ترجمة الحلّ السياسي

الحلّ العسكري في سورية من زاوية التدخل الخارجي فشل وهُزم، بهذه العبارة وصفت مصادر سياسية عنوان المرحلة المقبلة للحلّ السياسي في سورية على قاعدة مقرّرات جنيف كما هي، أي في التفسير الذي وضعته روسيا وليس حسب رغبات وتمنيات الإدارة الأميركية كما كانت تحاول وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون باستمرار التلاعب في الكلام على بعض بنود مقرّرات جنيف.
وتقول مصادر سياسية إنه في ضوء الفشل الغربي وخصوصاً الأميركي لناحية التدخل العسكري، لجأت الإدارة الأميركية ولو بصورة ضمنية وخجولة، إلى التفاوض مع الروسي ولكن تحت عنوان صفيح ساخن، وهذا يعني أن الحوار والتفاوض في أجواء ساخنة عسكرياً سيقابلهما تصعيد على الأرض، وإلا فإن من وجهة النظر الأميركية لا مبرّر لأي تفاوض في حال استقرار الأوضاع الميدانية، وذلك بهدف تحقيق وفرض شروط معينة تسبق أي عملية تفاوض، ومن هذه النقطة بالذات جيء بمعاذ الخطيب الذي بدأ بالحديث عن الحوار، حيث نسف كل ما كانت تطرحه جماعة مؤتمر اسطنبول التي كانت ترفض الحوار إلا بعد رحيل الرئيس الأسد، بغض النظر عن كلام معاذ الخطيب المتناقض والتصريحات التي أدلى بها أكثر من مرة التي لم تصل إلى مستوى المبادرة.
وترى المصادر أن الوزير الأميركي جون كيري عندما قام بجولته في أوروبا وبعض دول المنطقة «الحليفة» للولايات المتحدة الأميركية، أبلغ من يعنيهم الأمر أن إدارته تتجه إلى الدخول في عملية تفاوض مع روسيا، وفي ضوء هذا القرار علينا كما يقول كيري «أن نرمي بكل الأوراق بما فيها عملية التصعيد الميداني من خلال دعم المعارضة والمجموعات الإرهابية المسلحة بالمال والسلاح والمقاتلين، لأن أميركا غير قادرة على حرب مفتوحة مع سورية، وإذا حصل ذلك سيؤدي إلى تفجير المنطقة بأسرها»، ولذلك وكما تقول المصادر السياسية إن وزير الخارجية الأميركي طلب ونصح كل من تركيا وقطر بالكفّ عن المطالبة بالتدخل العسكري في سورية كما جرى في ليبيا، لأن مصلحة الولايات المتحدة عدم تفجير الوضع في المنطقة وتحديداً ما يمكن أن تتعرض له «إسرائيل» وبعض الدول المنضوية تحت لواء وسيطرة الإدارة الأميركية.
وكشفت المصادر السياسية النقاب عن أنه في حال انفجار عسكري كبير تدخل فيه أكثر من دولة كبرى وإقليمية سيكون الأمن الاستراتيجي لأوروبا ولمنطقة الخليج العربي خارج نطاق السيطرة الأميركية، من هنا فإن أي رهان على الحلّ العسكري سيفسح المجال أيضاً أمام التنظيمات الأصولية وتحديداً تنظيم القاعدة وتفرعاته لتنمو على حساب أي مواجهة محتملة وتتوسع رقعة وجودها في بعض دول المنطقة، وهذا ما لا تريده الإدارة الأميركية لأنه يهدّد مصالحها ومصالح «إسرائيل» على جميع المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية.
وأوضحت المصادر السياسية أنه في ضوء كل هذه المعطيات تسعى الإدارة الأميركية مع «حلفائها» إلى إنشاء قوة عسكرية تابعة للائتلاف المعارض لكي تكون بديلة عن «جبهة النصرة» والقاعدة لتمسك بالورقة العسكرية ولكي تكون في مرحلة التفاوض هي الجانب الذي يمثل المعارضة، على أن تكون القوة العسكرية المفترضة بحدود 15 ألف مقاتل وبإشراف أميركي مباشر، وهذه التجربة التي تحاول أميركا تنفيذها على الأرض من خلال إيصال السلاح إلى «جبهة النصرة» بطريقة غير مباشرة، هدفها مزدوج وهو وجود توازن بين «الجبهة» المذكورة والدولة السورية كما يتوهم الوزير كيري الذي سيصل إلى طريق مسدودة، في حين أن الجانب الروسي مرتاح لأدائه ولصوابية مواقفه وقد أبلغ الجانب الأميركي أكثر من مرة أن مواقفه لا تساعد على الإسراع في الحلّ السياسي وأن كل الرهانات الأميركية على خلق قوة توازن تعطيها ورقة في التفاوض وتغيير قواعد الاشتباك لتأخذ سورية إلى المفاوضات وهي ضعيفة ستسقط أمام ضربات الجيش السوري.
وختمت المصادر السياسية بالقول: هناك محاولات مستميتة من قبل الأميركيين و»حلفائهم» في المنطقة وعلى وجه الخصوص الأتراك والقطريين لتحقيق إنجاز عسكري ما في أي منطقة من الأراضي والمحافظات السورية، في موازاة ما تؤكده المصادر من أنه في نهاية نيسان المقبل يجب أن تتم بداية ترجمة الحلّ السياسي بناء على ما اتفق عليه الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين.

السابق
الزوّار الأميركيّون: الانتخابات أولاً
التالي
كاردشيان تعترف بأن الحمل صعب