زيارة أوباما وأوهام السلام

من اهداف زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل كسب ودّ الإسرائيليين وتبديد أجواء الشك وانعدام الثقة بين إدارته والجمهور الإسرائيلي من طريق بلاغته الكلامية وسحره الشخصي. فهل ينجح الكلام الجميل لأوباما في تبديد الشعور باليأس والاحباط لدى الجمهور الفلسطيني بزيارته رام الله؟ وهل يكفي أن يقول للفلسطينيين إن “السلام صعب لكنه ممكن”، كي يقنعهم بامكان تجدد المفاوضات السياسية المتوقفة منذ أكثر من أربع سنوات؟ بالطبع لا، فالزيارة القصيرة بدت وكأنها زيارة “رفع عتب”، مهمتها رفع معنويات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، واثارة الانطباع الواهم أن إدارة أوباما لا تزال تولي النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني جانبا من اهتمامها.
والحقيقة أن ما يسعى اليه أوباما هو كسب ود الرأي العام الإسرائيلي وليس الفلسطيني. فالتوجه الجديد للإدارة الأميركية تبدل ولم يعد هدفه التقرب من العالمين العربي والإسلامي كما كان قبل أربع سنوات، وانما السعي الى توطيد العلاقات وتوثيقها مع إسرائيل، الدولة الحليفة الاكثر استقراراً في المنطقة، والتي تملك نفوذاً كبيراً داخل الولايات المتحدة وداخل الحزب الديموقراطي من خلال الدور الذي يضطلع به اللوبي اليهودي الأميركي.
وعلى رغم كل الجهود التي بذلها أوباما في زيارته للتقرب من الإسرائيليين واظهار وده ودعمه غير المحدودين لهم، فإن هذا لم يبدد بعد الشكوك والمخاوف الإسرائيلية حيال جدية التعهدات الأميركية لحماية أمن إسرائيل والدفاع عنها في مواجهة الخطر المتمثل في حصول إيران على السلاح النووي وانعكاسات تفكك سوريا عليها. فالرئيس أوباما كان واضحاً على ما يبدو، استنادا الى ما سربته الصحف الإسرائيلية عن لقائه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في اعطاء فرصة زمنية للمفاوضات مع إيران، وعدم رغبة اميركا في التدخل في ما يحدث في سوريا. والظاهر أن كلاما كهذا لا يشجع نتنياهو على استعادة ثقته بنيات الرئيس الاميركي.
لقد كان أول ما فعله أوباما لدى وصوله الى مطار بن – غوريون هو زيارة منصة صواريخ القبة الحديد التي مولتها الولايات المتحدة من الخزينة الأميركية التي تعاني تقليصات حادة. وقد عرض نتنياهو في رفقة أوباما “الانجاز العظيم” للصناعة العسكرية في إسرائيل، وتباهى بما حققته من نتائج مذهلة خلال عملية “عمود السحاب” الأخيرة في قطاع غزة. فهل يعلم أوباما ان هذه الانجازات مبالغ فيها للغاية، وأن هذا المشروع الباهظ الكلفة بالاستناد الى معلومات علمية إسرائيلية لم ينجح في اعتراض سوى خمسة في المئة من الصواريخ وليس 84 في المئة كما يدعي الجيش الإسرائيلي؟ أم ان الثقة الأميركية بما يقوله نتنياهو هي فوق كل الشبهات؟

السابق
غَرابـة
التالي
السلم الأهلي أولاً وقبل كل شيء