أوباما في المنطقة: سورية

العناوين الأساسية التي حملتها زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى «إسرائيل»، التي بدأت أمس بـ»لباس» بروتوكولي بدا «موحّداً» يعكس ألوان العلم «الإسرائيلي» بحسب بعض التعليقات، لم تخرج عن السياق الذي تمّ تداوله بين الجانبين «الإسرائيلي» والأميركي على مدى العام المنصرم على أقل تقدير، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، ومستجدات الوضع في سورية، وما يمكن أن ينشأ عنها من متغيّرات على الساحة الإقليمية إذا خابت توقعاتهما حيال بقاء الرئيس بشار الأسد على رأس الدولة في سورية أو رحيله.
وقالت مصادر دبلوماسية مواكبة للزيارة، إن الجانبين الأميركي و«الإسرائيلي» سيركّزان على مجمل الملفات المرتبطة بالأوضاع في سورية واحتمالات حدوث التغيير المطلوب، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات على المستوى الأمني العام في المنطقة، وانعكاسات ذلك على الدولة العبرية، وهو ما دفع بالإدارة الأميركية الى التركيز على الالتزام الأميركي بضمان أمن «إسرائيل» الأمر الذي عكسه أوباما في خطابه الذي ألقاه في مطار «بنغوريون» لدى وصوله الى «تل أبيب» أمس، حيث قال إن «المنطقة تعصف برياح التغيير التي تحمل معها الآمال»، وشدد على «متانة العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل».. والوقوف الى جانب الدولة العبرية.. لأننا نتشارك القصة نفسها.. ولأن تحالف الولايات المتحدة مع «اسرائيل» أبديّ».
وتقول المصادر إن أوباما حسم الكثير من الخيارات التي كانت ملتبسة حيال سورية قبل زيارته الى المنطقة، وإن التمهيد الحقيقي لها كان من خلال الخطوات التنفيذية التي قامت بها الولايات المتحدة ولخّصت موقفها، ومنها الإعلان عن الإشراف على التدريبات العسكرية للمقاتلين في سورية في عدد من دول الجوار لا سيما منها الأردن، والإعلان المتدرّج عن تسليح هؤلاء بدأ بسلاح غير قاتل وانتهى بغض الطرف عن استخدام صاروخ يحمل موادَّ كيماوية تم إسقاطه على مدينة حلب التي ربما ستخوض آخر معاركها قريباً، ومنها ايضاً المشاركة الفعّالة بإدارة غرف العمليات التي تشرف على المعارك هناك، كما الدفع أخيراً الى إعلان «رئيس لحكومة الائتلاف السوري المعارض» في الخارج كخطوة لها دلالاتها في وضع التصوّر النهائي للمخارج المطروحة للأزمة في سورية.
وفي هذا السياق، فإن خطوة تعيين «رئيس لحكومة» في الخارج لإدارة ما سمي بمناطق «محرّرة» تمّت السيطرة عليها من ِقبل المسلحين، إنما تمثّل أيضاً ما سعت الجهات الدولية منذ بدء الأزمة الى تحقيقه وفشلت فيه، وهو إقامة منطقة سُميّت بـ»العازلة» لتستطيع تلك «الحكومة الموقتة» ممارسة إدارتها منها. وهذا ما يعكس نية الأميركيين في إطلاق التدخل العسكري الذي لوّح به القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، الأدميرال، جيمس ستافريديس، بالقول إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) جاهز لاتّباع الخطوات ذاتها التي اتُخذت في ليبيا حيال سورية، مؤكداً في كلمة أمام مجلس الشيوخ الأميركي، نقلها موقع وزارة الدفاع الأميركية، على أن تدخّل الناتو يجب أن يسبقه قرار من مجلس الأمن الدولي، واتفاق إقليمي، وتوافق بين الدول الأعضاء الـ 28 في الحلف، لكن ستافريديس قال «إننا ننظر في مجموعة من العمليات المختلفة في سورية، ونحن جاهزون عند الضرورة للتدخل كما حصل في ليبيا».
وليس بعيداً من ذلك، فإن الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري الى 9 دول الأسبوع الماضي، كان للمنطقة فيها النصيب الأكبر، لم تخلُ من إدارة شؤون معارضة الخارج السورية وتركيز خطواتها لتثبيت الموقف الذي قررت الولايات المتحدة السّير فيه ومؤداه ولوج الأزمة في سورية حتى نهايتها التي ترجوها وهي إسقاط الرئيس الأسد مهما كلف الأمر.
تستعدّ المنطقة على ضوء ذلك لمواجهة العاصفة الأميركية الجديدة التي يتم التحضير لها بعناية فائقة ضمن ضوابط شديدة خشية انفلات الأمور من عُقالها، ولأنها تشكّل المحاولة الأخيرة قبل التسوية المنتظرة بين محورين دوليين وإقليميين كبيرين وضعا كل جبروتهما في سورية التي يخشى عليها أو منها الطرفان.
عناوين زيارة أوباما لا تخرج عن الأزمة السورية أبداً، فأمن «إسرائيل» يبدأ وينتهي من هناك، كذلك عملية «السلام» بمبادرتها السعودية – العربية التي شبعت موتاً لن تحيا إلا بمشاركة دمشق التي سمحت بوضعها في تلك الفترة أي منذ 11 عاماً ضمن موازين لم يتبدّل منها شيء حتى اللحظة، إضافة الى أمن واستقرار المنطقة برمتها، وضمناً مصالح الولايات المتحدة الأميركية.

السابق
اطلاق صاروخين من قطاع غزة احتجاجا على زيارة اوباما
التالي
هل يتوقع عون 13 تشرين ثانياً؟