النهار: استقالة ميقاتي صدمة إيجابية أم أزمة مضافة نحو التمديد

النهار: استقالة ميقاتي صدمة إيجابية أم أزمة مضافة نحو التمديد؟ فريق 8 آذار يضحّي بالحكومة منعاً لبقاء أشرف ريفي الاستشارات النيابية للتكليف
قبل شهرين و21 يوما من انصرام سنتين على تشكيل حكومة الاكثرية التي ضمت فريقي 8 آذار والوسطيين في 13 حزيران 2011، وبعد سنتين وشهرين واسبوع من تكليفه في 15 كانون الثاني 2011، وضع الرئيس نجيب ميقاتي نهاية لحكومته وبات منذ السابعة والنصف مساء أمس حامل لقب رئيس الحكومة المستقيلة، أو رئيس حكومة تصريف الاعمال.

وفيما يزور الرئيس ميقاتي قصر بعبدا قبل ظهر اليوم لتقديم استقالته الخطية التي أنجزها مساء أمس عقب اعلانه الاستقالة من السرايا، برزت مفارقة لافتة أساسية في الاصداء الفورية للاستقالة تمثلت في طغيان "الصدمة الايجابية" على احتمالات المحاذير السلبية التي قد تنشأ عنها وسط أزمة قانون الانتخاب التي انفجرت بقوة داخل مجلس الوزراء ودفعت ميقاتي، مع رفض فريق 8 آذار تشكيل هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية، وكذلك التمديد للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الى الاستقالة.

وقالت مصادر وزارية مطلعة لـ"النهار" ان معظم الافرقاء الحكوميين لم يفاجأوا بالاستقالة، مما يعني ان الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء مساء الخميس وأقر فيها سلسلة الرتب والرواتب كانت ايذانا برحيل الحكومة وبتسجيل هذه الخطوة كآخر "انجاز" لها. ذلك ان ميقاتي، وفي مشاورات جانبية مع عدد من وزراء فريق 8 آذار هدد بوضوح بالاستقالة ما لم تتم الموافقة على التمديد للواء أشرف ريفي. لكن المفاجأة تمثلت في أن هؤلاء الوزراء أجابوه قائلين: "اذا أردت الاستقالة فافعل".

اما الجانب الآخر البارز في خلفية الوقائع التي أدت الى الاستقالة، فتوردها المصادر نفسها الى عدم اذعان الفريق الوسطي الذي يتقدمه رئيس الجمهورية ميشال سليمان مدعوما من ميقاتي ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط لرفض فريق 8 آذار اقرار هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية بل رفض البحث فيها، ومضي الرئيس سليمان في رفع سلاح التمسك بتطبيق الدستور والقانون حتى حدود اعلانه امس رفع جلسات مجلس الوزراء وتعليقها على شرط تشكيل هذه الهيئة.

وفي المقابل، أظهر فريق 8 آذار تشبثا بموقفه الرافض لتشكيل الهيئة وللتمديد للواء ريفي تحت شعار "لا لأشرف ولا للاشراف" كما نقل عن أحد الوزراء في هذا الفريق، الى حد التضحية بالحكومة التي قيل عنها طويلا إنها "حكومة حزب الله".

موقف "حزب الله"

وتشير المصادر الى ان ثمة أسئلة قد يصعب الاجابة عنها بسرعة، من أبرزها ما يتعلق بسر دفع فريق 8 آذار ولا سيما منه "حزب الله" بالازمة الى حدود تفجير الحكومة وفرطها. وهي اسئلة لا تقف عند حدود الريبة في التسبب بخضة قوية في قوى الامن الداخلي سعيا الى ما تردد عن طموح لايصال اللواء علي الحاج الى المنصب بعد أشهر فقط، بل تتصل بالاجندة الاقليمية للحزب التي لم يعد يمانع معها في خلط الاوراق الداخلية.

لكن أوساط قطب معارض كبير قالت لـ"النهار" ان السؤال المركزي بعد الاستقالة هو لماذا كان التخلص من اللواء ريفي أهم من بقاء الحكومة لدى فريق 8 آذار؟ وأشارت الى ان ميقاتي أبلغ من يعنيهم الامر قبل أيام انه متمسك بالتمديد لريفي، لكن الفريق الآخر وخصوصا "حزب الله" انتهى الى قرار انه اذا أراد ميقاتي الاستقالة فليفعل. وكان لدى هذا الفريق خيار من اثنين، اما الفراغ الأمني واما الحكومة، فاختار التضحية بالحكومة لمصلحة الأول. وتوقعت الأوساط نفسها أزمة طويلة في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة.

ميقاتي و"الشركاء"

في أي حال، بدا الرئيس ميقاتي واضحاً تماماً في ادراج هذا العامل سبباً رئيسياً من أسباب استقالته إذ لفت الى "عدم التجاوب مع مطلبه في التمديد لريفي"، واصفاً التمديد له بأنه "واجب وطني تفرضه ضرورة حماية المؤسسة التي شكلت ملاذاً أمناً للبنانيين". كما لاحظ أن "قانوناً جديداً للانتخابات لن يقر على ما يبدو ضمن المهل التي تسمح باجراء الانتخابات في موعدها". وأعلن استقالة الحكومة "علها تشكل مدخلاً وحيداً لتتحمل الكتل السياسية الأساسية مسؤوليتها وتعود الى التلاقي من أجل اخراج لبنان من نفق المجهول". وخص بالشكر الرئيس سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب جنبلاط، لكنه لم يسم "المكونات الأساسية الفاعلة" الأخرى في الحكومة وان يكن توجه اليها بالشكر أيضاً والتقى ميقاتي عقب اعلانه الاستقالة، اللواء ريفي.

أما بالنسبة الى آفاق الأزمة الجديدة التي فتحتها الاستقالة، فلوحظ أن أوساط فريق 8 آذار امتنعت عن الخوض في أي تكهنات مسبقة، فيما لم تستبعد مصادر نيابية مطلعة أن تفتح الأزمة الحكومية المضافة الى ازمة قانون الانتخاب مسارين مزدوجين للمعالجات المحتملة.

الأول تفرضه الأصول الدستورية في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة ومن ثم استشارات التأليف التي يجريها الرئيس المكلف.

والثاني تحريك موضوع طاولة الحوار الذي لمح اليه ميقاتي في بيان الاستقالة. وتلفت المصادر الى انه من الصعوبة الخوض في أي آلية مفترضة، خصوصاً ان "تلازم الأزمتين" يشكل تجربة معقدة وبالغة الغموض وربما فتحت الباب على الحديث عن "صفقة سياسية" شاملة يكون في صلبها التمديد لمجلس النواب والتوافق على حكومة جديدة مغايرة تماماً للحكومة المستقيلة.

وعلمت "النهار" ان سفر الرئيس سليمان يومي الاثنين والثلثاء الى الدوحة سيرجئ اجراء الاستشارات النيابية للتكليف. كما ان ثمة احتمالاً بعد عودته الى بيروت ان تكون هناك فسحة للتشاور مما يسمح بوقت اضافي يراوح بين أسبوع وعشرة ايام للقيام بالخطوة التالية.

مواقف

ورأى الرئيس فؤاد السنيورة ان استقالة الحكومة "جاءت متأخرة وكان لا بد منها منذ زمن بعيد نتيجة لتشكيل هذه الحكومة بالاضافة الى الأداء الضعيف لها". وأشار الى ان هذه الاستقالة "ستعمل على فتح نوافذ جديدة من الحوار واصلاح الخلل الذي تسببت به هذه الحكومة منذ نشأتها".

وعلق النائب جنبلاط على استقالة الحكومة فقال إن القضية ليست قضية اللواء أشرف ريفي "بل حماية جهاز أمن قام بعمل جبار، واذا كان الرئيس ميقاتي لا يستطيع أن يحافظ على هذا الجهاز فهو استقال". وشدد على "اننا نريد ابقاء فرع المعلومات لا إلغاءه والقضية قضية دولة وليس طائفة". وحمّل من "لم يترك المجال لميقاتي لتعيين موظف" مسؤولية الاستقالة.

وبدوره قدّر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع خطوة ميقاتي ووصفها بأنها "جريئة" خصوصاً انها جاءت على اثر رفض فريق 8 آذار التمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية واصرار هذا الفريق على ادخال البلاد في مزيد من الفراغ الخطير والقاتل". وتمنى على الرئيس سليمان "أن يبادر في اسرع ما يمكن الى تحديد مواعيد الاستشارات والعمل على تشكيل حكومة تحمي الشعب والدستور وتحقق الاستحقاقات في مواعيدها".  

السابق
الرئيس سليمان: في ظل الظروف الراهنة الحوار هو الحل الانسب
التالي
الجمهورية: الإستقالة تُطلق العد العكسي للمشاورات سريعاً لان وضع البلاد دقيق