الفتنة في الشارع بروفة قذرة!

لم نكن بحاجة لحادثي الاعتداء على المشايخ، لنتأكد بأن الفتنة تسرح منذ فترة في الشارع، وأن النيران أصبحت على الأبواب، وأن السلم الأهلي في خطر داهم، وان الأجواء المشحونة بالتوتر وكل أنواع التعبئة السوداء، قاب قوسين أو أدنى من الانفجار المدمر! 
لا يجوز الاختباء وراء أصابعنا، والقول بأن ما حصل في خندق الغميق والشياح، هو من عمل  شبان محششين، فاقدي الإرادة، والوعي الكامل، وهو أشبه بحادث عارض، لمجموعة غير منضبطة، ودون أي خلفيات حزبية أو مذهبية! 

طبعاً لسنا من دعاة تضخيم الأمور، والترويج للأخذ بالثأر وحماية العرض والكرامات، فالوضع الداخلي أصبح من الهشاشة، التي لا تتحمل نفخة من هواء الربيع، فكيف إذا وصلت الأمور إلى التعرض لرموز دينية بهذه الطريقة البشعة والمستهجنة، والتي لم نعرف مثيلاً لها، حتى في ذروة الحرب الداخلية، وخلال أشد مراحلها قساوة.

الفتنة المذهبية ليست كرة قدم يتقاذفها أولاد الشوارع دون حسيب أو رقيب، وإن كانوا من المدمنين على المخدرات و من أصحاب السوابق، لأن الزلزال الذي تحدثه مثل هذه الممارسات الشاذة والخطرة، لن تقتصر تداعياته على أولاد الحي، ولا على أبناء المنطقة التي تقع فيها هذه الحوادث. والكل يدرك بأن الارتدادات المدمرة لن تبقي ولا تذر، وأن نار الفتنة ستنتشر في هشيم النسيج اللبناني، دون أن تفرّق بين سني وشيعي، بين مسلم ومسيحي، ولا حتى بين بريء ومذنب.

والغريب فعلاً، أن الحديث عن الفتنة المذهبية ليس جديداً، بل يعود الى ما قبل ذلك اليوم المشؤوم في السابع من أيار عام ٢٠٠٧، ومع ذلك بقي حديث القيادات الحزبية والسياسية على حدته، واستمر اللعب على الوتر المذهبي، وارتفعت الجدران عالية بين أبناء الحي الواحد، والحارة الواحدة، بل وصلت شياطين التمذهب إلى التفريق بين الزوج وزوجته! 

لا يكفي أن ينزل الجيش والقوى الأمنية للفصل بين المناطق والشوارع المتداخلة، ولم يعد مسموحاً أن يتم توقيف متهمين نهاراً وإطلاق سراحهم ليلاً، ولا يجوز أن تكتفي القيادات ببيانات الاستنكار وتبقي على خطابها الناري والتعبوي والتحريضي الذي أوصل البلاد والعباد الى أتون الفتنة، التي وصلت الى الشارع، وراحت تعمل تقطيعاً لأوصال بيروت والمناطق، وتهدد بوقوع الطامة الكبرى بين ساعة وأخرى! 

لا ندري إذا كنا ما زلنا قادرين على القول بأن الأولوية المطلقة لجميع الأطراف السياسية والحزبية، وخاصة حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل، يجب أن تنصب على إحباط الفتنة وإخماد نيرانها في المهد، قبل ان تذر قرنيها في طول البلاد وعرضها، وتخرج التطورات عن السيطرة، ويقع الجميع في مهب كارثة لن يخرج أحد منها رابحاً ولا حتى سالماً، ويحملون وزر قصورهم إلى يوم الدين! 
والمسؤولية الأولى والأخيرة، تقع على عاتق الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية، في التصدي للمتلاعبين بنار الفتنة، وإنزال أشد العقوبات بهم، حتى يكونوا فعلاً عبرة لكل من تسوّل له نفسه جر الفتنة إلى الشارع، سواء كان محششاً، أم متآمراً! وكشف من يقف وراء هذه «البروفة القذرة»، والتي لم يكن حصولها بالتزامن في موقعين متباعدين، مجرد صدفة بريئة، نسجت خيوطها أضغاث الحشيشة الملغومة!

السابق
شربل: الاعتداءات السورية ستبحث في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء
التالي
المعارضة تنتخب هيتو رئيسا لحكومتها..ودعوات اميركية للتسليح