الرحباني وحفلة في الشمال

يستعيد زياد الرحباني «واقعة وقعت» في العام 1991 ليشرح عن علاقة الجمهور بالموسيقى. «كنا طالعين ع الشمال، بشي بيشبه ميني فان، وآخدين معنا أجهزة صوت. كنا سيارتين ورا بعض. وكان الطريق بيمرق على 22 حاجز للجيش السوري. عند كلّ حاجز كنا نقلهن نحن فرقة موسيقية. وأوَّل سؤال يسألوه: وين المطرب؟».
صباح اليوم، يتجّه الرحباني مع فرقة «أرثوذكس» إلى أنفة في الشمال، لتقديم حفلين تحت عنوان «صارت قريبة»، اليوم وغداً السبت، في مجمّع «لاس ساليناس». من بين 22 عنواناً، سيستمع الجمهور إلى ستّ «قطع موسيقية» فقط. العناوين الأخرى تتنوع بين غناء، ومشاهد مسرحية لـ«إشيا انكتبت بالصحافة». في الحفل أيضاً كلمة لـ«شيوعيين من المنطقة» من الرافضين للوضع الحالي للحزب، والمطالبين بإجراء «نفضة» كاملة وليس الاكتفاء بالنقد الذاتي. هذه الكلمة ليست مجرد لفتة، فجزء من اهتمامات زياد الشيوعي ينصبّ حالياً على ضرورة حدوث تغييرٍ ملموس قبل انتخابات الحزب في أيلول المقبل.
برنامج الحفل إذا سيكون امتداداً للحفلات التي قدمها زياد مؤخراً مع فرقة «أرثوذكس»، مع تعديل في جزء من المضمون. «أرثوذكس يعني جماعة مبدئيين ومعندين. الاسم كان بين المزح والجد. عدّينا الفرقة وانتبهنا أنه أكثر عناصرها من أبناء الطايفة. يمكن هيدا يضرّ الفرقة، مارونياً مثلاً، مش محبوبين. أنه شيعة متنكرين بمسيحية. بس حتى جماعة «القاعدة» «أرثوذكس»، يقول زياد لـ «السفير».
من «قديم الرحابنة» ستغني الفرقة أغنيتين فقط: «بقطفلك بس»، و«على مهلك»، مع الحرص على الإبقاء على بعض العناوين التي قدّمت في الحفلات السابقة، لأن «الشمال متروك، بتعرض إشيا هونيك بتلاقي الناس أول مرّة عم يسمعوها».
عروض أنفة كانت ثلاثة، ألغي عرض منها بالأمس، بعدما توقف عدد البطاقات المحجوزة عند 90 بطاقة فقط. الجو الأمني الذي أشاعه تهديد الشيخ أحمد الأسير بقطع الطرقات ربما يكون السبب. «يمكن الأسير عم يعمل خطة سير كبيرة، وما حدا عارف. خطة كبيرة، لدرجة أنه السير سلك بكل بيروت. ومن هون (الحمراء) للمتحف وصلت بعشر دقايق بس». «خطة الأسير» تثير في زياد الرحباني استفسارات كثيرة عن عدم معالجتها: «مين عم يمنع الدولة توقفه؟ نحن ما بعرف قديش بدنا نضلّ ساكتين، نحن يعني حزب شيوعي وناس مش بالحزب، أكثرية صامتة، أو السني يللّي مش مع الأسير وما إله علاقة بكلّ هالموجة».
يعود زياد الرحباني إلى حفل اليوم. يترك الخيار مفتوحاً على أغنيات من خارج البرنامج. منها مثلاً أغنية طالبه بها الجمهور، من طرابلس تحديداً، وهي «أنا مش كافر». الأغنية نفسها طُلبت في «مهرجان القاهرة الدولي الخامس لموسيقى الجاز»، في الثالث والعشرين من آذار الجاري. يقول زياد أن طلب هذه الأغنية تحديداً يعود ربما إلى «الركضة» الدينية في المنطقة. برأيه، هناك مبالغة في تصويرها، وأنّها ليست حقيقية. «يعني إذا الشعب المصري وعم يرفضها، مين بدك يقبلها؟ السوري؟ أكيد لأ».
و«على سيرة المهرجان»، ينفي زياد الرحباني صفة الجديّة عن الدعوة التي أطلقها نشطاء على «فايسبوك» لمنعه من المشاركة، بسبب ما أسموه «موقفه من الثورة السورية». هذه الدعوة اقتصرت على نطاق محدود، ولم تخرج من إطار العالم الافتراضي، ولن تؤثر بالتالي على حضوره في المهرجان الذي يشارك فيه موسيقيون كبار من العالم.
ومن القاهرة إلى بيروت، يكشف الرحباني بعض ما أثير مؤخراً حول خلافه مع الجمهور، وتحديداً بعد «حفل ضبية». «إذا ضلّوا مخابرات الجيش مصرّين ما بدهم يحكوا، بس الناس عم تتهمني إلي». يتحدَّث زياد عن «خبرية» وصلت إلى المنظمين عن وجود «خطر أمني ما» في الصالة، ليتأكدوا لاحقاً من وجود خطة لإفشال الحفل. «كان في مجموعة مقسمين ومنسقين ليعملوا الضجة»، وما حدث موثق من خلال خمس كاميرات صورت الحفل، بحسب الرحباني.
«خطة التخريب والترهيب» التي بدأت بإنذار أمني، استُكملت بملاحقة تعرضت لها السيارة التي استقلها زياد الرحباني في أعقاب حفل الـ«أونيسكو»: «شو هالصدفة في فرق جمعة بين الليلتين». انتهت الملاحقة على خير، لكن السؤال عمّن يقف خلفها ظلّ من دون جواب. الجواب الوحيد الذي يستنتجه زياد هو احتمال «تورّط» جهاز أمني في الأمر، بحسب ما أفادته المعلومات التي جمعها حينها.
وبين الأمن والفنّ، يعود زياد الرحباني للحديث عن المشاريع المعلّقة. المسرحية التي سبق وأعلن عنها قبل أشهر، لم تلغَ، لكنها مؤجَّلة في هذه الظروف. ألبوم فيروز المرتقب تأجَّل أيضاً إلى الصيف المقبل، «إذا الأسير خلّص وصلته، لأنه يمكن يكون مشارك بالمهرجانات كمان». إلى حينها، سيكمل زياد جولاته، من قرنة شهوان في أيار المقبل إلى مهرجان «إهدنيات» في الصيف. كما يدرس فكرة إقامة حفلات شهرية في الـ«أونيسكو». أما الجديد فهو برنامج إذاعي يتوقع أن يعلن عنه قريباً، في حال نجح مسعى إطلاق إذاعة جديدة، تبثّ في أوقات محدّدة كل يوم.

السابق
14 آذار.. تطفئ الشموع أم التجربة؟
التالي
هذا ما سيقوله المفتي اليوم…