الطفولة تتعذب في عيترون.. ومن منكم بلا رحمة فلا يربي طفلاً

إن أخر الدواء الكي، لم تكن الكتابة عن الطفلة "فاطمة" واردة إلا بعد أن تيقنت أن احداً لم يتحرك بالشكل المطلوب، أو أن أحدا لن يتحرك الا بعد فوات الاوان. فما كان لنا الا أن نجعل من هذه الطفولة المعذبة قضية رأي عام علّنا نساهم في إنهاء مأساة طفلة لم تعرف طعم الطفولة الا نادراً.

هناك في الجنوب.. طفولة تتعذب، الطفولة المختصرة في زمان ما ومكان ما مغتصبة، مهددة، معذبة، مدفوعة الى التشويه والإنحراف، من المسؤول؟ ومتى تتحرك أجهزة الدولة؟
هي الطفلة " فاطمة" البالغة من العمر 16 عاماً من بلدة عيترون الجنوبية، هذا الجنوب الذي عانى أطفاله شر الإحتلال وحروب العدو الصهيوني، لم يترك الشر الطفلة تسلم أيضا من شر أبيها وزوجته المعدومين مادياً أيضاً، بحسب الأخبار الواردة من هناك، فإن الطفلة في حالة نفسية سيئة للغاية، تمضي وقتها بين الحبس في الحمام الى الضرب على أنواعه بين الحين والاخر، وكأنها خلقت لتسالي الاب وزوجته.

"فاطمة" تدفع ثمن طلاق أبويها، فبعدما رفضت أمها إحتضانها بعد الطلاق تكفّل الأب بها، لكن على طريقته الخاصة للأسف. بينما التقارير تتوالى من هنا وهناك عن عذاب فاطمة، الا أن قضيتها عالقة بين موظفي الدولة العقيمة. لا نظام ولا خطوات عملية من الدولة المصونة تساعد في إنهاء عذاب الطفولة. كل واحد فيهم يرمي المسؤولية على الاخر من المراكز الإجتماعية الى مراكز حماية الاحداث، بحجة ان المشكلة ليست خطيرة الى تلك الدرجة التي تستدعينا الى التحرك بسرعة.

المشكلة، ان الجميع لا يتحرك الا بعد فوات الاوان، ولا يحرك ساكنا الا للندب وتحميل المسؤوليات التي سرعان ما يُنسى حاملينها ويذهب كل منهم في طريقه لأن والدها دائما على حق، ولا يحق لاحد التدخل بتصرفاته مع اولاده، مهما وصلت حدود جرمه واساءته لاولاده. من المؤكد ان الطفلة ستترك الى طريقها المحتوم .. الى قبرها إما من آثار التعذيب أو عن طريق الإنتحار. غداً حين تصبح أخبارها المتشحة بالسواد على شاشات التلفزة سيبكيها الجميع بمن فيهم موظفين الدولة المسؤولين، سيتناسون أنهم تقاذفوا ملفها وأهملوه قبل أن تموت.
لنتخيل ماذا يحدث مع الطفلة فاطمة الآن، ماذا يدور في رأسها من أسئلة، عن تلك الحياة التي تعيشها بين جدران اربعة صغيرة، مع صوت بكائها نتيجة الضرب المبرح والسجن المتكرر لها.
لعيون هذه الطفلة أسئلة عديدة فأين فسحة الأمل التي يتحدثون عنها في المسلسلات؟ ولما لا أعطى هذه الفسحة؟ أبي من قتل فيك الرحمة ؟ أمي من نزع من أحشائك الشفقة ؟ أهلي من زرع فيكم الإهمال بحقي؟

أسئلة خالية من الطفولة التي نعرفها، دموع لا تكف عن سرد قصة عذاب هذه الطفولة للعالم.
طفولة من نوع أخر، معذبه من عيترون الجنوب، عيترون الصمود والتحدي التي تستمد فاطمة منها قوتها الى اليوم، ولكن من يدري الى متى يمكنها ان تتحمل هذه المأساة …؟

السابق
حزب الله أمام الخيار النهائي: “اللبننة” أو الانتحار
التالي
طوق إسرائيلي في عيد الفصح اليهودي