بلـد بالمقلـوب: نجوى وهيفا وفضل!


بالتأكيد لم يكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جاداً في اقتراحه الرامي الى اعتماد مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» الانتخابي بالمقلوب، بحيث ينتخب المسلمون النواب المسيحيين، وينتخب المسيحيون النواب المسلمين. لقد بدا دولة الرئيس وكأنه يسخر من الواقع اللبناني وحالة البلد وأهل السياسة فيه.
رُب سائل في هذا المجال ان حالة البلد كلها بالمقلوب، فلماذا لا يكون الانتخاب بالمقلوب، خصوصاً أن «التعايش الاسلامي- المسيحي» في لبنان هو في «أرقى» حالاته؟ فلنفترض ان هذا الاقتراح تحول الى حقيقة جدية، فماذا سيحصل من قبل ومن بعد؟
سوف تكون حركة «أمل» و«حزب الله» مضطرين لخوض الحملة الانتخابية بالمقلوب، فيروجان للعماد ميشال عون وسليمان فرنجية وحلفائهما المسيحيين، في الجنوب والضاحية وبعلبك والهرمل وزقاق البلاط. في المقابل يفترض ان تملأ صور الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله شوارع الاشرفية وبرج حمود وكسروان والمتن والبترون وزغرتا.
سوف يعمد تيار «المستقبل» لتسويق حلفائه المسيحيين في قريطم والبسطة ورأس النبع وصيدا وبر الياس وعرسال وباب التبانة والميناء وعكار، التي يفترض ان تضج أحياؤها بصور امين الجميل وسمير جعجع . وفي المقابل يفترض ان تتعملق صور سعد الحريري وفؤاد السنيورة في جونيه وبعبدات وبيت مري والبترون وبشري وغيرها.
هنا يُخشى ان تحصل اختراقات خطيرة، كأن تظهر في شارع هادي نصر الله في الضاحية لافتة ضخمة تقول: انتخبوا فارس سعيد «حبيب المسلمين». ولافتة أخرى في فاريا مضمونها: ايها المسيحيون، الشيخ أحمد الأسير منكم ولكم (مع كامل الاحترام للرجلين).
هذا من قبل. اما من بعد، فلنتصور اي مجلس نيابي سيكون للبنان «المحبة والتعايش المشترك»:
لأن اللبنانيين ملّوا السياسة وأهلها، ربما ينقلب مزاجهم نحو أهل الفن مثلا، فيغدو مجلس النواب «فنياً» بامتياز.عندها ليس غريباً ان تصبح نجوى كرم رئيسة للجمهورية، وهيفاء وهبي رئيسة للمجلس، وفضل شاكر رئيساً للحكومة.
وهكذا بدل ان يعيد القانون الأرثوذكسي بنسخته الحالية لبنان مئة سنة الى الوراء، فقد يدفع «الأرثوذكسي» بنسخته المقلوبة البلد مئة سنة الى الأمام. عندها نكون كمن يرمي نفسه في النار، فإما ان تحرقه وإما ان يطفئها. وأغلب الظن انه لن يطفئها، لأن «المقلوب» لن يغير حرفاً في كتاب لبنان الطائفي.
أحد الظرفاء علّق على اقتراح ميقاتي بالقول: لماذا لا نريح اللبنانيين من الانتخابات وأثقالها. يقول رئيس الجمهورية إن ربع سكان لبنان (مليون ونصف المليون) باتوا من السوريين والفلسطينيين، وما دامت الدنيا بالمقلوب، فلماذا لا نكلفهم باختيار نوابنا، فهم يعرفون عنا اكثر مما نعرف عن انفسنا؟ واذا كان اللبنانيون قد أدمنوا الانتخابات فلنكلفهم بانتخاب مجلس النواب المصري، وبذلك نحل أزمة لبنان ومصر معاً!
كان محسن ابراهيم يردد خلال الحرب وحملات التهجير شعار «سبحان الباقي في الحي»، وهو الشعار المقلوب لـ«سبحان الحي الباقي». ولأن هاجس الحرب يسكن اللبنانيين جميعا في هذه الأيام، أحرى بأهل السياسة ان يتفقوا على قانون انتخاب عصري وطني قبل ان يتحقق شعار محسن ابراهيم مرة أخرى.
بالتأكيد لم يكن ميقاتي جاداً في اقتراحه. إنها مزحة خفيفة تستأهل النشر في الـ«فايس بوك» وعبر الـ«واتس أب»!

السابق
فاطمة والسلطانة تتسابقان على الزّواج
التالي
المستقبل والقوات ومرارة مُتبادلة!