لبنان يدخل في متاهة الأَنفاق

كم من المرات في اليوم الواحد يتوجب على اللبناني أن يقول:
حمى الله هذا البلد؟
المخاطر تتفاقم والعقد تزداد تعقيداً، ولا مؤشرات تدل على اننا في نهاية النفق بل في بدايته، وما إن نشعر أننا في نهاية النفق حتى نعود القهقري لنتأكد اننا دخلنا في نفق جديد، وهكذا دواليك في سلوكٍ يومي مُلزِم يجعل لبنان مرةً جديدةً ساحةً لتفجُّر صراعات المنطقة.

الأَنفاق التي نحن فيها أكثر من أن تُحصى، فهناك نفق المأزق بين عرسال وجبل محسن ويخشى البعض من تلازم المسارَيْن بين هاتين المنطقتين بمعنى ان التوتر في الأولى يعني توتراً في الثانية، والدليل على ذلك ان التصعيد الذي طاول عرسال أول من أمس تزامن مع تصعيد شهده جبل محسن في الوقت ذاته وفي التوقيت ذاته.

هذا النفق الذي يُعتَبَِر الأخطر، يبدو انه طويلٌ وليس من أحدٍ قادر على معرفة أين تبلغ نهايته، لذا فإن اللبنانيين سيبقون يضعون أيديهم على قلوبهم لأن الإشكالات والتصعيد باتا عملية يومية ولم يعد هناك أي رادع لها.

النفق الثاني الذي لا يقل خطورةً عن الأول هو تداعيات الحرب السورية المفتوحة على الوضع اللبناني على كل مستوياته، فهذه الحرب تسببت حتى الآن في بلوغ عدد النازحين السوريين في لبنان قرابة المليون نازح، هذا العدد مرشح للتصاعد وليس هناك من مؤشرات إلى إنحسارها أو تراجعها أو بروز مؤشرات حل لها.
هذا النزوح الهائل بدأ ينعكس على كل القطاعات اللبنانية، كما ان هذه الأَعداد دخلت في منافسة تكاد تكون غير متكافئة مع اليد العاملة اللبنانية، ويأتي ازدياد هذه الأعداد في وقتٍ تُحجِم المنظمات الدولية عن تقديم المساعدات المطلوبة للنازحين، وإنْ قدَّمتها فبِنسَبٍ لا تفي بالحاجة المطلوبة.

وهكذا، في ظل هذين النوعين من الأنفاق، مَن يعود يُفكِّر بالإنتخابات النيابية؟
كل المشاورات التي جالت بين الدول الأفريقية التي كانت محطات الجولة الرئاسية، وبين الفاتيكان مع المشاورات بين البطريرك الماروني ورئيسي مجلس النواب والحكومة، لم تُفضِ حتى الآن إلى أي نتيجة، فكل طرف يريد الإنتخابات ولكن وفق القانون الذي يُتيح له تحقيق الأكثرية، أما إذا جاء القانون بما لا يتناسب مع طموحاته فعندها لا مشكلة لديه في نسف إجراء الإنتخابات، والبقاء بوضع لا نحسد عليه أبداً.

السابق
رسائل في الحماقة والحرب
التالي
غَرابـة