الشيعة في اندونيسيا متهمون بـالزندقة

"ألسنا جميعاً مسلمين؟"، تتساءل صليحة، التي لجأت من اشهر الى ملعب رياضي مقفل يغزوه الذباب، بعدما طردتها من قريتها جموع قتلت والدها بالسيف. جريمتها؟ انها شيعية في اندونيسيا، البلد المسلم الذي تفرض فيه الاكثرية السنية ارادتها.
نحو 200 شيعي لجأوا، كصليحة، الى ذلك الملعب في سامبانغ شرق جزيرة جاوا. وعلى فرش رقيقة مدت على الارض، ينامون هنا منذ آب الماضي. قبل مدة، توقفت السلطات عن تزويدهم الماء والمواد الغذائية، فاضطروا الى الاستعانة بمواردهم الضئيلة لشراء ما يسد رمقهم.
روها، ربة المنزل(21 عاما)، باعت الشيء الوحيد الذي تمكنت من انقاذه عندما هربت من قريتها، وهو خاتم ذهبي، كي تتمكن من شراء ما يقيتها ويقيت عائلتها. لكن المال سرعان ما نفد. "لم اعد استطيع شراء الحليب. وطفلي يشرب الماء اليوم"، تقول.
وتؤكد صليحة (22 عاما) "اننا لا نريد ان نعيش مثل لاجئين. نريد العودة الى منازلنا، الى القرية التي ولدنا فيها". لكن السلطات المحلية والدينية تشترط لهذه العودة ان يعتنق هؤلاء الشيعة المذهب السني. واذا لم يفعلوا، فليغادروا المنطقة.
"انهم زنادقة"، يقول الرئيس المحلي للمجلس الاندونيسي للعلماء بوشوري مقسوم. "في سامبانغ، يتنقلون من قرية الى اخرى، للترويج لعقائدهم المنحرفة وتشجيع اشقائنا السنة على اعتناق مذهبهم. انهم فعلا محرضون".
في ك2 2012، اصدر المجلس الاندونيسي للعلماء في جاوا الشرقية فتوى اعتبرت الشيعة زنادقة. ورد موناجي، رئيس قرية سامبانغ، ان "الشيعة ليسوا مرحبا بهم في الجماعة، الا اذا اعتنقوا السنية". غير ان اللاجئين يرفضون هذا الخيار. وتقول روها: "كل ما اعرفه هو اني لن اتخلى عن مذهبي. واصلي كي يقبلنا السنة". وتتساءل صليحة: "نؤمن جميعا بالاله نفسه، والنبي نفسه، والقرآن نفسه. فلماذا لا نستطيع ان نعيش معا بسلام؟".
في اندونيسيا، من الصعب تقدير عدد الشيعة، لأنهم غالبا ما يمارسون شعائرهم في الخفاء. ففي الارخبيل الآسيوي الذي يضم 240 مليون نسمة، غالبا ما يتعرض الشيعة لترهيب واعتداءات، على غرار ما يتعرض له اتباع اديان اخرى اقلية، كالمسيحيين او الاحمديين.
وتقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ان التعصب الديني يزداد تفشيا. فقد احصى معهد "سيتارا" من اجل السلام 308 "حوادث" طالت مجموعات دينية اقلية، خلال الفصل الاول فقط من العام 2012. ولفت الى ارتفاع واضح لتلك الحوادث، بالمقارنة بـ2011(543 حالة)، و2010(502)، و2009(481).
في سامبانغ، وقع اخطر اعتداء على الشيعة. يومذاك، هاجمهم مئات السنة المسلحين بالمناجل والسيوف، حارقين 30 من منازلهم وقاتلين بالسيف والد صليحة. "كانوا يلقون الحجارة ويصرخون احرقوا الشيعة، واقتلوا الشيعة". يتذكر طاهر، شقيق القتيل. "حاول اخي تهدئتهم، لكنهم قتلوه. هرعت محاولا انقاذه، لكنهم هاجموني". ويكشف عن جرح طويل خلّفته على ظهره وبطنه ضربة منجل.
في ك1 2012، بدأت محاكمة مسؤول ديني سني متهم بالاعتداء والقتل العمد. وهي تهمة يعاقب عليها بالسجن 20 سنة. لكن مدافعين عن حقوق الانسان يقولون ان القضاة غالبا ما يميلون الى الرأفة في هذا النوع من القضايا. في هذا الوقت، بدأ صبر لاجئي سامبونغ ينفذ. ويقول اكليل الملال، مندوب مجموعة لاجئة الى الملعب: "ننوي العودة الى قريتنا. نحن على استعداد للمواجهة، وليس لدينا ما نخسره".  

السابق
مصطفى قمر ينتهي من تسجيل البومه
التالي
النظام الأسدي هو من قاد العملية السياسية في لبنان