14 آذار تحتفل بما تبقى لها من الذكرى في ظل التصدع بين مكوناتها

تحتفل قوى 14 آذار بالذكرى الثامنة لما تبقى من "ثورة الأرز"، بوضع أكاليل من الزهور على قبور الشهداء، على أن يجتمع الخطباء الاحد، في مجمع البيال.
وسط تحديات خارجية وداخلية، فقدت 14 آذار معناها ووظيفتها السياسية وما مثلته في المجتمع اللبناني وقت صعودها، فالمشاكل كبيرة داخل بيتها السياسي كالتحالف الذي بات تجانسه وكأنه على المحكّ. وإذا كان مشروع قانون "اللقاء الارثوذكسي" للانتخاب كشف عن النتوءات بين مكونات 14 آذار، فإن التصدّع وإن تصوّره البعض عرَضياً، كما أعلن الرئيس أمين الجميل، "ان 14 آذار باقية أياً تكن العراقيل والمعوقات بين قواها الرئيسية، لأن هذه التباينات خلافات هامشية مقارنة بالبعد الوطني للحركة".

إلا أن الحقيقة تظهر عكس ذلك، فثمة تعثرات تمر بها هذه القوى، بعضها ذاتي ويتصل في جزئه الأكبر بعدم بلورة إطار تنظيمي جامع، وبعضها الآخر يتّصل بالصراع الداخلي الذي جعلها على مدى ثمانية اعوام تتعرّض لخسارات متتالية سواء بالاغتيالات التي طاولت رموزاً فيها او بالتسويات التي لم تُحسن إدارتها وصولاً الى العام 2011 حين وجدت نفسها للمرة الاولى خارج السلطة بعد الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، وصولا الى المتغيرات الاقليمية التي تأتي في طليعتها الثورة السورية، وانعكاساته على الداخل، والشحن الطائفي بين السنة – الشيعة الذي يخلقه في المنطقة، وتعزيزه في الخطابات السياسية لبعض من رجالات هذه الثورة.

لا شك في أن 14 آذار جسّدت في أشهرها الأولى جانباً من معاني المصالحة الوطنية بعد الحرب، ولو أن بعض التطوّرات اللاحقة عدّلت سلبياً في ذلك. كما أنها حقّقت، نتيجة التعبئة الشعبية والضغط الدولي الذي رافقها، الخروج العسكري السوري من لبنان. وجرى كذلك إقرار المحكمة الدولية في ما خص اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا كان من أبرز مطالبها. إلا أن الإخفاقاتها كانت أكثر، وتمثّلت في المقاربات المتسرّعة للكثير من القضايا، كالتحالف الرباعي الى المسألة العونية والاستخفاف بها وبأثرها السياسي – الطائفي، وفي الخطاب السياسي ومصطلحاته التي عززت الطائفية، وفي المراهنة على المتغيّرات أو العناصر الخارجية واعتبارها كافية لحسم الصراع، وفي الارتباك خلال حرب يوليو 2006 وعدم التمييز بين المعركة السياسية مع حزب الله وسبل التعامل مع بيئته الاجتماعية والمذهبية.

إضافة الى التعامل الخاطىء مع موضوع سلاح حزب الله، الذي خلق حالة من العدائية مع الطائفة الشيعية التي اعتبرتهذا التعامل الارتجالي بمثابة تهديد للحزب ولموقعه الدفاعي عن أهالي الجنوب بشكل خاص ولبنان بشكل عام، في وجه اسرائيل، كل هذه العوامل وأكثر أدت الى تصدع هذه الحركة وانحصارها من إحتفال شعبي حاشد الى مهرجان خطابي يرأسه فارس سعيد في مجمع البيال.

السابق
سيرا ترأس الاجتماع العسكري الثلاثي
التالي
اتهام لإيران باستخدام لبنان ممراً