المشكلة في القانون!


نعم المشكلة في قانون الانتخاب! فالبلد ينشغل بخلافات بين المعنيين بإصدار قانون للانتخاب قبيل الاستحقاق الانتخابي في 9 حزيران المقبل، الموعد المبدئي للانتخابات النيابية الذي أكدّه توقيع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي في مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
هذان التوقيعان اللذان أثارا ضجة كبيرة في الساحة السياسية ليست في مكانها، لأنهما ضروريان من الناحية القانونية، يثبتان أن الرئيسين أرادا التأكيد على موعد الانتخابات وعدم تفويت الفرصة على اللبنانيين. لكن المشكلة تكمن في مكان آخر، إذ اعتبر الرافضون للتوقيعين أن قانون الستين بات ساريَ المفعول. وهذا بالطبع ما لا نريده كحزب، ولا يريده أيضاً رئيسا الجمهورية والحكومة، فلطالما صرّح الرجلان برفضهما
لهذا القانون الظالم والمتخلف. المشكلة هي من جهة، في تجاهل الطبقة السياسية لمشروع قانون الانتخاب الذي أقرّته الحكومة، الذي يعتمد النسبية وأحالته على مجلس النواب، ومن جهة أخرى، انشغال الجميع عنه باستيلاد قوانين «ما أنزل الله بها من سلطان»، ولا يجمع بينها سوى نيّات مطلقيها بتفصيل قانون على قياس قاماتهم ليس إلاّ! فهذا يريد دائرة مصغّرة يضمن فيها العودة مع مجموعته إلى مجلس النواب بكتلة معتبرة، وذاك يريد الالتفاف على غريمه فيعلن عن قانون مسخ على قياس ثأره. وما بين هذا وذاك يجري الحديث عن قوانين تحفظ حصة هذه الطائفة أو تلك، وهذه «المزايدات» كلها بعيدة عن مصلحة الوطن والمواطنية، وفي رأينا لا تخدم إلاّ ظاهرياً، مصالح مختلف الطوائف والملل.
إنها معركة قانون الانتخاب، أو أي لبنان نريد بعد التطوّرات التي لحقت بأكثر من بلد عربي ولا سيما مصر وسورية على وجه الخصوص. فقانون الانتخاب العصري ليس ترفاً، بل ضرورة في لبنان حيث يصبّ البعض في الداخل وبعض الخارج الإقليمي والدولي الزيت على نار الفتنة بين الطوائف والمذاهب، وتحديداً بين السنّة والشيعة. من يثير الفتن لا يأبه لكرامة السنّة ولا الشيعة ولا المسيحيين أو غيرهم من ألوان الطيف اللبناني، بل جلّ ما يريده هو استخدام الفرقة بين اللبنانيين للهيمنة على وطن الأرز. إن استيراد مشاكل المحيط العربي لا يخدم اللبناني بل قد يطيح بالتنوع اللبناني في هذه اللحظة التاريخية من عمر المنطقة، مع ما ينذر ذلك من مخاطر على استقلال لبنان وحريته. إن ما يحتاجه لبنان هو التغيير عبر صندوق الاقتراع، فهل نحن عصيّون على التغيير، وهل قُدّر على اللبنانيين أن تتحكّم بهم هذه الطبقة السياسية التي لم تتغيّر منذ ما قبل الحرب الأهلية اللعينة عام 1975، التي لم تزل تمارس لعبة المخاوف استدراراً لعطف المواطنيين بترهيب بعضهم من بعض؟
بكلمة، إن قانون الانتخاب هو البداية وليس نهاية المطاف. إذا أردنا أن نقف ضد الفساد فعلينا بمجلس تشريعي على قياس المهمة.
وإذا أردنا الوحدة الوطنية، فعلينا بمجلس تشريعي يمنح المواطن درجة المواطنية، وهذا يتطلب مثلاً ألّا يقف المواطن أمام باب الطوارئ من دون الطبابة والدواء.
وإذا أردنا السلم الأهلي فعلينا بنواب يخافون على البلد لا على أملاكهم وخزائنهم.
وإذا أردنا للحرية أن تتأصّل في ربوع لبنان لا أن تبقى شعاراً أجوف، فعلينا بنواب يحفظون حريّة مواطنيهم لا أن يكونوا مجرد «عبيد» عند رئيس الكتلة!

السابق
السلم الأهلي أولاً وقبل كل شيء
التالي
رغدة تتعرض للضرب في القاهرة