامني بجانبيه اللبناني والخارجي. لذلك، كان على ميقاتي اضافة الى ألغام القانون الانتخابي ان يجد في الاستقالة الحل المناسب.. لا سيما ان يردد على ما ينقل عنه، «بأنه لا يستطيع تحمل اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن واقصاء اللواء ريفي في هذا الظرف..»
لكن استناداً الى ما واجه الحكومة المستقيلة من تحديات اقتصادية، امنية وازمة قانون انتخاب تعكس متكاملة مدى فشل قوى الممانعة في ادارة البلاد، في موازاة تبادل الاتهامات داخل قواها المتحالفة حول الصفقات والفساد والهدر، فان قاعدة تسمية رئىس للحكومة من خلال الاستشارات النيابية الموزعة على مرحلتي التكليف ومن ثم التشكيل، باتتا يفرضان التوقف مطولاً امام كيفية اختيار نوعية الرئيس والوزراء، بعد الذي تبين من المصير الذي اصاب حكومة الرئىس المستقيل ميقاتي.
اذ في الجانب الداخلي تقول مصادر رسمية لم يعد من الممكن وصول رئيس للحكومة يشكل تحدياً، لأي فريق داخلي، بعد الذي بدا من اعتماد الواقع هذا في هذه التركيبة، كما بات من الضروري الى جانب حيازته باجماع القوى السياسية – النيابية التي ما تتمثل في الحكومة او تطلق يد رئىس الجمهورية والرئيس المكلف في تشكيل «حيادية» او «انقاذية» او «انتخابية» من اجل ادارة المرحلة المقبلة، متخذة من اعلان بعبدا اساسا لدورها السياسي حتى انتهاء دورها بعد اجراء الانتخابات النيابية بعد التفاهم المسبق بين القوى على نوعية قانون الانتخاب.
ولأن دور الرئيس سليمان توسع في السنوات الاخيرة عما كان عليه في ولاية عهده على حد ما تقول اوساط وسطية فإن حصته الوزارية مفترض ان تكون اوسع مما كانت عليه في السابق اي الحكومة الحالية لكي تخضع الوزارات السيادية او الحساسة اسوة بوزارة العدل لاشرافه مباشرة عليها من خلال وزير مقرب اليه بعد ان بدا النجاح واضحا في اداء وزير الداخلية العميد مروان شربل لناحية مقاربة الملفات الامنية والحساسة مباشرة على غرار ملفي طرابلس والشيخ احمد الاسير لكون حقه كرئىس الجمهورية في حال ضمت الحكومة قوى 8 و14 آذار بات من المفروض تعزيز «الفاصلة» بينهما على غرار ما ستكون عليه الكتلة الوزارية لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط لأن كل من سليمان وجنبلاط وقبيل انجلاء الرئيس المرتقب للحكومة المقبلة يشددان باستمرار على ضرورة اعطاء الملف الامني حيزا واسعا من الاهتمام المقرون بغطاء سياسي.
واذا كان من الضروري بحسب الاوساط الرسمية ان يكون الرئيس الجديد للحكومة قادر على اعادة الجسور السياسية مع دول الخليج العربي وفي مقدمها السعودية كمقدمة لفك العزلة الاقتصادية عن لبنان الناتجة عن تحفظات لها صلة بالموقف من حكومة ميقاتي وعلى ان يؤكد بيانها على التزامها بالقرارات الدولية والتزام لبنان بثوابت المجتمع الدولي ومجلس الامن…
الا ان داخل قوى 14 آذار وفصائلها من ينظر بقلق الى المرحلة المقبلة على انها قد لا تكون توطئة نحو محطة جديدة تدفع قوى 8 آذار لاعادة حساباتها وممارساتها التي دفعت بميقاتي لتقديم استقالته ولا هي تجد بأنه في الامكان ان تتنقل البلاد الى حقبة اكثر ارتياحا بل هي تجد بأن «حزب الله» سيعرقل تشكيل الحكومة وايصال مجلس النواب الى الفراغ، وكذلك كل المؤسسات الامنية والعسكرية من اجل دفع القوى كافة الى «عقد اجتماعي – سياسي» جديد على حساب الطائف وتوازناته قد لا تخرج منه البلاد الا من خلال التفاهم على صيغته المثالثة التي لطالما سعى اليها «حزب الله» من خلال ابواب عدة.

السابق
تعميم دبلوماسي أمريكي : نعم للحوار مع الأسد
التالي
حزب الله: فليرتح ميقاتي